أسوشييتد برس: مصر تسلح قبائل سيناوية لمحاربة تنظيم الدولة

الخميس 27 سبتمبر 2018 11:09 ص

بعد سنوات من الكفاح ضد مجموعات منضوية تحت لواء تنظيم "الدولة الإسلامية"، بدأت مصر في تسليح قبائل محلية بسيناء؛ من أجل الحصول على ميزة تكتيكية على تلك المجموعات.

وفى موقع بعيد في شبه جزيرة سيناء، يراقب "إبراهيم أبوصفيرة"، الأفق الجبلي للصخور المتعرجة، محاولا الاستماع لأية علامة يمكن أن تعكر صفو هذا السلام الهش بالمنطقة.

"أبوصفيرة" رجل مسن ينحدر من قبيلة "التياهة" البدوية، رأى في السابق جيوشا، مصرية وإسرائيلية، تمر عبر هذه الصحراء الشاسعة، والآن أصبحت المنطقة مركزا لصراع دموي بين الجيش المصري وعناصر مسلحة تدين بالولاء لتنظيم "الدولة الإسلامية".

وفى تحول من الماضي، بدأ الجيش المصري بتسليح رجال القبائل البدوية مثل "أبوصفيرة"، وجعلهم يقومون بدوريات لتعقب مقاتلي "الدولة الإسلامية" في عمق جزيرة سيناء، حيث تمنحهم خبرتهم المحلية بالمنطقة التميز، كما يقول "أبوصفيرة" وغيره من البدو .

وقال "أبو صفيرة" لوكالة "أسوشييتد برس" عبر الهاتف من نقطة تفتيش محصنة بعشرات من الرجال الآخرين في منطقة بالقرب من جبل الحلال الذي كانت تخزن فيه عناصر "الدولة الإسلامية" أسلحتها ومعداتها: "علينا القيام بذلك، وهذا واجبنا لكي نجعل الناس تشعر بالأمان من الإرهابيين الذين يقتلوننا".

وجبل الحلال هو سلسلة من الهضاب تمتد لحوالي 60 كم من الشرق إلى الغرب، ويرتفع نحو 1700 متر فوق مستوى سطح البحر، ويقع ضمن المنطقة "ج"، التي وفقا لبنود اتفاقية "كامب ديفيد" يُمنع فيها تواجد أي قوات للجيش المصري، وبالتحديد يُعتبر وجود الدبابات مُخالفة.

يقع الجبل تحت سيطرة قبيلتين بوسط سيناء هما قبيلتا الترابين والتياهة تقريبًا النصف بالنصف، وهي المسؤولة أمام الدولة عن حماية جبل الحلال.

ولم يقر الجيش علانية بتسليح واستخدام البدو كقوة مقاتلة، ويقول فقط إن البدو يتعاونون معه ويوفرون المعلومات الاستخبارية لجنوده.

وفى الماضي كانت قوات الأمن حذرة من إعطاء السلاح للبدو، نظرا للتاريخ الطويل من التوترات مع رجال القبائل، ويبدو أن هذا التحول هو محاولة لاستمالة سكان سيناء أكثر إلى جانب الحكومة في معركتها مع تلك المجموعات.

لقد كافحت مصر من أجل دحر تمرد المجموعات المسلحة في سيناء، حيث قاد هذا التمرد مجموعة تعرف باسم "ولاية سيناء" .

ولسنوات، تمثل النزاع في المثلث الحضري في الزاوية الشمالية الشرقية من سيناء على ساحل البحر المتوسط، واكتسب هذا التمرد زخما بعد أن أطاح الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي" (كان آنذاك وزيرا للدفاع) بالرئيس "محمد مرسي" عام 2013.

وقد قتل الآلاف من قوات الأمن والمدنيين منذ تلك الفترة، واعتقل آلاف آخرون من قبل قوات الجيش، فيما وصفه المنتقدون بأنه حملة قمع أمنية شديدة الوطأة من قبل السلطة، دمرت المناطق السكنية وفرضت قيودا مشددة على حركة الناس والبضائع في سيناء.

وظلت تلك المعارك بعيدة عن أعين العامة، في ظل منع السلطات الصحفيين وغير المقيمين، والمراقبين الخارجيين من دخول المنطقة، فيما تم الحفاظ على الصراع بعيدا عن المنتجعات السياحية في جنوب سيناء.

وفى فبراير/شباط، شن الجيش عملية واسعة النطاق، في سيناء امتدت أيضا لتشمل أجزاء من "دلتا النيل" والصحاري على طول الحدود الغربية للبلاد مع ليبيا، ومنذ ذلك الحين، تباطأت وتيرة هجمات "الدولة الإسلامية" على المسرح الرئيسي في سيناء بشكل كبير.

