اتفاق إدلب.. دفن لأحلام الأسد وتوطيد لعلاقات تركية روسية

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018 11:09 ص

"اتفاق إدلب يضمن حماية المدنيين من الاستهداف المباشر ويدفن أحلام رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، من إعادة إنتاج نفسه، وفرض كامل سيطرته على سوريا.

هكذا وصف المسؤول في الجيش السوري الحر "مصطفى السراج"، اتفاق إدلب الذي أبرمه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، أكبر حلفاء "الأسد"، مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الاثنين، بإقامة منطقة منزوعة السلاح ينسحب منها "المتشددون"، بحلول منتصف الشهر المقبل.

واتفق الرئيسان الروسي والتركي، على أن تكون المنطقة منزوعة السلاح تحت إشراف قوات روسية وتركية.

ولم يوضح "بوتين" أو "أردوغان"، كيف يخططان لتمييز مقاتلي المعارضة "ذوي التوجهات المتشددة"، عن غيرهم من جماعات المعارضة المناهضة لـ"الأسد".

كما لم تتبين حتى الآن المساحة التي ستدخل في نطاق المنطقة منزوعة السلاح من مدينة إدلب.

وأمام ذلك، سترسل تركيا المزيد من جنودها إلى إدلب، بعدما جنب الاتفاق المحافظة هجوما عسكريا من جانب قوات الحكومة، وأثلج صدور أعضاء المعارضة الذين قالوا إنه قضى على آمال "الأسد" في استعادة سيطرته الكاملة على سوريا.

وقال "بوتين"، إنه بحلول يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيجري سحب جميع الأسلحة الثقيلة وقذائف المورتر والدبابات ونظم الصواريخ الخاصة بالمعارضة من المنطقة منزوعة السلاح، وأضاف أن "هذا اقتراح أردوغان".

ورحبت دمشق بالاتفاق، لكنها تعهدت بمواصلة حملتها لاستعادة "آخر شبر" من الأراضي السورية، فيما قالت إيران، حليف "الأسد" أيضا إن "الدبلوماسية المسؤولة" جنبت إدلب الحرب "بالتزام صارم بمحاربة التطرف".

وقلص هذا الاتفاق احتمالات شن الجيش السوري هجوما حذرت الأمم المتحدة من أنه سيخلق كارثة إنسانية في منطقة إدلب، التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين شخص.

وتعد منطقة إدلب والأراضي المجاورة الواقعة شمالي حلب، آخر معقل كبير للمعارضة السورية في البلاد، حيث ساعد الدعم الإيراني والروسي العسكري "الأسد"، على استعادة معظم المناطق التي كانت المعارضة تسيطر عليها.

لكن دور تركيا على الأرض عقد خطط "الأسد"، لاسترداد شمال غرب البلاد.

وتنشر أنقرة عسكريين في 12 موقعا بإدلب، وتزود بعض قوات المعارضة بالسلاح.

ويخشى "أردوغان" من موجة لاجئين أخرى بعدما استقبلت بلاده 3.5 مليون لاجئ حتى الآن، وحذر من أي هجوم.

وبإبرام الاتفاق، يبدو أن روسيا فضلت، على الأقل في الوقت الراهن، علاقاتها بتركيا على هدف إعادة كل الأراضي السورية إلى سلطة "الأسد"، حسب "رويترز".

واصطدم هذا الهدف أيضا بوجود قوات أمريكية شرقي نهر الفرات في إطار تحالف مع قوات كردية وعربية، وفي قاعدة قرب الحدود مع الأردن والعراق.

تحديات

وحذر خبراء من أن تنفيذ الاتفاق يواجه تحديات كبيرة، خاصة كيفية التمييز بين المتشددين وغيرهم من مقاتلي المعارضة، وهو أمر تسعى أنقرة لتنفيذه منذ فترة.

وقال وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، إن "المعارضة المعتدلة" ستحتفظ بأسلحتها، وإنه "سيتم تطهير المنطقة من المتشددين".

وأوضح الوزير أن تركيا "سترسل المزيد من قواتها"، وأن نقاط المراقبة الأمنية التركية ستظل كما هي.

وأضاف "جاويش أوغلو"، أن الاتفاق كان "مهما للغاية من أجل حل سياسي في سوريا.. لو فقدت (إدلب) أيضا لانتهت المعارضة".

فيما قال المتحدث باسم لجنة المفاوضات السورية المعارضة "يحيى العريضي"، إن الاتفاق أوقف الهجوم الذي ظلت القوات الحكومية تحشد له في الأسابيع القليلة الماضية، ووصفه بأنه "انتصار لإرادة الحياة على إرادة الموت".

وقالت الحكومة السورية في بيان نشر على وسائل الإعلام الرسمية، إنها رحبت بالاتفاق الذي "حقن الدماء"، مضيفة أن "الاتفاق له إطار زمني محدد لكنها لم تقدم تفاصيل بشأنه".

وأضاف السفير السوري لدى لبنان "علي عبدالكريم"، في مقابلة مع قناة "الجديد" اللبنانية، إن "حكومته لا تثق في تركيا"، الداعم المهم للمعارضة السورية التي نشرت قوات في شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة.

وتابع السفير: "أنا أراه اختبارا لمدى قدرة تركيا للوفاء بتنفيذ هذا القرار، لأن هو محشور وتقديري أنه سيحاول الوفاء".

وزاد: "نحن لا نثق بتركيا (...) ولكن مفيد أن يستطيع الترك أن يجروا هذا الصدام لاستئصال أو تجريد هذه المجموعات من السلاح... قد تتحمل تركيا هذه المسؤولية وهذا مفيد".

تجنب كارثة

من جانبها، قالت روسيا إن الاتفاق "يؤكد قدرة موسكو وأنقرة على التوصل لتسوية... تصب في صالح الهدف النهائي وهو التسوية في سوريا عبر وسائل سياسية ودبلوماسية".

وقال مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة "مارك لوكوك"، خلال اجتماع شهري في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا: "هل هذا مجرد وقف تنفيذ أم بداية فترة هدوء؟".

فيما قالت الرئاسة التركية، إن الاتفاق، سيحول دون وقوع أزمة إنسانية كبيرة في إدلب.

ويسيطر عدد من الجماعات على إدلب، أقواها "هيئة تحرير الشام"، التي تضم عددا من الجماعات الإسلامية على رأسها "جبهة النصرة" (سابقا)، التي كانت مرتبطة بـ"القاعدة"، حتى عام 2016.

ويعد الاتفاق ثمرة لجهود تركية دؤوبة للحيلولة دون تنفيذ النظام السوري وداعميه هجوما عسكريا على إدلب؛ آخر معاقل المعارضة، حيث يقيم نحو 3 ملايين مدني، ومئات الآلاف من النازحين.

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

إددلب بشار الأسد روسيا سوريا بوتين تركيا قوات تركية