جيوبوليتيكال فيوتشرز: هل تهدد إس -300 أنشطة إسرائيل في سوريا؟

الأربعاء 3 أكتوبر 2018 06:10 ص

بعد أن أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة عسكرية روسية في 17 سبتمبر/أيلول، ألقت موسكو باللوم على (إسرائيل)، مدعيةً أنها استخدمت الطائرة الروسية كدرع لحماية الطائرات الإسرائيلية.

والآن، تقول روسيا إنها بصدد تزويد سوريا بنظام الدفاع الجوي "إس-300"، وهو نظام أكثر حداثة ودقة ورشاقة من نظام "إس-200" الذي كانت تستخدمه دمشق حين أسقطت الطائرة الروسية.

وبفضل قدرات الرادار الأفضل، سيشكل النظام الجديد بالتأكيد تهديدا أكبر لعمليات (إسرائيل) الجوية في سوريا، وهي حقيقة تدركها موسكو تماما. وقبل أعوام، وقعت روسيا صفقة لبيع "إس-300" لسوريا، لكنها ألغت الاتفاق عام 2013، بسبب الضغط والتهديدات من قبل (إسرائيل).

ويتطلب فهم أهمية هذا التطور الإجابة على سؤالين متصلين، أولهما التكتيك، فكيف يمكن لـ(إسرائيل)، التي تهاجم باستمرار أهدافا إيرانية في سوريا، أن تدير التحديات الجديدة التي يطرحها وجود منظومة "إس-300"؟ ويشير المسؤولون العسكريون إلى مدى فعالية صواريخ المنظومة في تغطية المجال الجوي ضد المقاتلات من الجيل الرابع، مثل مقاتلات "إف-15" و"إف-16"، التي تشكل جوهر القوة الجوية الإسرائيلية. لذلك من غير المحتمل أن تتجنب (إسرائيل) ببساطة "إس-300" كما فعلت بشكل عام مع "إس-200".

ويمكن لـ(إسرائيل) ببساطة تدمير المنظومة الجديدة بالطبع. وقد تستخدم ما يعرف باسم الصواريخ عالية السرعة المضادة للإشعاع لتشويش نظام الرادار، وتعطيل الدفاعات الجوية السورية.

وهناك خيار آخر يتمثل في إطلاق صاروخ كروز على المنشآت التي تحتوي على المنظومة، ولكن يجب أن يكون هجوما كبيرا، حيث تم تصميم "إس-300" لاستهداف عدة أهداف في وقت واحد. وبخلاف ذلك، يمكن لـ (إسرائيل) استخدام مقاتلاتها من طراز "إف-35"، والتي تقول إنها قد نشرتها بالفعل في القتال.

غير أن العسكريين غالبا ما يترددون في استخدام طائرات من طراز جديد، لأن ذلك يعطي العدو فرصة لاكتساب المعرفة حول كيفية عملها وكيفية التغلب عليها. وفي الواقع، تقول روسيا إنها تمتلك بالفعل القدرة على تعقب واستهداف طائرات "إف-22" و"إف-35" الأمريكية، وهو ادعاء يستحيل التحقق حتى حدوثه. لذلك، من المرجح أن تستخدم الطائرات الشبح فقط، في أكثر الظروف صعوبة، ضد أخطر الأهداف.

والسؤال الثاني يتعلق أكثر بالاستراتيجية، فهل يؤثر حصول سوريا على منظومة "إس-300" على العلاقات الإسرائيلية الروسية بأي شكل من الأشكال؟ في نهاية المطاف، لا مصلحة لأي بلد منهما في الذهاب في حرب ضد الأخرى.

ولا تزال روسيا راغبة في تأمين ادعائها بتحقيق النصر في سوريا، دون تكبد خسائر كبيرة في الأرواح. وتريد (إسرائيل) قطع خطوط الإمداد الإيرانية إلى حزب الله، وعند هذه النقطة، قبلت موسكو بفعالية وجود (إسرائيل) في سوريا.

وعندما تم إسقاط الطائرة الروسية قبل أسبوعين، لم تكن الشكوى الرئيسية لروسيا ضد (إسرائيل) هي أنه لا تريد لها العمل في سوريا، لكن الشكوى كانت أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يمنح القوات الروسية تحذيرا كافيا قبل الضربة. وبالفعل، أقام البلدان آليات لمنع مثل هذه الحوادث في سماء سوريا المزدحمة، لذلك، فإن تزويد سوريا بمنظومة "إس-300" قد يكون بشكل أكبر يهدف لاسترضاء "بشار الأسد" أكثر من كونه تحديا لـ(إسرائيل).

لكن لدى روسيا أيضا مصلحة في الدفاع عن قواتها في سوريا، فقد قُتل 15 جنديا عندما سقطت الطائرة الروسية، وسوف يطلب الجمهور الروسي ردا. ولا تستطيع موسكو تحمل تكرار مثل هذه الأحداث. وقد يساعد النظام الجديد "الأسد" على التمييز بين الصديق والعدو، ومنع المزيد من حوادث النيران الصديقة في المستقبل.

كما سيجبر (إسرائيل) على العمل بشكل أوثق مع روسيا، وتقديم مزيد من التحذير قبل وقوع هجوم، خاصة إذا كانت القوات الروسية هي من يدير مواقع المنظومة. وبعد كل شيء، لا تريد (إسرائيل) أن تصيب الروس خلال محاولاتها تدمير المواقع. ولكن إذا أدار السوريون مواقع المنظومة الجديدة، فلن تتردد (إسرائيل) في الضربة.

وكانت (إسرائيل) جادة حين قالت إن نشر منظومة "إس-300" في سوريا يعد خطا أحمر، ولكن في نهاية المطاف، فإن تهديد الأمن القومي الذي تشكله إيران ودعمها لحزب الله يفوق التهديد الذي تشكله سوريا، على الرغم من إدخال النظام الجديد. وحتى لو فقدت طائرة، فمن المحتمل أن (إسرائيل) لن تبطئ غاراتها الجوية. وفي فبراير/شباط الماضي، تم إسقاط طائرة إسرائيلية من قبل نيران المضادات الجوية السورية، ومنذ ذلك الحين، زادت الهجمات الإسرائيلية.

وإذا افترضنا أن روسيا تقول الحقيقة حول أن شحنات الـ"إس-300" جاري نقلها بالفعل، فلا يوجد ضمان بأن روسيا ستعوض مكان الأنظمة التي تدمرها (إسرائيل) في نهاية المطاف.

وتتعرض روسيا لضغوط علنية لاتخاذ إجراء في الوقت الحالي، لذا من الممكن نشر زوجين فقط من المنظومة، وإزالتهما لاحقا، أو ببساطة عدم استبدالهما إذا تم تدميرها. لكن كل ذلك مبني على إذا كانت موسكو تقبل فكرة أن إسقاط الطائرة الروسية كان حادثا بالفعل.

وفي الواقع، عزا الرئيس "فلاديمير بوتين" هذا الحادث في البداية إلى "سلسلة من الظروف المأساوية"، ولكن إذا كانت موسكو تعتقد أن (إسرائيل) تعمدت وضع الطائرات الروسية في خطر، كما تدعي الآن، فمن الأرجح أن تضع روسيا قوات روسية في مواقع المنظومة الجديدة، وهذا يجعل من الصعب على (إسرائيل) تفكيكها.

  كلمات مفتاحية

منظومة إس 300 العلاقات الروسية الإسرائيلية روسيا (إسرائيل)