ماذا وراء زيارة "بن سلمان" القصيرة إلى الكويت؟

الخميس 4 أكتوبر 2018 04:10 ص

في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، قاد ولي العهد "محمد بن سلمان" وفدا سعوديا إلى الكويت.

وبوصفها أول زيارة رسمية لولي العهد إلى إحدى دول مجلس التعاون الخليجي منذ أن أصبح وريثا للعرش، حظى الأمر باهتمام كبير.

لكن وقت الزيارة القصير للغاية والبيانات الروتينية التي صدرت عن الدولتين في ختام الاجتماعات تسببا في إثارة الاستغراب لدى المراقبين.

وتكهن الكويتيون على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المعلقين الإقليميين بأن الزيارة لم تكن على ما يرام، وأن القضايا الرئيسية، مثل إعادة فتح الإنتاج في حقول النفط في المنطقة المحايدة وأزمة قطر، أثارت الخلافات.

ونفت وزارة الخارجية الكويتية هذه التكهنات بشكل رسمي، وأعادت التأكيد على العلاقات الوثيقة بين البلدين.

وتشير التقارير المبكرة إلى عدم وجود تقدم فوري في القضايا الرئيسية رغم أن ذلك قد يتغير بمزيد من الوقت أو المزيد من المفاوضات.

وفي الوقت نفسه، يشير تشكيل الوفد السعودي، الذي تضمن زيارة مسبقة من وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير"، يليها وزراء الطاقة والمعلومات والتجارة والثقافة، بالإضافة إلى وزير الداخلية ورئيس المخابرات العامة، إلى تعاون واسع عبر المجالات المتنوعة للاقتصاد والثقافة والأمن.

وتتيح التقارير الإخبارية المحلية حول اجتماعاتهم الفرصة لتقييم أولويات وإمكانات مجلس التنسيق السعودي الكويتي الجديد، الذي تم إنشاؤه في يوليو/تموز، والمكلف بتعزيز التعاون بين الدولتين المتجاورتين.

محادثات صعبة

وكان من أهم أولويات الزيارة مناقشة إعادة إطلاق الإنتاج في حقول النفط الواقعة في المنطقة المحايدة المشتركة بين المملكة والكويت، كما روت ذلك مصادر سعودية وكويتية استعرضت الزيارة، ويتضح ذلك من حضور وزير الطاقة والصناعة السعودي "خالد الفالح".

وتم الاستشهاد بإدارة حقول النفط هذه كحافز أساسي لإنشاء مجلس التنسيق السعودي الكويتي الجديد، وازدادت الحاجة إلى زيادة الطاقة النفطية مع انخفاض إنتاج النفط الإيراني تحت ضغط العقوبات الأمريكية.

وتضغط إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" علنا على منظمة "أوبك"، وزعيمتها السعودية، لتوفير الإنتاج الإضافي اللازم لتعزيز أسواق النفط، خاصة في وقت حساس من الناحية السياسية حيث تتجه الولايات المتحدة نحو انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ومع تزايد التساؤلات حول ما إذا كانت السعودية تمتلك الطاقة الاحتياطية اللازمة لتلبية هذه المطالب تزيد الحاجة لتفعيل الإمكانات غير المستغلة في حقول النفط في المنطقة المحايدة بين المملكة والكويت.

وتسهم تلك الحقول بنصف مليون برميل يوميا من إجمالي 1.5 مليون برميل من الإنتاج الإضافي الذي تسعى إليه السعودية.

كان الإنتاج في المنطقة المحايدة توقف خلال أواخر 2014 وربيع 2015 بسبب النزاعات التي لم تكن مفهومة تماما على الإطلاق.

ويبدو أن الوضع المعقد الذي تقوم فيه شركتا النفط الوطنيتان بإدارة الحقول جنبا إلى جنب مع مجموعات النفط الأجنبية التي لديها حصص ملكية، أثار مسائل صعبة تتعلق بالسيادة.

ويبدو أن الاجتماعات في الكويت فشلت حتى الآن في حل المشكلة؛ حيث ذكرت "بلومبرغ" أن المحادثات توقفت حول دور شركة "شيفرون".

وكان مصدر الخلاف الآخر الصعب بين البلدين هو النزاع المستمر مع قطر.

وظلت الكويت ملتزمة بالتوصل إلى حل تفاوضي للأزمة، وحاربت للحفاظ على مجلس التعاون الخليجي.

