الأقليات الإيرانية تكثف ضغوطها على النظام من أجل الحقوق

الثلاثاء 2 أكتوبر 2018 03:10 ص

حين ينظر المرء إلى سفوح الجبال المحروقة بالمدفعية عند حدود إيران، فهو يرى دليلاً على جهود الدولة لمحاربة المتمردين الأكراد، وهم مجموعة واحدة فقط من عدة جماعات تحارب بقوة للحصول على حكم ذاتي أكبر داخل الجمهورية الإسلامية.

وفرت المجموعات الكردية النشطة من إيران منذ أكثر من عقدين، ولكن مثلها مثل المقاتلين الآخرين، فإنها تسعى الآن إلى استغلال الضغط الدولي على طهران، وخاصة من الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين لإشعال كفاحها من جديد.

الرد بعنف

ومع كون الأقليات بما في ذلك الأكراد والعرب والبلوش يشكلون ما لا يقل عن 30% من سكان إيران، فإن مظالمهم تجعل إيران قلقة من أن أعداءها سيحاولون إشعالها.

تثير مثل هذه التحديات نقطة ضغط أخرى على طهران إلى جانب الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تركز على المشاكل الاقتصادية التي جددها انسحاب إدارة "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي، الذي كان قد منح إيران مهلة من العقوبات.

وبينما تسعى مجموعات الأقليات إلى التأثير، بعضها بالتمرد وغيرها بالحملات الشعبية، فإن طهران ترد بالقوة، ففي 8 سبتمبر/أيلول، شنقت إيران ثلاثة أكراد بعد إدانتهم بالتمرد المسلح؛ وبعد ساعات، أطلقت سبعة صواريخ باليستية على قواعد كردية على مسافة تزيد على 40 ميلاً داخل العراق.

وضربت الصواريخ غرفة استخدمت كمقر لقيادات جماعة معارضة كردية كانت تناقش كيفية استغلال الضغوط الدولية على طهران، وفقًا لشخص تم الاتصال به في الاجتماع.

وقتلت الغارات 16 شخصًا، وكانت مؤشرا من إيران على استعدادها لمعاقبة المتمردين خارج حدودها.

وقال قائد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني اللواء "محمد علي جعفري"، للتليفزيون الحكومي بعد ذلك: "يجب على جميع الذين لديهم قوات وقواعد ومعدات داخل دائرة نصف قطرها 2000 كيلومتر أن يعرفوا أن صواريخنا دقيقة للغاية".

وحذر رئيس أركان القوات المسلحة "محمد باقري"، من أن طهران ستضرب مرة أخرى، ما لم يتم اتخاذ إجراءات لوقف "الإرهابيين الانفصاليين" الذي زعم أن الولايات المتحدة والقوى الإقليمية قد شجعتهم.

ضغوط تستغلها الأقليات

وتستمر الاضطرابات داخل إيران، حيث تتصادم الجماعات الكردية مع القوات الإيرانية بشكل متكرر في الشمال الغربي، حيث يعيش معظم الأكراد البالغ عددهم 8 ملايين كردي تقريباً.

وفي الجنوب، أشاد الانفصاليون العرب بهجوم 22 سبتمبر/أيلول على عرض عسكري في مركز النفط الرئيسي في إيران، باعتباره انتصارًا لنضالهم، وألقت إيران باللوم على الولايات المتحدة والسعودية في الهجوم الذي أودى بحياة 25 شخصاً، بينما نفت الرياض هذا الاتهام.

وفي واشنطن، رفض وزير الدفاع الأمريكي "جيمس ماتيس" الأسبوع الماضي المزاعم التي تقول إن الولايات المتحدة أو السعودية وراء الهجوم.

وفي الشرق، ضرب المتمردون الذين يناضلون من أجل الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي أو الاستقلال لشعب البلوش في إيران مواقع عسكرية في منطقة متاخمة لباكستان.

وفي الجبال المغطاة بالأشجار المنخفضة عبر الحدود العراقية، والتي يمكن من خلالها رؤية مواقع الحرس الثوري بالعين المجردة، يشعر المتمردون بالفرصة.

وقال "دياكو مسعودي"، وهو مسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، الذي تحدى الحكومات الإيرانية المتعاقبة لأكثر من سبعة عقود: "إن الوضع الحالي للجمهورية الإسلامية يدفعنا إلى القيام بمزيد من العمليات داخل إيران".

وحذرت إيران مراراً السلطات في المنطقة الكردية في العراق، التي تشترك معها في حدود طولها 217 ميلاً، بأنها لن تتسامح مع استخدام أراضي جارتها في أنشطة معادية.

