"لوب لوج": سياسة "ترامب" الاستعمارية بفلسطين محكوم عليها بالفشل

الخميس 20 سبتمبر 2018 01:09 ص

في الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة "ترامب" قطعت أموالا كانت قد اعتمدت سابقا لدعم المشاركة المدنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تقدم هذه الأموال إلى المنظمات غير الحكومية لأغراض تتعلق بتعزيز السلام.

ويعد قطع هذه الأموال آخر الإجراءات العقابية التي اتخذها "ترامب" ضد الفلسطينيين، على ما يبدو بسبب رفضهم الإذعان لمحاولات رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، اللاإنسانية وغير الشرعية، لحرمانهم من طموحاتهم الوطنية وتراثهم الثقافي، وملكيتهم القانونية لأراضيهم.

وخلافا للاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، نقلت إدارة "ترامب" سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وأغلقت المكتب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وقطعت الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "الأونروا".

وكانت "الأونروا" تقوم بتزويد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم بالتعليم والرعاية الصحية لأكثر من 70 عاما.

وفي اعتقاد خاطئ أن تكتيكات الضغط هذه ستجبر الفلسطينيين على الجلوس على طاولة المفاوضات، يقوم "ترامب" بتنفيذ هذه السياسات بتوصية من اثنين من "المفاوضين" الاستعماريين، "غاريد كوشنر"، صهر "ترامب"، و"ديفيد فريدمان"، السفير الأمريكي في (إسرائيل).

سياسات استعمارية

أرسلت الحكومة البريطانية الاستعمارية المفوض السامي البريطاني "هربرت صموئيل" إلى فلسطين عام 1920 للمساعدة في تنفيذ إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، ضد إرادة الفلسطينيين والعرب الآخرين.

وفي العصر الحديث، عينت إدارة بوش "بول بريمر"، كمفوض أعلى في العراق في أعقاب الغزو عام 2003.

والآن، أرسل "ترامب" كلا من "كوشنر" و"فريدمان"، وهما مؤيدان قويان للاستمرار في الاستعمار الإسرائيلي للضفة الغربية، حيث دعما مع عائلاتهما بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية ماديا وأيديولوجيا.

ونادرا ما نجحت السياسات الاستعمارية في إخضاع "السكان الأصليين".

وقد سهل "هربرت صاموئيل" إقامة وطن لليهود في فلسطين، البلد الذي كان يتمتع بأغلبية فلسطينية ساحقة، لكنه لم يفشل فقط في تهدئة طموحات الفلسطينيين الأصليين، بل زرع بذور الصراع والعنف التي استمرت حتى اليوم.

ولا تزال سياسات "بول بريمر" الكارثية في العراق، ولا سيما اجتثاث حزب البعث وحل الجيش العراقي تثمر الفوضى في المنطقة إلى اليوم.

وستزيد المواقف المتعالية من قبل "كوشنر" و"فريدمان" تجاه الفلسطينيين، ورفضهم الاعتراف بـ"الشعب" الشرعي لفلسطين، ستزيد من العبء على (إسرائيل) وستدخلها في نزاع لا ينتهي.

وهذه السياسات الاستبعادية ليست موجهة ضد فلسطينيي الضفة الغربية وغزة فقط، فقد تم استهداف المواطنين العرب في دولة (إسرائيل).

وقد أدى القانون الإسرائيلي الأخير، الذي يعطي "المواطنة" لليهود فقط ويستبعد اللغة العربية، أدى فعليا إلى جعل 1.5 مليون مواطن فلسطيني (أو 21% من السكان) مواطنين من الدرجة الثانية.

وينطبق هذا أيضا على المجتمع الدرزي الذي يخدم شبابه في الجيش الإسرائيلي، ولن يمر وقت طويل قبل أن تزحف سياسة الفصل العنصري التي فرضتها الحكومة في الضفة الغربية وغزة على (إسرائيل).

وعلى الرغم من أن "ترامب" في نهاية المطاف هو مهندس السياسة الخارجية، فإن "كوشنر" و"فريدمان" و"نتنياهو" هم الجناة الحقيقيون في تصميم وتنفيذ هذه السياسة العدوانية.

ولقد أيدوا استمرار قمع الشعب الفلسطيني، ونزع ملكية أراضيه، وحرمانه من طموحاتهم الوطنية المشروعة وهويته الوطنية. وفي هذه الأثناء، يبدو أن "ترامب" لا يعير انتباها لقلق الشعب الفلسطيني أو الشعوب الأصلية الأخرى.