إلا أن السعودية، وشريكتها الإمارات، لم تبديا أي إصرار على العمل من أجل التوصل إلى حل دون تنازلات كبيرة من قطر.

وقال مسؤول خليجي عربي، لم يذكر اسمه، إن الخلاف سيكون على جدول أعمال الاجتماعات الكويتية السعودية، لكن لم يكن هناك أي مؤشر على مثل هذه المناقشات، باستثناء تصريحات ما بعد الاجتماع التي قدمت إيماءة عامة حول "العمل الخليجي الجماعي".

جدير بالذكر أن ولي العهد الكويتي، "نواف الأحمد الصباح"، التقى سفير قطر في الكويت بعد فترة وجيزة من رحيل "بن سلمان" من الكويت.

تعزيز العلاقات

كانت الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات الثنائية أكثر وضوحا في الاجتماعات التي عقدت على مستوى الوزراء، مع توسيع وزراء التجارة والإعلام والثقافة السعوديين لزيارتهم إلى ما بعد الإقامة القصيرة لولي العهد.

ويعتبر جذب الاستثمار الخليجي والأجنبي في المملكة هدفا للرؤية السعودية لعام 2030.

وحظي إشراك الكويت في هذا المجال بأولوية عالية في اللقاء بين وزير التجارة والاستثمار السعودي "ماجد القصيبي" ونظيره الكويتي، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن مبادرات جديدة محددة.

وستتعارض الرغبة السعودية في الاستثمار الكويتي مع الأولويات الكويتية للتنمية الاقتصادية المحلية، كما هو مذكور في رؤية الكويت لعام 2035.

وعادت الرؤية الكويتية إلى الواجهة مؤخرا مع إعادة الكويت تقديم خطط طويلة الأمد لمشروع ضخم للميناء والمدينة الشمالية. 

وكان الشباب في الخليج في أذهان وزراء الإعلام والثقافة الذين اجتمعوا في الكويت.

وقام البلدان بتوسيع نطاق الوصول إلى الشباب بشكل عام، مع البرامج والمبادرات في الفنون والإعلام وريادة الأعمال.

وقام وزير الثقافة السعودي، الأمير "بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود"، بتسليط الضوء على هذه المبادرات الجديدة، من خلال زيارة مركز الشيخ "عبد الله السالم" الثقافي الجديد، خلال فترة وجوده في الكويت.

وحرصت المملكة بشكل خاص على الوصول للشباب من خلال وسائل الإعلام.

ولتحقيق هذه الغاية، تم الإعلان عن شراكة رسمية بين صحيفة "كويت تايمز" الصادرة باللغة الإنجليزية، ووزارة الإعلام السعودية؛ لتشمل "التعاون التحريري والإعلامي، وتطوير وسائل الإعلام الرقمية، وبرامج تدريب الشباب، والتواصل".

وقد يثير ذلك تساؤلات حول النفوذ السعودي على وسائل الإعلام المحلية في الكويت، في ضوء ما أعلنته الحكومة الكويتية من مراقبة أي نقد في وسائل التواصل الاجتماعي لحكام السعودية.

السير على الحبال

وفي إطار الترحيب بمجلس التنسيق السعودي الكويتي، اتخذت الكويت قرارا استراتيجيا بتعميق مشاركتها مع المملكة على أساس ثنائي، على الرغم من مخاوفها الكبيرة بشأن إضعاف التعاون متعدد الأطراف داخل مجلس التعاون الخليجي.

وقد يكون بناء العلاقات هذا مفيدا للكويت من خلال أخذ الاعتبار لصوتها، في الوقت الذي تسعى فيه السعودية لتحقيق مصالحها من جانب واحد، أو بالتنسيق مع حلفائها الأقوياء في الإمارات.

ولا يزال استمرار الخلافات، سواء على النفط أو السياسة الخارجية، يشكل تحديا للإمارة الأصغر، في إطار سعيها لحماية سيادتها وحماية مصالحها الأساسية، مع تجنب الاستفزازات غير الضرورية.

وبصفته وزيرا للخارجية لفترة طويلة، سيحتاج أمير الكويت إلى الاستفادة من جميع مهاراته الدبلوماسية الكبيرة في التغلب على هذه العلاقة الحرجة وتغير ديناميكية السلطة في الخليج.

المصدر | كارين يونغ - معهد دول الخليج العربي في واشنطن

  كلمات مفتاحية

مجلس التنسيق السعودي الكويتي مجلس التعاون الخليجي محمد بن سلمان المنطقة المحايدة الكويت السعودية