بعد هجوم الأحواز.. هل وفت السعودية بوعدها لإيران؟

الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 01:09 ص

بعد أقل من شهر من الهجوم على القنصلية الإيرانية في البصرة، هاجمت مجموعة من المسلحين، الذين يزعمون أنهم أعضاء في حركة المقاومة العربية لتحرير الأحواز، عرضا عسكريا في عاصمة إقليم خوزستان الإيراني، ما أسفر عن مقتل 25 شخصا وإصابة آخرين.

وعندما وقعت حادثة القنصلية في البصرة، تكهن بعض المعلقين في إيران بأن المهاجمين أرادوا أيضا استهداف خرمشهر وعبادان.

والآن، يبدو أنهم لم يكونوا مخطئين للغاية.

وقد وقعت هجمات الأحواز بعد وقت قصير من عمليات قام بها متمردون أكراد ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الكردستاتي الإيراني، في المناطق الإيرانية المأهولة بالسكان الأكراد شمال غربي البلاد.

ودفعت هذه الهجمات الحرس الثوري إلى استهداف القواعد التي كانوا يعملون منها داخل كردستان العراق.

وتثير هذه الهجمات المتتالية مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب الإقليميون قد تبنوا استراتيجية حصار ضد إيران في العديد من مقاطعاتها الضعيفة، ربما كمقدمة لعمليات عسكرية مباشرة وكبيرة ضد طهران.

وبغض النظر عما إذا كان هذا هو الحال، فإن بعض المشاكل التي تواجهها إيران في العديد من مقاطعاتها الغربية والجنوبية لا تتسبب فيها الرغبة الواسعة في الاستقلال، ولكنها بسبب عقود من الإهمال والمشاكل الاقتصادية المتصاعدة، وبالتالي تزايد الإحباط الشعبي.

وعلى سبيل المثال، لطالما أهملت الحكومة المركزية إقليم كردستان، حيث يعاني من تردي الظروف الاقتصادية وكذلك تهالك شبكات الاتصالات والطرق والسكك الحديدية والبنى التحتية الأخرى، مقارنة ببقية أنحاء البلاد.

وقد وعدت حكومات مختلفة في الـ30 عاما الماضية بمعاملة أكثر عدلا للمناطق المحرومة، والتي تشمل كردستان، لكنها فشلت في تحقيقها.

وكان جزء من هذا العجز راجعا إلى سوء استخدام الأموال المتاحة في المغامرات الأجنبية في سوريا ولبنان، إضافة إلى الفساد، وتأثير العقوبات.

وتعد حالة خوزستان أكثر خطورة، فالمنطقة التي تقطنها الأقلية العربية قاومت جيش "صدام حسين" وبقيت موالية لمركز البلاد الفارسي، ونتيجة لذلك فإنها عانت من الحصة الأكبر من الدمار الناتج عن الحرب العراقية الإيرانية.

ومع ذلك، بعد انتهاء الحرب، كانت إعادة الإعمار في خوزستان بطيئة جدا، وفي وقت لاحق، أضافت مشاكل، مثل تلوث الهواء من العواصف الرملية، إلى الصعوبات الأخرى التي يواجهها السكان.

وكانت الحكومة المركزية بطيئة في معالجة هذه الصعوبات، ولا تزال العديد من المشاريع، بما في ذلك مشاريع المياه التي تمس الحاجة إليها، والتي كان ينبغي الانتهاء منها منذ فترة طويلة، غير كاملة، وأصبح نهر كارون التاريخي، الذي يمر بالمنطقة، قريبا من الجفاف.

وفي ظل هذه الظروف، ازداد حتما خطر احتمال إغراء الناس باللجوء إلى العنف من خلال نداء المحرضين من الخارج.

بعد خارجي

ولطالما كان لمشاكل إيران في خوزستان على وجه الخصوص بعد خارجي، حيث يعتقد العرب أن الجزء الجنوبي من المحافظة ينتمي إلى العرب، ويشيرون إليه على أنه عربستان.

ومع ذلك، يعتبر التاريخ أكثر تعقيدا، وقد جرى العرب إلى المنطقة في أعقاب الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي، وخلال دولة الصفويين، تم تقسيم المنطقة إلى جزأين، أشير إلى الجزء الجنوبي منهما باسم عربستان.

