الفساد والمرض يفتكان بضحايا الغسيل الكلوي في مصر

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018 01:09 ص

أعادت وفاة 7 مرضى وإصابة العشرات جراء الغسيل الكلوي بمستشفى "ديرب نجم المركزي" بمحافظة الشرقية، شمال القاهرة، فتح ملف الإهمال والفساد الذي ضرب منظومة الصحة في مصر، وتفاقم معاناة الآلاف من المصريين ممن يحتاجون لغسيل الكلى بصورة دورية.

ووفق إحصاءات غير رسمية، فإن 25% من مرضي الفشل الكلوي في مصر يموتون سنويا في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض 10%، وفقا للجمعية المصرية للكلى.

وتشير تقديرات إلى أن مصر بها نحو مليونَي مريض مصاب بالفشل الكلوي، ومعظمهم دون الخمسين من عمرهم.

مأساة "ديرب نجم"

وتثير واقعة "ديرب نجم" جدلا واسعا بعد تداول الواقعة بكثافة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتداول روايات لأهالي الضحايا عن تعرض ذويهم فجأة إلى توقف بالتنفس وزرقان بالجسم خلال تلقيهم جلسة غسيل كلوي دورية بالمستشفى المذكور (حكومي)، قبل أن توافيهم المنية.

ورغم قرار النائب العام المصري التحقيق في الواقعة، فإن المسؤولية تم التنصل منها من قبل وزارة الصحة، والأجهزة التابعة لها، وسط اتهامات موجهة للشركة المسؤولة عن عمليات الصيانة، وهى "الشركة المصرية الدولية للهندسة الطبية".

اللافت أن الواقعة سبقها بأيام استقالة مدير المستشفى "فريد حافظ"، الذي كشف عن مطالبته بتغيير فلاتر أجهزة الغسيل الكلوي، لكن وكيل وزير الصحة بالمحافظة لم يستجب لمطلبه. 

ووقعت المأساة بعد الصيانة مباشرة، فيما استدعت النيابة القائم على إدارة المستشفى، وأغلقت وزارة الصحة مركز الغسيل بالمستشفى، وتقرر سحب عينات من المياه المستخدمة في تلك العمليات، والتحفظ على الأجهزة والأدوات المستخدمة في عمليات الغسيل، وندب الطلب الشرعي لتشريح الجثامين لبيان سبب الوفاة.

الفلاتر أم الضمائر؟!

أسباب المأساة تتراوح بين تعطل أجهزة الغسيل الكلوي، أو سوء حالة الفلاتر الخاصة بالوحدة التي شهدت الواقعة، أو تلوث الأجهزة، أو غياب الضمير؛ ما جعل وزيرة الصحة "هالة زايد" تشعر بـ"ذنب كبير"، وفق تعبيرها.

لكن "هالة" خلال إجتماع لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، الثلاثاء، اعتبرت أن "الخطأ البشري وارد"، متوعدة بمحاسبة المخطئين، واتخاذ الإجراءات اللازمة.

و"هالة" كانت عضوا بمجلس أمناء أكاديمية 57357 للعلوم الصحية، التابعة لمستشفى سرطان الأطفال، الذي تفجرت حوله قبل أسابيع فضيحة كبيرة تتعلق بوقائع فساد وإهدار تبرعات المصريين، وإجراء تجارب سريرية دون علم المرضى.

أما مدير "الشركة المصرية الدولية للهندسة الطبية"، "أحمد العناني"، فقد تنصل من المسؤولية، مؤكدا أن آخر عملية صيانة لمحطة المياه التابعة لوحدة الغسيل الكلوي بمستشفى "ديرب نجم المركزي" كانت قبل واقعة وفاة المرضى بيوم واحد، و"تمت على أكمل وجه"، على حد قوله.

ويقول عاملون في المستشفى إن مندوب شركة الصيانة لم يجر تجربة لماكينات الغسيل الكلوي بعد عملية الصيانة، كما أنه لم يخبر الطبيب المشرف على المرضى بذلك؛ما تسبب في تسرب السموم إلى أجسام المرضى.

عدوى وإيدز

ويشكو المرضى من تعطل أجهزة وحدات الغسيل الكلوي بشكل دوري، ونقص الفلاتر والإبر المستخدمة في الغسيل، وغياب الأطباء عن متابعة المرضى أثناء تلقيهم جلسات العلاج، إضافة إلى زيادة نسبة الكلور فى المياه المستخدمة.

وفي وقت سابق من أغسطس/آب الماضي، شهدت وحدات الغسيل الكلوي بمحافظة أسوان (جنوب)، خضوع حالة مصابة بفيروس الإيدز لغسيل كلوي؛ ما أثار مخاوف وقتها من حدوث أضرار لبقية المرضى؛ نظرا لعدم وجود جهاز خاص بالمصابين بالإيدز.

المثير للدهشة أن وحدة الغسيل الكلوي التي شهدت المأساة في "ديرب نجم"، تم افتتاحها في 5 مايو/أيار الماضي، بحضور محافظ الشرقية السابق، اللواء "خالد السعيد".

ويقدر عدد ماكينات الغسيل الكلوي في المستشفيات الحكومية والجامعية والمراكز الخاصة بنحو 17 ألف ماكينة، كل واحدة تخدم 6 مرضى في المتوسط يوميا، وأغلب هذه الماكينات يفتقد عمليات الصيانة والنظافة الدورية؛ ما يجعلها وسيط ناقل للعدوى والأمراض والفيروسات.

وتعاني مصر التي تحتضن نحو 460 مركزا خاصا وحكوميا لغسيل الكلى، من ارتفاع نسب الإصابة بالمرض دون سن الـ50 عاما في دلالة على تردي الرعاية الصحية، بينما تنحصر الإصابة في الدول الأوروبية بين سن 70 و80 عاما.

 

  كلمات مفتاحية

مصر الغسيل الكلوي ديرب نجم وزارة الصحة الشرقية هالة زايد

سيل من الفساد في مصر يكشفه سؤال عابر بفيسبوك