"نمبر وان من غير لامبورجيني ومن غير نمور ومطاوي وقلة أدب".. هكذا كان أحد تعليقات ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، على الأغنية الجديدة التي طرحها الفنان "أحمد مكي"، بعنوان "أغلى من الياقوت".

الأغنية التي حصدت أكثر من 2.3 ملايين مشاهدة على "يوتيوب"، خلال الـ24 ساعة الأولى، من طرحها، قارنها الناشطون بما يقدمه "محمد رمضان"، وادعائه أنه رقم واحد في مصر، رافضين هذه الفرضية، ومعتبرين أن ما يقدمه "مكي" من أغاني ذات هدف ومعنى، يجعله في المقدمة.

الناشطون، وسط إشادتهم بـ"مكي"، شنوا هجوما حاد على "رمضان"، وقالوا إن ما يقدمه هو استفزاز عندما يطرح أغنية بعنوان "نمبر وان" (رقم واحد)، ثم أغنية "أنا الملك"، منتقدين تفاخره بامتلاك قصر فخم، وسيارات فاخرة، وحيوانات، وقلادات ذهبية، وفتيات يتراقصن حول المسبح الذي يسترخي فيه.

سلسلة أغاني

"أغلى من الياقوت"، لم تكن الأغنية الأولى لـ"مكي"، منذ ظهوره على الساحة كمخرج ومؤلف وممثل في عام 2005، بل إنه عُرف أنه بجانب ذلك، يمارس هوايته في تأليف أغاني "الراب" وأدائها في بعض أفلامه مثل أغنية "جدعان طيبين" ضمن بطولته السينمائية الأولى "اتش دبور".

 

وفي عام 2012 أصدر أول ألبوم له بعنوان "أصله عربي"، وتضمن أغانى حققت شهرة واسعة، منها "منطقتي"، و"قطر الحياة"، و"أيام زمان"، وعُرف عن أعماله الغنائية أنه يعبأ دائما بأصالته وقيم وقضايا المجتمع والشباب بطريقة هادفة بلا تكلفة، وناقدة بلا إسفاف، واستطاع أن يكون أحد أكثر الفنانين قربا من قلوب المشاهدين.

وفي هذا الألبوم، أعلن "مكي"، عما يريد تحقيقه من خلال الراب، واستطاع أن يحقق ما أراد، فقد حكى تجربته المثيرة مع أول فيلم من إخراجه، وهو فيلم "الحاسة السابعة" في أغنية حملت اسم الفيلم نفسه، واستطاع أن يعبر عن تفاصيل تلك التجربة وما أثارته بداخله من مشاعر، وما بقي بداخله من أثر وما استفاده منها.

تجربة أخرى ليست شخصية هذه المرة، استطاع "مكي"، أن يعبر عنها في أغنية "قطر الحياة"، وهي تجربة الإدمان، وقد كان موفقا في تعبيره عن تلك التجربة بجوانبها المتعددة، كما كان موفقا أيضا في قراره تصوير هذه الأغنية بطريقة الفيديو كليب، حيث ساهم ذلك في إثراء تلك التجربة من خلال الصورة.

وبعد رحلة تخطت العام مع الإصابة بفيروس في الكبد والطحال كاد يُهلكه، عاد "مكي"، في 2017، بعد انقطاع تمثيلي وغنائي، ليطرح أغنية بعنوان "وقفة ناصية زمان"، من تأليفه وإخراجه، حاول من خلالها، إرسال رسالة تقدير للأحياء الشعبية المصرية.

قبل أن يقدم أغنية جديدة في يوليو/تموز الماضي، بعنوان "آخرة الشقاوة" مع المطرب الشعبي "محمود الليثي"، تناول فيها على طريقة الرسوم التعبيرية مصير بعض المنحلين أخلاقيا، ومن يتخذون مِن البلطجة وتجارة المخدرات نهجا في حياتهم.

لم تختلف أغنية "آخرة الشقاوة"، كثيرا عن سابقتها "وقفة ناصية زمان"، فقد جاءت هي الأخرى لتؤكد اتجاه الوعظ الذي من الواضح أن "مكي"، قرر أن يسلكه، فقد جاء ليحدثنا عن رحلة تاجر مخدرات، بداية من أيامه الأولى ومراحل تثبيت نفوذه إلى أن كبر هذا التاجر وتوحش "والقرش لعب معاه"، حتى انتهى به الأمر بطبيعة الحال مقتولا على يد قوات الشرطة.

أما "أغلى من الياقوت"، فكانت أحدث أغاني "مكي"، وجه من خلالها رسالة جديدة لابنه "أدهم"، لتعليمه بعضا من القيم والرسائل التي تربى عليها والده في الطفولة، ويخاطبه في الأغنية الجديدة، وينطق بلسان كل أب، ويتضرع إلى ربه من أجله.

 

إشادة واسعة

الأغنية لاقت إشادة واسعة بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء في تصويرها، الذي تم في الفيوم (جنوب القاهرة)، أو عبر كلماتها وإحساسها، والرسائل التي وجهتها.

وتصدر وسم "أغلى من الياقوت"، قائمة الوسوم الأكثر تداولا في مصر الثلاثاء، تزامنا مع طرح الأغنية، قبل أن يتصدر وسم "أحمد مكي"، قائمة الوسوم الأكثر تفاعلا في مصر الأربعاء.

 

أما الناقد "أحمد يونس"، فكان له رأي مختلف، حين قال إنه "ربما كان من الأجدر بمكي أن يعبر عما أراد قوله في بوست على فيسبوك، أو في موضوع صحفي ينشره في إحدى الجرائد أو المجلات، لا في أعمال فنية، وذلك لأن طريقة الوعظ والنصح تلك أبعد ما تكون عن دور الفن الحقيقي".

وأضاف: "دور الفن الحقيقي ليس في أن آتي وأخبرك أن التدخين مضر بالصحة مثلا، أو أن أخبرك أن طريق تجارة المخدرات طريق خطير غير محمودة عواقبه، فهذه الطريقة الخبرية من شأنها أن تؤثر فقط على عقلك الذي في الغالب يكون على دراية بما يُحذَّر منه، والذي في الغالب أيضا يمكنه أن يحدثك عن مخاطر أخرى أكثر من التي قد تُحذره منها".

وتابع: "إنما دور الفن الحقيقي يكمن في مخاطبة الإحساس والشعور، يكمن في الوصول إلى ما لا يمكن الوصول إليه عن طريق المباشرة، يكمن في إثارة مشاعرك وعواطفك وتعميق إحساس أو شعور ما بداخلك، عن طريق استخدام أدوات الفن المختلفة من مجازات ودلالات وصور".

ولفت "يونس"، إلى أن "مكي"، بدأ مع "الراب" بداية ممتازة في ألبومه الأول "أصله عربي"، لكنه سرعان ما ضل الطريق، فيما ظهر من أغاني الألبوم الجديد التي تثبت أن "مكي" قد بدأ يسلك طريقا آخر غير الذي سلكه في ألبومه الأول، حسب ما نقله عنه موقع "إضاءات".

وزاد: "بدأ مكي يسلك طريق الوعظ والنصائح لا طريق الفن والإبداع، وما زلنا في انتظار باقي أغاني الألبوم كي نجيب على السؤال المطروح: هل يُكمِل مكي في هذا الطريق أم يعود مكي الذي نعرفه؟"