وفي القرن التاسع عشر، أدى نمو النفوذ البريطاني في الخليج إلى تقويض مكانة إيران في مقاطعاتها الجنوبية، وفي عام 1856، قام البريطانيون بقصف مدينة خرمشهر (المعروفة آنذاك باسم المحمرة)، لإجبار إيران على مغادرة حرات.

وفي الأعوام الأخيرة من حكم السلالة القاجارية، حكم الشيخ "خزعل الكعبي" الجزء الجنوبي من خوزستان كولاية تابعة لطهران.

وخلال الحرب العالمية الأولى، عندما بدت إيران على حافة التفكك، تمرد الشيخ "خزعل" على الحكومة المركزية، على أمل أن تدعمه بريطانيا، ومع ذلك، وبسبب الثورة البلشفية، غيرت بريطانيا نهجها تجاه إيران، وبدلا من تفضيل تفككها، رأت بريطانيا إيران حاجزا مفيدا ضد روسيا البلشفية، وبالتالي رفضت دعم الشيخ "خزعل".

وكجزء من سياسته الرامية إلى إخضاع الجيوب المحلية والقادة المحليين، وإقامة حكومة مركزية فعالة وبيروقراطية مستقرة، قضى الشاه "رضا بهلوي" على ثورة "خزعل".

وفي العقود التالية، كانت المنطقة مفضلة من حيث التنمية، جزئيا بسبب احتياطياتها النفطية، لكن الثورة الإسلامية والغزو العراقي غيرا الوضع.

وفي هذه الأثناء، استمرت الحكومات العربية، وكذلك القوميات العربية، في رؤية خوزستان الجنوبية أرضا عربية.

ومن الخمسينات حتى السبعينات، استخدمت الدول العربية الراديكالية، من مصر "عبدالناصر" إلى عراق "صدام حسين"، قضية عربستان باعتبارها سلاحا لضرب إيران، وشجعوا النزعات الانفصالية في المنطقة، وأقاموا جبهات لتحرير الأحواز وعربستان.

ودافعت بعض الدول العربية علنا ​​عن تفكك إيران، وقال "طارق عزيز"، وزير خارجية "صدام حسين" إن "خمسة نسخ أصغر من إيران أفضل من إيران واحدة كبيرة"، وفي العقود الأخيرة، دافعت السعودية ومصر عن الحركات الانفصالية في المنطقة.

ومع ذلك، فقد اقتصر هذا الدعم العربي حتى الآن على عقد المؤتمرات، مثل تلك التي عقدت في عام 2005 في القاهرة.

ولم يتم اتخاذ أي إجراء مباشر بأي حجم داخل إيران، على الرغم من أن حركة تحرير الأحواز تورطت في تخريب خطوط أنابيب النفط، وربما منشآت نفطية وبنى تحتية أخرى.

وتطرح الهجمات الأخيرة تساؤلا حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية، كما وعد ولي العهد "محمد بن سلمان" قبل فترة وجيزة، تعمل على نقل الحرب إلى داخل إيران، وهل لديه الضوء الأخضر الأمريكي للقيام بذلك؟

ويعتقد مستشار سابق لولي عهد أبوظبي أن الإجابة هي نعم، وقال "عبدالخالق عبدالله": "لقد حذرنا إيران"، وقال أيضا إن الهجوم ليس إرهابا، لأنه كان ضد أهداف عسكرية، وذلك في الوقت الذي أدانت فيه دول عربية أخرى، بينها الكويت وسلطنة عمان، الحادث.

ومع ذلك، فإن الرسالة من الأحداث الأخيرة تقول إنه يجري تضييق الخناق حول رقبة إيران.

وتشهد إيران الآن واحدة من أكثر الفترات خطورة في تاريخها الطويل المضطرب.

ومن أجل التغلب على هذه الأوقات العصيبة، يحتاج قادة إيران إلى إظهار الحكمة والواقعية والمرونة، وليس التباهي والعاطفة.

والأهم من ذلك كله، يجب أن يضعوا بقاء إيران داخل حدودها الحالية فوق أي هدف آخر ثوري أو غير ذلك.

المصدر | شيرين هانتر - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

خوزستان الأحواز هجوم الأحواز إيران العراق السعودية ترامب بن سلمان