بلومبرغ: تركيا أردوغان حاضرة في كل مكان بالقدس الشرقية

الخميس 20 سبتمبر 2018 01:09 ص

من قبة الصخرة الذهبية إلى الأكشاك العتيقة في سوق البلدة القديمة، يتواجد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في جميع أنحاء القدس الشرقية.

يرفع المصلون صورته في صلاة الجمعة، ويعلو العلم التركي على جدران المطاعم، كما أرسل "أردوغان" عشرات الآلاف من الأتراك إلى القدس التي يسيطر عليها الإسرائيليون، حاجين، للحيلولة دون تهويدها .

وفى داخل السوق المرصوفة بالحجارة، يشير التجار العرب في شارع "خان الزيت"، إلى مبني صخري انهارت أجزاء منه ذات مرة ، وقامت الحكومة التركية بترميمه، كما يثنون على تركيا بسبب توزيعها المساعدات على الفقراء.

ونظرا لكونه أحد القادة المسلمين القلائل الذين ما زالوا يدافعون عن القضية الفلسطينية، فإن تركيز "أردوغان" على القدس جزء من طموح أوسع لرسم صورة بلاده باعتبارها المؤيد الرئيسي للإسلام السياسي في العالم، وإحياء نفوذها السابق في المنطقة المضطربة.

لكن بصمة "أردوغان" في القدس الشرقية تزعزع سطوة 3 حكومات لديها حصص مباشرة في هذه المدينة المتنازع عليها، وهي حكومات (إسرائيل)، والسلطة الفلسطينية، والأردن.

كما تمثل بصمة "أردوغان" في القدس أيضا تحديا للسعودية التي من خلال ثروتها النفطية وكونها مهد الإسلام، ثبتت نفسها أنها راعية القدس الشرقية.

وفى هذا الصدد يقول "بنحاس إنباري"، محلل إسرائيلي في "مركز القدس للشؤون العامة" إن "السعوديين لديهم مكة وأردوغان يريد القدس".

وأضاف أن "(إسرائيل) لديها مصلحة أمنية حاسمة للتأكد من أن تركيا لا تحاول ممارسة فرض سلطتها على المسجد الأقصى وقلب الوضع الراهن".

وينتقد "أردوغان" (إسرائيل) بشدة ؛لأنها تسعي لفرض سيطرتها ونفوذها على القدس، وعندما اعترفت واشنطن بالقدس كعاصمة لدولة (إسرائيل)، كان "أردوغان" هو الذي تحمل مسؤولية المواجهة نيابة عن الفلسطينيين، ووصف إدارة "ترامب" بأنها شريك في سفك الدماء، في الوقت الذي كان فيه الرد العربي محسوبا جدا.

بطل بارز

لقد ذهب أردوغان بعيدا إلى حد استعادة الهلال الإسلامي لقبة الصخرة، التي تهيمن على أفق سماء القدس.

وقال "أردوغان" في خطاب قبل انطلاق القمة الإسلامية في إسطنبول إن "القدس ليست مجرد مدينة، بل رمز وامتحان وقبلة، فإذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى فلا يمكننا النظر بثقة إلى مستقبل قبلتنا الأخيرة مكة".

وقال "صلاح الدين نصرين" مالك متجر للإلكترونيات بالقدس: "أردوغان رجل قوي يحب فلسطين.. ونحن نصلي من أجل أن يتمكن من أن يقود جميع الدول الإسلامية في يوم من الأيام".

دعم حماس

ولا تشترك السلطة الفلسطينية بقيادة "محمود عباس أبومازن" الحماسة ذاتها لـ"أردوغان"، مثلما تفعل أزقة البلدة القديمة في القدس.

وبينما ترحب السلطة الفلسطينية باستثمارات أنقرة في البلدة القديمة، فإن تركيا في الوقت ذاته تدعم منافس "عباس" المرير، وهو حركة "حماس" الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة، والتي تنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمون".

