جيوبوليتيكال فيوتشرز: هل تقدم إيران على غزو شمال العراق؟

الجمعة 21 سبتمبر 2018 12:09 م

كانت درجة النفوذ الإيراني في العراق دائما مصدرا للذعر والنقاش. لكن لا يناقش الكثيرون سبب رغبة طهران في التأثير على الأحداث هناك، والكيفية التي تفعل بها ذلك.

ويعد العراق مصدر قلق أمني كبير لإيران، أكثر من سوريا. فرغم أن جبال "زاغروس" تعزل إيران عن الغزو المباشر، لكنها لا تستطيع منع مجموعات أصغر من المتمردين من شن هجمات من الغرب، من العراق على سبيل المثال. لذلك، فإن لإيران مصلحة في السيطرة، إلى أقصى درجة ممكنة، على البيئة السياسية والأمنية في العراق.

ومع ذلك، فإن التنوع الهائل في المصالح في السياسة العراقية يجعل من الصعب على إيران السيطرة الكاملة على المؤسسة من خلال الوسائل الرسمية، ولقد استكملت سعيها إلى السلطة السياسية الرسمية بدعم مجموعات كبيرة من الميليشيات التي توالي إيران وليس العراق، وتستغل أجهزة الدولة في تمويلها.

ويبدو أن إيران تكتسب قوة في هذا الصدد. فبعد أشهر من التأخير، تم أخيرا انتخاب رئيس للبرلمان، وهي خطوة هامة نحو تشكيل حكومة بعد انتخابات مثيرة للجدل في مايو/أيار. وقد أيد رئيس البرلمان "محمد الحلبوسي"، تحالف "الفتح"، وهو منظمة سياسية يقودها عضو الميليشيا الموالي لإيران "هادي العامري"، وسوف تكون الخطوة التالية في تشكيل الحكومة هي انتخاب رئيس ورئيس وزراء.

وكان رئيس الوزراء "حيدر العبادي" قد أبدى استعدادا للعمل مع كل من إيران والولايات المتحدة، وكان حتى وقت قريب هو الأقرب لاستعادة منصبه. وتغير ذلك مؤخرا بسبب سوء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات في البصرة. وكان أداؤه سيئا للغاية لدرجة أن "علي السيستاني"، رجل الدين الشيعي العراقي الذي يؤثر رأيه في النظام السياسي العراقي، قال إنه لن يدعم أي شخص تولى منصبا خلال الاحتجاجات.

ومع ذلك، تشير هذه الاحتجاجات إلى حدود القوة الإيرانية في العراق، حتى في المناطق التي يسيطر عليها الشيعة. وردد المتظاهرون شعارات معادية لإيران، وأطلقوا النار على القنصلية الإيرانية. وتعرضت عدة مكاتب للميليشيات الموالية لإيران، بما في ذلك منظمة "بدر"، و"عصائب أهل الحق"، وكتائب "حزب الله"، للهجوم وإشعال النار. 

وتعد عرقلة نفوذ إيران في العراق أمرا مهما للولايات المتحدة. ويعتزم مجلس الشيوخ الأمريكي تقديم مشروع قانون يفرض عقوبات على "عصائب أهل الحق" وحركة النجباء، وهما اثنتان من الميليشيات الموالية لإيران تعملان في العراق. ويتطلب مشروع القانون من وزارة الخارجية نشر قائمة بالمجموعات التي تتلقى تمويلا أو يتم التحكم فيها من قبل الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وتعني واشنطن بذلك نزع الشرعية عن وكلاء إيران في العراق من خلال تصنيفهم كمنظمات إرهابية؛ حيث تأمل في أن يحول ذلك دون دمجهم في الخدمات المسلحة الرسمية في العراق.

ثم هناك الأكراد، الذين، بصفتهم جماعة محظورة، يتحدون إيران من معاقلهم في شمال العراق. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كان هناك ارتفاع في الهجمات ضد الدولة الإيرانية من قبل أكراد إيران. وقدمت إيران التماسا إلى حكومة إقليم كردستان للسيطرة على هذه المجموعات، لكن حكومة إقليم كردستان إما غير قادرة أو غير راغبة في القيام بذلك. أضف إلى ذلك الاستنتاج المنطقي بأن الولايات المتحدة تدعم الجماعات الكردية الإيرانية، بما يعني أن إيران تواجه تهديدا أكبر بكثير من الشمال مما كان عليه الحال في الأعوام الأخيرة.

ويفسر هذا لماذا قدمت إيران صواريخ باليستية إلى ميليشياتها الشيعية في العراق. فبعد ذلك بوقت قصير، في أواخر أغسطس/آب، قام الحرس الثوري الإسلامي بضربة صاروخية باليستية ضد مواقع كردية إيرانية في شمال العراق، مما أسفر عن مقتل 15 شخصا. (وقد زعمت مصادر كردية، بعد الهجوم، أن إيران بدأت في نشر قوات على حدودها مع العراق). وقد تم قصف المواقع الكردية في العراق من قبل، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذه الصواريخ الموجهة بدقة. وبالتالي، فهي إشارة واضحة للمنطقة بأكملها، أنه للدفاع عن مصالحها، فإن طهران مستعدة وقادرة على الضرب بشكل أعمق في الأراضي العراقية، دون الاعتماد على وكلائها المميزين.

وبعد فترة ليست طويلة من الضربة، دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الجماعات الكردية الإيرانية الأخرى لتشكيل جبهة موحدة ضد إيران. وإذا فعلوا ذلك، فلن يقوموا إلا باستدعاء المزيد من الضربات الانتقامية. وإذا لم تتمكن حكومة إقليم كردستان من منع الهجمات ضد إيران من القواعد العراقية، بالنظر إلى إشارات تورط الولايات المتحدة، فإنه يبدو من غير المحتمل استبعاد الغزو الإيراني لشمال العراق. فبعد كل شيء، مع وجود شكوك في الولاء العراقي لإيران، فسوف تساعد البنادق الإضافية في العراق في تأمين الحدود الإيرانية.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

أكراد إيران الانتخابات البرلمانية العراقية