إيكونوميست: السيسي يخلق المزيد من الأعداء.. ولا أحد بأمان

الجمعة 28 سبتمبر 2018 03:09 ص

يمكن للمرء أن يرثي لحال المؤرخين المستقبليين الذي سيحاولون فك شفرة ما تفعله المحاكم المصرية حاليا.

ففي 15 سبتمبر/أيلول الجاري، أوقفت الشرطة بشكل غير متوقع "جمال" و"علاء"، أبناء "حسني مبارك"، دكتاتور مصر المخلوع، ولا أحد يعرف لماذا تم سجنهم مرة أخرى؛ حيث استمرت قضية التلاعب بالأسهم منذ عام 2012، وتم إطلاق سراحهم بكفالة لمدة 3 سنوات.

يرى البعض ما حدث على أنه عملية ابتزاز؛ فعائلة "مبارك" هم من بين الشخصيات القليلة في النظام القديم الذين لم يقايضوا ثروتهم بعد بحريتهم، ويشعر البعض بالخوف أن تكون تلك مقدمة لحملة ضد الأغنياء.

وأدت هذه الأخبار إلى تراجع مؤشر الأسهم الرئيسي في مصر بنسبة 3.6%، وهي أكبر خسارة في يوم واحد منذ شهر يناير/كانون الثاني من العام الماضي.

السيسي لا يشعر بالارتياح

من الصعب معرفة الحقيقة في مصر هذه الأيام؛ فحكومة الرئيس "عبد الفتاح السيسي" مبهمة حول توجهاتها، وهناك عدد قليل من الصحفيين المستقلين الذين يمكنهم مساءلتها.

وبموجب قانون جديد، يمكن التعامل حتى مع حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بالأفراد كما لو كانت صحفا، وهي آلية مفرطة في فرض الرقابة.

وتم منع مذيع تلفزيوني موال للحكومة من الظهور على الهواء لمدة أسابيع دون أي تفسير.

وتزعم شائعة يتم تداولها عبر تطبيق "واتساب" أن 22 ضابطا عسكريا تم اعتقالهم بهدوء هذا الشهر.

ورغم أن حقائق هذه القصص تكاد تكون غير ذات صلة، فإن ما يهم هنا هو أن المزيد من الشائعات تجد بيئة للانتشار.

يبدو ذلك مخالفا لما هو مفترض؛ ففي ظل الأوضاع الحالية يمكننا أن نفترض أن "السيسي" يشعر بالارتياح، فقد فاز بفترة ثانية في مارس/أذار الماضي بنسبة 92% من الأصوات.

وبعد سنوات من الركود، نما الاقتصاد بنسبة 5.3% في السنة، فيما تتصاعد أبنية العاصمة الجديدة في الصحراء الشرقية، واكتشفت شركات الطاقة احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.

والوضع الأمني يتحسن نسبيا حتى في شبه جزيرة سيناء المضطربة.

ورغم أن الدستور يمنع "السيسي" من الترشح لفترة قادمة، إلا أن حلفاءه في البرلمان يريدون إزالة هذا الحد، وسينجحون في ذلك على الأرجح.

ومع ذلك، بالنسبة للمصريين العاديين، فإن هذا كله ربما يحدث على كوكب آخر؛ فبعدما هتف الملايين منهم مبتهجين عندما استولى "السيسي" على السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، فإن كل ما خبروه منذ ذلك الحين هو ارتفاع الأسعار والقمع المتواصل.

وكانت أحدث صدمة هي فرض زيادة جديدة في أسعار الكهرباء في يوليو/تموز، وهي ثالث زيادة كبيرة في أربع سنوات حيث قفزت الأسعار بنسبة تصل إلى 43%، وصُدِم بعض القاهريين بفواتير تقترب من ألف جنيه (56 دولارًا) وهو ربع متوسط ​​الراتب الشهري لمتوسطي الدخل.

 ويروي جامعو الفواتير المنهكين كيف أنهم طردوا من مبان سكنية من قبل سكان غاضبين، في حين أن المحلات التجارية والمطاعم تفتح وتغلق كل بضعة أشهر؛ حيث يبدو أصحابها غير قادرين على كسب لقمة العيش.

ويقول أحد الأجانب المخضرمين الذين زاروا مصر في الصيف: "هناك شعور باليأس لم أره من قبل".

خلق الأعداء

لكن معظم المصريين يبقون شكاويهم سرا.

وفي أغسطس/آب الماضي، طالب الدبلوماسي المتقاعد "معصوم مرزوق"، بإجراء استفتاء على حكم "السيسي"؛ فتم اعتقاله على الفور، وكذلك العديد من المعارضين الآخرين.

كما اعتقلت الشرطة أستاذا جامعيا ناقدا للحكومة أثناء مشاركته في تشييع جنازة أحد أقاربه، وقامت بنقله إلى السجن.

وعقدت بقايا المعارضة مؤتمرا صحفيا نادرا للمطالبة بالإفراج عنهم، لكن ذلك لم يساعد؛ فالسيد "مرزوق" ورفاقه لا يزالون في السجن، ويقال إن أصولهم تم تجميدها.

 وفي 8 سبتمبر/أيلول الجاري، أيدت محكمة مصرية حكما بإعدام 75 شخصا في محاكمة جماعية هزلية لأكثر من 700 متهم أغلبهم من الإسلاميين.

ربما لا يتعين على الحاكم أن يكون ذا شعبية حين يدير دولة استبدادية، لكن من المفيد أن يحظى بدعم دعم النخبة.

لكن رجال الأعمال متوترون، وبعض حلفاء "السيسي" في وسائل الإعلام يتذمرون، و"سامي عنان"، القائد السابق للجيش الذي اعتُقل بسبب قيامه بحملة انتخابية قصيرة، يرقد الآن في المستشفى، وصحته تتدهور.

يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين: "لا يمكن تصور أن هناك جنرالا يتم معاملته بهذه الطريقة. لقد صنع السيسي الكثير من الأعداء".

المصدر | إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

السيسي معصوم مرزوق القمع في مصر الاعتقالات في مصر