وقال "جهاد حرب" المحلل في المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية في رام الله، إنه "منذ تولي أردوغان منصبه، عمل على استعادة دور تركيا كلاعب استراتيجي في المنطقة كمنافس لدول سنية مثل السعودية".

وأضاف حرب أن "السلطة الفلسطينية تريد الدعم المالي الذي تقدمه تركيا، لكنها حذرة للغاية في تعاملاتها  بسبب علاقات تركيا بحماس".

قيود محتملة

وقال "مايكل أورين" نائب وزير الخارجية للدبلوماسية العامة، إن (إسرائيل) - التي كانت تتمتع بعلاقات دافئة مع أنقرة توترت تحت قيادة "أردوغان"- تراقب موطئ القدم التركي المتنامي لتركيا بريبة، وربما تقيد أنشطة أنقرة، إذا رأت أن هناك دعما للجماعات الإسلامية المتطرفة، معلقا: "نحن نراقب الأمر".

وقالت وكالة المساعدات الخارجية التركية في تقريرها السنوي لعام 2015 ، إنها نفذت أكثر من 500 مشروع بحوالي 30 مليون دولار في الأراضي الفلسطينية، بينها 81 مشروعا في القدس الشرقية.

وقد أثار وجود "أردوغان" في القدس قلق الأردن بأنه قد يحد من وصايتها التاريخية على الأقصى الممتدة منذ القرن الثامن، فبعد أن استولت (إسرائيل) على القدس الشرقية من الأردن في حرب 1967، سمحت للإدارة الدينية الأردنية المعروفة باسم الوقف بالاستمرار في إدارة مجمع المسجد الأقصى مع احتفاظ القوات الإسرائيلية بالسيطرة الأمنية.

وقال الشيخ "عمر الكسواني"، مدير المسجد الأقصى، من مكتبه: "لن نقبل أي منافسة في هذا الأمر".

تجارة

ويمكن أن تشكل أنشطة تركيا تحديا للمملكة العربية السعودية التي انفقت أكثر من 6 مليارات دولار البرامج الفلسطينية منذ 2000، بما في ذلك 285 مليون دولار مخصصة للقدس، وفق بيان في شهر مايو/أيار  أصدره "عبدالله الربيعة" مستشار في الديوان الملكي، والمشرف العام على  مركز الملك سلمان للإغاثة.

كما تعهد الملك "سلمان"، رسيما بدفع مبلغ 150 مليون دولار للفلسطينيين في أبريل/نيسان، مع التركيز على الحفاظ على التراث الإسلامي في القدس.

وكما فعلت تركيا بشارع "خان الزيت"، أصلحت السعودية عددا من المتاجر على طول شارع "اللد"، وهو الشريان المؤدي من بوابة دمشق إلي الحائط الغربي (حائط البراق).

تشجيع السعودية

وقال المبعوث الإسرائيلي الدبلوماسي السابق إلى تركيا "ألون ليل"، إن قبول (إسرائيل) بالأنشطة التركية والسعودية متأرجح تماشيا مع التطورات السياسية.

وأضاف أن (إسرائيل) منحت "أردوغان" حرية نسبية بعد إصلاح العلاقات بين  البلدين عقب الهجوم الإسرائيلي على سفينة تركية  في 2010 كانت تهدف إلى كسر الحصار على غزة.

وتابع: وعلى النقيض الآن من تركيا يجري تشجيع مشاركة السعودية في القدس، في حين أن فريق "ترامب" للسلام في الشرق الأوسط تشاور بشكل وثيق مع السعوديين، كان "أردوغان" من أشد منتقدي "ترامب".

وختم  ليل: "السعوديون أصدقاء الآن، وربما يكونون أصحاب فضل علينا".

المصدر | بلومبرغ

  كلمات مفتاحية

تركيا القدس أردوغان السعودية الأردن إسرائيل السلطة الفلسطينية حماس