العواقب الاستراتيجية لنقل منظومات "إس-300" الروسية إلى النظام السوري

الخميس 27 سبتمبر 2018 09:09 ص

قالت روسيا إنها ستزود النظام السوري بنسخة من نظام الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي "إس-300"، رغم اعتراضات واشنطن وتل أبيب. واتخذ الكرملين قرارا بتزويد دمشق بنظام الدفاع الجوي القوي بعد أن أسقطت بطارية صواريخ أرض جو من طراز "إس-200" سورية، بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية، خلال غارة إسرائيلية على قوات نظام "بشار الأسد" في 17 سبتمبر/أيلول.

وقال وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو" في 24 سبتمبر/أيلول، وفق ما أوردته وكالة الأنباء "تاس"، المملوكة للدولة: "سيتم تزويد القوات المسلحة السورية بنظام الدفاع الصاروخي الحديث خلال أسبوعين، وهو قادر على اعتراض أسلحة الهجوم الجوي على مسافة أكثر من 250 كيلومترا، كما يستطيع ضرب عدة أهداف جوية في نفس الوقت".

قرار روسيا

وجاء قرار الكرملين لأن موسكو تلقي باللوم على (إسرائيل) في إسقاط طائرتها، على الرغم من حقيقة أنها سقطت بسلاح يديره النظام السوري. ويتهم الروس تل أبيب باستخدام الطائرة كغطاء خلال غارة جوية شنتها 4 مقاتلات إسرائيلية من طراز "إف-16" على هدف ينتمي للنظام السوري.

وأشار وزير الدفاع الروسي إلى أن موسكو سترسل إلى سوريا أنظمة متطورة لإدارة المعركة والقتال، حتى تتمكن قوات النظام من التعرف على الطائرات الروسية بشكل صحيح في المستقبل.

وقال "شويغو": "سيتم تزويد مراكز قيادة قوات الدفاع الجوي السورية بوحدات مجهزة بأنظمة تحكم آلية يتم تزويدها فقط للقوات المسلحة الروسية. وسوف يسهل هذا التحكم المركزي بجميع قوى وموارد الدفاع الجوي السوري، ومراقبة الوضع في الجو. والأهم من ذلك، أننا سنضمن القدرة على تحديد جميع الطائرات الروسية من قبل أنظمة الدفاع الجوي السورية".

وفي الواقع، في حين ألقي الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" باللوم حول الحادث في البداية على الضباب وتشوش الرؤية، لام الكرملين (إسرائيل) على سقوط الطائرة.

وقال الكرملين في بيان: "المعلومات التي قدمها الجيش الإسرائيلي بشأن مرور طائراته فوق الأراضي السورية تختلف عن نتائج تحقيقات وزارة الدفاع الروسية، وترى روسيا أن تصرفات سلاح الجو الإسرائيلي كانت السبب الرئيسي للمأساة".

وقال الكرملين في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إنه يعتقد أن تسليم هذه المنظومات الإضافية إلى النظام السوري هو السبيل الوحيد لحماية أرواح الجنود الروس العاملين في سوريا.

أياد غير مسؤولة

وخلال حديثه مع "بوتين"، أكد "نتنياهو" على وجهة النظر الإسرائيلية، قائلا إن "نقل أنظمة الأسلحة المتقدمة إلى أيدٍ غير مسؤولة سيزيد من المخاطر في المنطقة"، وأضاف أن (إسرائيل) ستواصل الدفاع عن أمنها ومصالحها.

وخاضت واشنطن في هذه المسألة أيضا، حيث وصف مستشار الأمن القومي "جون بولتون" القرار الروسي بتسليح سوريا بالمنظومة بأنه "خطأ كبير"، و"تصعيد خطير".

