قالت مصادر إن أجهزة الأمن والمخابرات التركية تجري تحليلات مكثفة حاليا لخطوط سير 26 سيارة مملوكة للقنصلية السعودية في إسطنبول، بداية من ظهر الثلاثاء الماضي، وهو الوقت الذي دخل فيه الكاتب والإعلامي السعودي "جمال خاشقجي" مقر القنصلية واختفى بعدها، مشيرة إلى أنه تم التحقق من 22 سيارة، ولا يزال البحث جاريا عن 4 أخرى.

بالتوازي مع ذلك، يركز المحققون الأتراك على محاولة فك لغز لقطات سجلتها الكاميرات الأمنية في محيط القنصلية، والتي أظهرت أشخاصا يخرجون صناديق إلى سيارة سوداء، في الساعات التي تلت اختفاء "خاشقجي".

وفي مسار ثالث، قاربت الأجهزة التركية على فك غموض الأشخاص الـ15 الذين وصلوا من السعودية إلى القنصلية في إسطنبول، بالتزامن مع دخول "خاشقجي" إليها.

وبحسب صحيفة "يني شفق" التركية، فإن تحقيقات تفصيلية تجري لسجلات "GPS" (نظام تتبع المواقع العالمي) بالإضافة إلى سجلات "كاميرات الطرق" لمتابعة وتحليل تحركات سيارات القنصلية من يوم 1 إلى 3 من الشهر الجاري.

وستفضي هذه البيانات في الوصول للمركبات، وإلى دلائل بشأن ما جرى لـ"خاشقجي"، وفق الصحيفة.

وقال مصدر أمني إن عدد سيارات القنصلية السعودية المسجل لدى الحكومة التركية هو 26 سيارة تتحرك باسم القنصلية في عموم تركيا، وإن أجهزة الأمن والاستخبارات التركية تحلل حاليا وبدقة خطوط سير تلك السيارات، وبالفعل تحققت من 22 منها، لكن لا يزال الغموض يكتنف 4 سيارات أخرى، من ضمنتها سيارتان "ميني فان" معتمة الزجاج.

وربما تقدم تلك السيارات الأربع طرف خيط لحقيقة ما جرى مع "خاشقجي" بعد دخوله القنصلية وعدم خروجه منها على قدميه.

وبشأن المجموعة المكونة من 15 شخصا التي وصلت إلى إسطنبول يوم اختفاء "خاشقجي" على متن طائرتين، قالت "يني شفق" إن هذه المجموعة من عناصر "الاستخبارات السعودية" ويجري التحقق من هوياتهم جميعا.

وأشارت مصادر إعلامية إلى أن المدعي العام بإسطنبول يبحث فيما إذا سبق لهؤلاء الأشخاص القدوم لتركيا والتحقق من هوياتهم، مشيرة إلى أنه ربما يجري التعميم عليهم عبر الإنتربول الدولي لتوقيفهم في حال ثبت خلال التحقيقات صلتهم باختفاء "خاشقجي".

وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قد طالب مسؤولي القنصلية السعودية في إسطنبول بإثبات أن "خاشقجي" غادر مقرها كما دخله، لاسيما أن الكاميرات الأمنية سجلت لحظة دخوله، لكنها لم تسجل لحظة خروجه.

وأضاف "أردوغان" خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء المجري، "فيكتور أوربان"، في بودابست، الإثنين، أن "النيابة العامة التركية تجري التحقيقات اللازمة حول المجموعة التي تتكون من 15 شخصا، والذين كانوا موجودين في القنصلية أثناء وجود خاشقجي فيها".

يذكر أن القنصل السعودي في إسطنبول "محمد العتيبي" قد زعم، في تصريحات لوكالة "رويترز" أن الكاميرات الخاصة بالسفارة، والمثبتة على أركانها وأبوابها لم تسجل لحظات دخول أو خروج "خاشقجي"، ما أثار جدلا وسخرية واسعة.

ودخل "خاشقجي" القنصلية السعودية في إسطنبول يوم الثلاثاء الماضي للحصول على وثائق من أجل زواجه المقبل.

ويقول مسؤولون سعوديون إنه غادر القنصلية بعد فترة وجيزة، لكن خطيبته التي كانت تنتظره في الخارج قالت إنه لم يخرج قط.

 وأبلغ مصدران تركيان "رويترز" أن السلطات التركية تعتقد أن "خاشقجي" قُتل داخل القنصلية، وهو ما يتوافق مع ما قاله "ياسين أقطاي" مستشار الرئيس التركي، وأحد أصدقاء الصحفي السعودي.