العلاقات بين تركيا وأمريكا أسوأ مما تبدو عليه

الأربعاء 19 سبتمبر 2018 07:09 ص

"العلاقات بين واشنطن وأنقرة أسوأ مما تبدو عليه".. بهذه الخلاصة حذر "سليم سازاك"، الباحث التركي المقيم في واشنطن  والزميل المساعد في مؤسسة "سينشري"، من احتمال خروج تركيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو) واصفا ذلك بأنه "سيكون خطأ كبير لكلا الجانبين".

فالفجوة بين الطرفين تزداد اتساعا مع مرور الوقت، ولن تؤدي الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة بينهما بسهولة، وفقا للتحليل الذي نشره الخبير في السياسة التركية الأسبوع الماضي، بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.

وأكد "سازاك" أن تفاؤل من يستبعدون احتمال الخروج التركي، باعتبار أن تصريحات الرئيس "رجب طيب أردوغان" النارية وتهديداته بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة مجرد زوبعة في فنجان، ليست في محلها.

وأوضح الباحث التركي أن "الناتو" بات مكانا لتجمع كارهي الرئيس التركي وأعدائه، و"هو ما يعني أن الحلف في خطر حقيقي، و(أردوغان) لن يتمكن من الصمود بمفرده" حسب قوله.

وعلى المستوى الشعبي، فإن 18% فقط من الأتراك لديهم وجهة نظر إيجابية عن الولايات المتحدة، و72% يعتبرونها تهديدا كبيرا، وهي التقديرات التي اعتبرها "سازاك" إنذارا بأن الناتو يواجه خطر انهيار حقيقي، ولا يمكنه الاستمرار على الحال ذاته.

"سيتطلب حفظه (الناتو) الإصرار والمثابرة والعمل الجاد" بحسب تحليل الباحث التركي، خاصة في ظل وصول العلاقات التركية مع الولايات المتحدة إلى "الحضيض" في مقابل تطورها مع روسيا لتكون "أكثر حميمية من أي وقت مضى"، حسب تعبيره.

خبرة التاريخ

ورغم تحميل "سازاك" الرئيس التركي جزءا من مسؤولية احتمال خروج تركيا من الناتو، إلا أنه أكد أن أزمة تركيا مع الغرب تعود إلى ما قبل فترة حكمه، وأن دوره اقتصر فقط على "تأجيج نار نزاع مشتعل بالفعل".

فالعودة إلى تاريخ انضمام تركيا للناتو تؤكد، بحسب الزميل المساعد في مؤسسة "سينشري"، أنه لم يكون سوى "زواج ضرورة" في مواجهة الاتحاد السوفيتي آنذاك.

وأوضح بأن دور تركيا في تلك الفترة كان يشمل مواجهة الأسطول السوفيتي في البحر الأسود، وقوات حلف "وارسو" في الخاصرة الجنوبية لدول الناتو، ومساندة أي هجوم مضاد للحلف على الاتحاد السوفيتي من الجهة الجنوبية.

لكن تركيا وجدت نفسها، ابتداء من السبعينيات، في مواجهة مشكلة أخرى، وهي أن جيرانها -ولا سيما سوريا والعراق- يدعمون الجماعات المسلحة التي تقاتل ضدها، خاصة حزب العمال الكردستاني (PKK).

لم تستطع تركيا المقاومة آنذاك، لأن قواتها لم تكن متوفرة، كما لم يبد "حفاؤها" مهتمين بشأنها، بحسب "سازاك".

ومع نهاية الحرب الباردة، اعتقدت أنقرة أن هذه الصورة ستتغير، وظن الرئيس التركي السابق "تورغوت أوزال" أنه إذا كان بوسع تركيا أن تثبت جدارتها كحليف، فسيكون لها تأثير أكبر في كيفية تشكيل الولايات المتحدة  للمنطقة باعتبارها القوة الأكبر في عالم أحادي القطب، ولذا كان أحد أشد مؤيدي عملية عاصفة الصحراء.

فتحت تركيا حينها قاعدة إنجرليك الجوية للجنود الأمريكيين، وتم نقل 100 ألف جندي تركي إلى الحدود العراقية، لكن خسارة تركيا بذلك كانت أكبر من مكاسبها، بحسب "سازاك".

فمنطقة حظر الطيران التي فرضتها الولايات المتحدة شمال العراق تحولت إلى "دولة كردية" بحكم الأمر الواقع تحت حماية الطائرات الأمريكية والبريطانية، كما أصبحت المنطقة أيضا ساحة انطلاق لهجمات حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق الأناضول.

ولا يزال العامان اللذان أعقبا حرب الخليج هما الأكثر دموية في معركة تركيا المستمرة منذ عقدين ضد حزب العمال الكردستاني، وهي حقيقة لم يفقدها الأتراك من ذاكرتهم باعتبار أن أمريكا كانت مهملة في أحسن الأحوال، إن لم تكن "متواطئة".

ولذا يرى "سازاك" أن المخاطر كثيرة لابتعاد تركيا عن الغرب، "الذي عليه أن يعمل على استعادتها وليس العكس" حسب رأيه.

مسؤولية مشتركة

وبحسب الباحث التركي فإن أنقرة وواشنطن يتحملان مسؤولية العمل على إيجاد أرضية مشتركة لتسوية نزاعهما، خاصة مع اقتراب انتهاء الحرب الأهلية  في سوريا.

وكانت مركز أبحاث أمريكي متخصص في الشؤون الاستخبارية قد توقع انسحاب تركيا من الناتو خلال الأشهر القادمة.

وقال تقرير أصدرته شركة Academy Securities (مقرها نيويورك) إن محلليها الذين راجعوا تقارير مجموعة الاستخبارات الجيوسياسية GIG يُقدّرون أن تركيا ستنسحب من حلف الناتو بنهاية العام الحالي على الأرجح، نتيجة تصاعد التوتر بين تركيا والحلف.

وتتألف مجموعة الاستخبارات الجيوسياسية من 10 من الجنرالات والأدميرالات المتقاعدين في الجيش الأمريكي.

وأرجع التقرير رغبة تركيا في الخروج من الحلف إلى النزعة الاستقلالية لدى "أردوغان" وتقارب أنقرة الأخير مع روسيا وإيران.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أمريكا العراق الناتو سليم سازاك فورين بوليسي أردوغان