وادعت (إسرائيل) أن النظام السوري هو المسؤول عن إسقاط الطائرة الروسية. وفي تغريدة له قال "نتنياهو": "منذ الأحداث المأساوية في سماء سوريا، تحدثت مرتين مع الرئيس بوتين، وأعربت له عن أسفنا العميق لفقدان طاقم الطائرة الروسية التي أسقطتها النيران السورية المضادة للطائرات غير المسؤولة".

ومع ذلك، وبينما أعربت تل أبيب عن أسفها لفقدان أرواح الجنود الروس، تقول (إسرائيل) إنه ليس أمامها خيار سوى اتخاذ كل الخطوات التي من شأنها ردع التعدي الإيراني.

وهكذا، ستواصل (إسرائيل) التعاون مع موسكو، لكن تل أبيب لن تتراجع عن اتخاذ إجراءاتها ضد إيران. وأكد "نتنياهو" أن التنسيق الأمني ​​بين الجيشين الإسرائيلي والروسي سيتواصل حيث تم الاتفاق على أن تجتمع فرق العمل العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي والجيش الروسي قريبا.

العواقب الاستراتيجية

وفي حين لم يعط الروس المزيد من التفاصيل حول تسليم "إس-300"، وبالنظر إلى أن الأمر سيستغرق عدة أشهر لتدريب طواقم سورية على تشغيل نظام "إس-300" المتطور، فمن شبه المؤكد أن الأطقم الروسية ستقوم في البداية بتشغيل الصواريخ.

وفي الواقع، نظرا لعدم وجود شك في أن الجيش السوري هو الذي أسقط الطائرة الروسية، فمن المحتمل ألا يسمح لأطقم نظام "الأسد" بتشغيل المنظومة الجديدة مطلقا.

وبالنظر إلى حقيقة أن وزير الدفاع الروسي ذكر أن موسكو ستزود مراكز قيادة نظام الأسد بـ "أنظمة التحكم الآلي المقدمة فقط إلى القوات المسلحة الروسية" من أجل "تسهيل السيطرة المركزية على جميع قوات وموارد الدفاع الجوي السوري"، فمن الممكن أن يكون الكرملين يخطط في الواقع لإدارة جميع الدفاعات الجوية السورية. ومن المؤكد أن ذلك من شأنه أن يضمن ألا تقوم القوات السورية، ذات التدريب الضعيف، بمهاجمة القوات الصديقة عن غير قصد في حالة من الهلع عندما تتعرض للنيران.

والأكثر من ذلك، فإن إدارة القوات الروسية للدفاعات الجوية للنظام السوري من شأنها أن يعقد محاولات (إسرائيل) لضرب نظام الأسد والقوات الإيرانية العاملة داخل سوريا. ولا يمكن لـ(إسرائيل) أن تتحمل آثار وقوع قوات موسكو في مرمى النيران إذا حاولت توجيه ضربة مباشرة لقوات نظام "الأسد"، لأن الكرملين لن يسمح على الأرجح بتجاوز مثل هذا الحادث مجددا دون عقاب. وعلى هذا النحو، فإن وجود قوات روسية إضافية سيحد من قدرة (إسرائيل) على التصرف داخل سوريا.

وبطبيعة الحال، إذا حولت روسيا بطاريات منظومة "إس-300" للعمل تحت إدارة مشغلين سوريين، فهناك دائما احتمال واضح بأن تحاول (إسرائيل) تدمير تلك الأسلحة.

وفي الواقع، تمتلك (إسرائيل) السلاح المثالي للقيام بذلك، وهو أسطولها من مقاتلات لوكهيد مارتن "إف-35" الهجومية. ومع ذلك، في المستقبل القريب، بينما يتم تشغيل نظام "إس-300" في سوريا من قبل القوات الروسية، من المرجح أن تتم إعاقة قدرة (إسرائيل) على ضرب أهداف أخرى في سوريا.

  كلمات مفتاحية

الكرملين منظومة إس 300 نظام الأسد القوات الجوية الإسرائيلية إيران الكرملين