ونجا رئيس جماعة معارضة كردية إيرانية في العراق من محاولة اغتيال في أبريل/ نيسان، لكن في الشهر التالي، قُتل عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بواسطة قنبلة مثبتة في سيارته، ومنذ ذلك الحين تم إطلاق النار على اثنين من المعارضين الأكراد الإيرانيين الآخرين.

وفي الداخل، أعدمت السلطات الإيرانية عشرات الأكراد المتهمين بالارتباط بجماعات المعارضة.

وأدانت بغداد، التي لديها سيطرتها المحدودة على إقليمها الكردي الشمالي، الهجوم الصاروخي الذي وقع في 8 سبتمبر/ أيلول باعتباره انتهاكاً للسيادة كما أدانت أيضاً استخدام المتمردين لأراضيها لتهديد البلدان المجاورة.

 بلا دعم خارجي

وندد نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس" بالهجوم بوصفه محاولة لزعزعة استقرار المنطقة الكردية في العراق التي ترتبط قيادتها بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.

وفي عام 2017 ، أوصى "جون بولتون"، مستشار الأمن القومي، في مذكرة للرئيس "ترامب" بأن تدعم الولايات المتحدة "المقاومة الداخلية" والأقليات داخل إيران، وكان "بولتون" من دعاة تغيير النظام في إيران في الماضي، لكنه قال إن هذه ليس سياسة إدارة "ترامب".

وبالنسبة للأكراد الإيرانيين، يقدم التاريخ الحديث سابقة مشجعة في كسب رضا الولايات المتحدة، بعد أن نجح الأكراد في سوريا في الخروج من الظل ليصبحوا شريكاً رئيسياً في الحرب ضد الدولة الإسلامية وهم الآن يسيطرون على مساحات خاصة من الأراضي.

ورحب الأكراد وغيرهم من الأقليات في إيران بالموقف العدواني لإدارة "ترامب" تجاه طهران، بعد أن كانوا يشعرون أن الاتفاق النووي الذي وقع في عهد الرئيس السابق "باراك أوباما" أعطى طهران رخصة للقضاء عليهم.

لكن حتى الآن، هم لم يقدموا ما يكفي لتغيير السياسة الأمريكية.

وخرج زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني "مصطفى هجري" خالي الوفاض من زيارة لواشنطن في يونيو/حزيران لقياس الاهتمام بدعم جماعته وفقا لما قاله عضو بارز بالحزب.

أما على الأرض، فلا توجد علامة يُعتَدُّ بها بأن الحزب حصل على دعم مادي ذي مغزى من الخارج، فمقاتلوه المعروفون باسم البيشمركة - رجال ونساء على حد سواء - يمتلكون أسلحة قديمة وهم متطوعون، يتلقون راتباً شهرياً متواضعاً يكفي بالكاد لشراء بعض الأساسيات.

وقال عضو المجلس التنفيذي للحزب "لقمان أحمدي"، إن التمويل يأتي من الإيرانيين الأكراد في الشتات ورجال الأعمال الأكراد الأثرياء المتعاطفين مع الحزب، الذي نجح في إقامة جمهورية كردية قصيرة العمر في إيران في عام 1946.

وقال: "الكثير من الممثلين في هذه المنطقة يرغبون في أن تعاني إيران، لكن ذلك لم يترجم إلى أي دعم إقليمي، أو حتى اتصالات منتظمة".

ويقوم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، التي أعاد حشد قوّته من البيشمركة في عام 2015 بعد توقف دام عقدين، ينشر الآن المزيد من أعضائه في إيران لدعم النشاط المدني وتشجيع الأكراد على المقاومة، بدلاً من شن مسلح.

وقال البشمركيّ "ميلاد بيرساهيب"، البالغ من العمر 22 عاماً، إن القوات الإيرانية كانت في كثير من الأحيان أثناء بعثته إلى إيران تتعقبهم لكنها لم تواجههم، وقد تمكن من قضاء عدة أسابيع في عشرات القرى الكردية لشرح هدف جماعته في تأمين الحقوق الكردية داخل نظام ديمقراطي فيدرالي، قائلاً: "لقد استقبلونا بحرارة شديدة".

وتلجأ جماعات المعارضة الكردية إلى تقييم ردود أفعال إيران التصعيدية إزاء أنشطتها باعتبارها علامة مشجعة على ضعف النظام.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

إيران أكراد إيران الأحواز البلوش