وطالما بقي الدكتاتوريون العرب غير مبالين بمحنة الفلسطينيين، واستمروا في تلقي الدعم الأمريكي لحروبهم الإقليمية المدمرة وقمعهم لشعوبهم، فإن "ترامب" وكبار مبعوثيه سيستمرون في سياساتهم الخطرة وقصيرة النظر.

وعلى الرغم من أن الفلسطينيين عاجزون عن تحدي مطالب "كوشنر" و"فريدمان" أو محاربة الاحتلال، فإن غضبهم سيستمر في التدفق.

وسيتحول العديد من شبابهم إلى التطرف وقد يبدؤون في التحول ضد الدولة ومواطنيها اليهود، وكثير من هؤلاء المواطنين العرب الإسرائيليين يعرفون (إسرائيل) جيدا، ويتحدثون اللغة العبرية بطلاقة، ولا يمكن تمييزهم عن اليهود الإسرائيليين من أصول شرق أوسطية، وهذا هو الكابوس الذي تخشاه أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية.

ماذا يعني كل هذا؟

لم يكن اليمين الإسرائيلي، الذي يحتل الآن قمة السياسة في (إسرائيل)، لم يكن مهتما أبدا بالسلام مع الفلسطينيين، ولم يقبل أبدا الفرضية الأساسية لدولة فلسطينية، ونفى حتى وجود الفلسطينيين كشعب.

ويشعر الإسرائيليون الآن بالصداقة الحميمة بين "نتنياهو" و"ترامب"، والدعم المباشر من قبل "كوشنر" و"فريدمان" أكثر من أي وقت مضى.

وقد أطلقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ولا سيما نظام "نتنياهو"، خطابات حول "عملية السلام"، و"السلام مع الفلسطينيين"، و"دولة فلسطينية مستقبلية"، لكنهم نفذوا سياسات تتعارض مع أقوالهم.

واستمر التوسع الاستيطاني بوتيرة محمومة وأصبح الاحتلال أكثر تغلغلا وهو يسيطر على حياة الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، دون اعتبار للسيادة في المدن الفلسطينية، بما في ذلك رام الله، العاصمة الإدارية للدولة الفلسطينية، حيث مقر رئيس السلطة الفلسطينية و حكومته.

وكان الفلسطينيون، أكثر بكثير من اليمين الإسرائيلي، مهتمين دائما بالذهاب إلى طاولة المفاوضات، حتى وهم يعرفون تماما أن حصتهم في محادثات "الوضع النهائي" ستكون أقل من الفتات.

ولقد كانوا يصرون دائما على أن المفاوضات يجب أن تعالج في النهاية مستقبل القدس، وحدود وضعهم المتصور، ووضع اللاجئين، وحق العودة.

وكان هذا الموقف مدعوما - نظريا - من قبل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، حتى تولت إدارة "ترامب" السلطة.

وإذا كان "كوشنر" و"فريدمان" يتوقعان أن تنجح معادلة "السلام" القادمة، فعليهما الاعتراف بالفلسطينيين كشعب يتمتع بتطلعات وطنية وسياسية وثقافية ومكانية مشروعة، وأنهم لن يقبلوا سيطرة (إسرائيل) عليه إلى الأبد.

وعلى الرغم من أن "كوشنر" و"فريدمان" قد دافعا على التوسع الاستيطاني باعتباره حقا إلهيا للشعب اليهودي بين نهر الأردن والبحر، فإن دورهما الجديد كمروجين "للسلام" يجب أن يكون قائما على أساس أحد مبدأين، إما إزالة الاحتلال والسماح للفلسطينيين أن يكون لهم كيان سياسي خاص بهم، أو الحفاظ على سيطرة (إسرائيل) مع منح جميع الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية.

وخلاف ذلك، سيعود المبعوثان إلى واشنطن خاليي الوفاض.

وفي وقت يتلاشى فيه التأييد لحل الدولتين بسرعة فإن أي حل ممكن يجب أن يقوم على أساس الشعوب وليس الدول. وسيتعين على "كوشنر" و"فريدمان" أن يفهموا أن هناك شعبين يحتلان المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر.

ويجب أن يرتكز عيشهم معا في سلام على الكرامة والمساواة واحترام حق الآخر في الأمن والكرامة، وليس على بعض المشروبات السامة التي تم إعدادها في مطابخ واشنطن وتل أبيب.

- المقال المنشور يعبر عن رأي كاتبه

المصدر | إيميل نخلة - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

القضية الفلسطينية غاريد كوشنر نتنياهو ترامب الأونروا