وخلال تلك العملية، استخدم الجيش قوة تعرف باسم مجموعة "عبدالسلام" وكان من بينهم عدة آلاف من البدو، انتشروا في الأجزاء الوسطى في سيناء، ويتمثل دورهم الرئيسي في مرافقة الجنود في الدوريات والغارات التي تبحث عن مخابئ الأسلحة، فضلا عن حراسة نقاط التفتيش للسيطرة على الطرق، حسبما أبلغ شيخ القبيلة "أسوشييتد برس".

وقال "أبوصفيرة" الذي يقوم بدوريات برفقة الجيش: "في العادة، كان البدو يتراجعون إذا اندلع القتال، بينما تتقدم قوات الأمن لمواجهة المسلحين، لكن البعض منا أصبح يقاتل بجانب قوات الأمن".

ويقدر رجال القبال أن حوالي 100 من البدو قتلوا، سواء في المعارك أو بالقنابل الذي تزرع على جوانب الطريق، موضحين أنهم الآن يعملون تحت أمرة الجيش الثالث في مصر، ويرتبطون بشكل منتظم بوحداته ويرافقون جنوده في سياراتهم ذات الدفع الرباعي وعرباتهم المدرعة.

ويتضح من الدور الذي يقوم به البدو، كيف أن القتال توسع إلى ما وراء المدن الساحلية في عمق الصحراء في شبه جزيرة سيناء، وتحدث رجال القبائل عن وصول عمليات الجيش لمناطق تبعد حوالي 150 كم إلى الجنوب من الساحل.

وقال "صالح بن رشيد" وهو من قبيلة التياهة: "أصبح وسط سيناء الآن  مطهرا (خاليا) من الإرهابيين".

وأضاف "بن رشيد" أن الجيش عرض عليهم بنادق الوحدة الخاصة به والبنادق الآلية الخفيفة والدروع والخوذات.

وتابع: "إنهم يعاملوننا كجنود ويعطوننا كل ما نحتاجه"، مضيفا أن رجاله اكتشفوا متفجرات وإمدادات وقود وسيارات ومعدات أخرى في المنازل والكهوف.

وقالت مديرة الأبحاث بمعهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن، "أليسون ماكمانس"، "إن الجيش يستفيد من معرفة البدو بالتضاريس وفاعليتهم المحلية".

وأضافت: "لكن التعاون يجب أن يكون جزءا من استراتيجية طويلة المدى تتضمن خططا لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج لتجنب الصراح المسلح بن البدو والجيش حال دحر الإرهابيين".

وكان رجال القبائل في السابق يوفرون بالفعل عمليات الاستطلاع للجيش تحت منظمة أوسع وهي اتحاد قبائل سيناء، وهناك أيضا ترتيبات محلية مع البدو المسلحين في مناطق القتال الرئيسية بالقرب من الحدود مع غزة.

وتمثل مجموعة "عبدالسلام" تعاونا أكثر مباشرة مع الجيش، بتسليح البدو -الذين لا يخدمون في الجيش- في تنظيمات أشبه بالميليشيات.

ويذكر هذا التطور بحركة "الصحوة" في العراق، حيث قامت القوات الأمريكية بتسليح رجال القبائل السنية لمحاربة "القاعدة" بعد اندلاع القتال الطائفي في العراق عام 2006، رغم أن الحالة المصرية من المحتمل أن تكون أخف وأقل من ناحية السلاح.

ولكن تجربة الصحوة تنذر بمؤشر خطير وهو انضمام بعض المقاتلين في الميليشيات السنية لاحقا لمسلحي تنظيم القاعدة، بعدما منعت عنهم الحكومة العراقية التي قادها الشيعة فيما بعد الأموال وهمشتهم.

وكان الجيش المصري، قد رفض في الماضي، تسليح البدو؛ خوفا من أن يتم تحويل الأسلحة ضد قوات الأمن، ولطالما اشتكى البدو من التمييز من جانب الحكومة، ونقص التنمية، والانتهاكات من قبل قوات الأمن.

وقال أحد رجال القبائل الذين اتصلت بهم "أسوشييتد برس"، إنه شارك طواعية بدون أجر في عمليات الجيش ضد العناصر المسلحة في سيناء.

وأضاف آخر - رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية- أن البدو يعتقدون أن حال وضع نهاية للعناصر المسلحة في سيناء سيقوم الجيش بإنشاء  المزيد من البنية التحتية في المنقطة الفقيرة.

وقال مدون على الإنترنت يدعى "Greenfly"، إن تعاون البدو مع الجيش يظهر أن السكان المحليين يتوقعون أن الجيش سيفوز في نهاية المطاف على المسلحين، أي ليس من طيبة قلوبهم، إنها مصلحة شخصية واضحة، ويريد البدو الوقوف إلى جانب المنتصرين.

المصدر | الخليج الجديد+أسوشييتد برس

  كلمات مفتاحية

مصر سيناء جنود ولاية سيناء داعش تنظمم الدولة قبائل