الغارديان: "بن سلمان" تعامل مع "خاشقجي" على طريقة الكريملين

الاثنين 8 أكتوبر 2018 05:10 ص

كان "جمال خاشقجي" يقدر المخاطر قبل أن يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول، الثلاثاء الماضي، وسعى لتأمين نفسه بتوصية خطيبته بالاتصال بأصدقائه إذا لم يعاود الظهور، رغم أنه تلقى عرضا للعودة إلى الرياض من "محمد بن سلمان" نفسه.

واقتناعا منه بأنه لا يواجه أي تهديد رسمي من ولي العهد، وبدافع الشعور بضغط لاستكمال عملية الزواج، ظن "خاشقجي" أن الاحتمالات كانت في صالحه.

وبعد مرور 5 أيام، يبدو أن تحرك المعارض الأبرز في المملكة لبدء حياة جديدة قد أدى بدلا من ذلك إلى مقتله.

ولم يسمع أحد من "خاشقجي" منذ ذلك الحين، ومع مرور كل يوم، أصبحت السلطات التركية أكثر اقتناعا بأنه لن تتم رؤيته مرة أخرى، فقد انتهت حياته من قبل عملاء سعوديين كانوا ينتظرونه، حيث قاموا بتنفيذ عملية قتل برعاية الدولة السعودية في قلب إسطنبول.

وبحلول ليلة الأحد، فتحت السلطات في تركيا قضية ضد عملاء سعوديين، تردد صداها في أنقرة والرياض، مما وضع اثنين من القوى الإقليمية في مسار تصادم دبلوماسي، وأكد مرة أخرى الثمن الباهظ للمعارضة في عصر الانهيار السريع للحريات.

وقال المسؤولون الأتراك إن "خاشقجي" تعرض للتعذيب، ثم قُتل، وتم تهريب جثته من القنصلية، وكل ذلك تحت أنف الوكالات المحلية.

وقد أصاب المسؤولون الصمت في البداية وظلوا في بادئ الأمر هادئين مع تصاعد التساؤلات حول اختفاء "خاشقجي".

لكن عند منتصف ليل السبت، تغير ذلك، عندما نشر تقرير إخباري، نقلا عن مصدرين تركيين، أنباء تفيد بأن "خاشقجي" قد مات على الأرجح.

ومنذ ذلك الحين، كان المسؤولون من جميع أنحاء الجهاز التنفيذي والأمني ​​في تركيا يدلون بقليل جدا من المعلومات حول تحقيق مستمر.

وقد ساعدت المصادر داخل القنصلية في تشكيل الصورة، كما فعلت مئات الساعات من سجلات الأمن والطيران، التي تكشف تفاصيل الحضور الغامض لوفد أمني سعودي يتألف من 15 شخصا، ووفقا لصديق لـ "خاشقجي"، قبل أن يغادر الوفد القنصلية يوم الثلاثاء.

وقال "توران كشلاكجي"، رئيس جمعية الإعلام العربية التركية، وصديق "خاشقجي": "لقد تابعوا السيارات، وهم يعرفون ما حدث، لدينا كل التفاصيل، وقد تأكدنا من أنه قد قُتل".

ووفقا لـ"توران" فإن "خاشقجي" أخبره قبل الذهاب قائلا: "أنا لست خائفا، لأنه لا يوجد أي تحقيق رسمي ضدي. وعلى العكس، في الآونة الأخيرة، طلب مني محمد بن سلمان أن أكون مستشاره، ورفضت قائلا إن هذا ضد مصالح بلدي والمنطقة".

وأضاف: "إن أكثر ما يمكنهم فعله هو استجوابي، ويمكنني أن أقدم لهم أجوبة، وليس لدي ما أخفيه".

وكان والد خطيبته قد ضغط عليه للحصول على الوثائق ذات الصلة لبدء عملية الزواج الرسمية في تركيا، وقد منحه أصدقاؤه السعوديون الموثوق بهم في الولايات المتحدة تطمينات، لذا فقد كان واثقا مما كان يفعله.

ونفت الرياض بشدة لعب دور في اختفاء "خاشقجي".

وقال الأمير "محمد"، في مقابلة، الجمعة الماضية: "لو كان في الرياض لعرفت".

واتخذت تركيا موقفا رسميا حذرا، وقال رئيس تركيا، "رجب طيب أردوغان"، الأحد، إنه "حزين" لاختفاء "خاشقجي"، وإنه ينوي انتظار نتائج التحقيق، لكن أنقرة صعدت موقفها تدريجيا مؤكدا أن إثبات مغادرة "خاشقجي" للقنصلية يقع على عاتق القنصل السعودي.

ويعكس موقف الزعيم التركي التوازن الدقيق في المصالح بين أنقرة والرياض، وهما قوتان ثقيلتان في المنطقة، لا يزالان على خلاف حول القضايا المحورية، مثل الحصار الذي تقوده السعودية ضد قطر، ودعم الإخوان المسلمين، والانقلاب العسكري في مصر عام 2013.

ووقفت تركيا في معسكر الدوحة على خلفية أزمة قطر، غير أن مسؤوليها يفضلون توجيه عدائهم إلى الإمارات العربية المتحدة، بدلا من الرياض، حيث يحاولون الإبقاء على خط من الود.

ومن خلال السماح لموظفي الدولة البيروقراطيين، وليس المسؤولين المنتخبين، بإحراج السعوديين بسبب اختفاء "خاشقجي"، تعاملت تركيا مع الأمر بقوة، وهو ما يعتزم "أردوغان" القيام به بشكل كامل الأسبوع القادم، في الوقت الذي يستعد فيه مسؤولو الاستخبارات لوضع نتائجهم أمام الجميع.

وقد تكون التنازلات التي قد يحصل عليها رئيس اقتصاد مثقل بالديون من زعيم سعودي يواجه اتهامات بأن عملاء بلاده قد قتلوا معارضا في مدينة أجنبية، تنازلات كبيرة، لكن ذلك يعتمد على مدى تخوف وريث العرش السعودي من التدقيق.

وبعد أقل من عام منذ اختطاف "بن سلمان" رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" بعد استدعائه للرياض، اضطر "الحريري" إلى التوقيع على التنازل عن أصول تقدر بمئات الملايين من الدولارات، كما حدث مع العديد من رجال الأعمال والنخبة السياسية في المملكة.

ومنذ ذلك الحين كثف "بن سلمان" حملة القمع ضد الحريات السياسية.

ولم يبدِ الأمير الشاب، البالغ من العمر 33 عاما أي تسامح مع المعارضة.

وفي نظر المملكة، كان "خاشقجي"، من خلال عموده في صحيفة "واشنطن بوست"، وإمكانية الوصول إلى أصحاب المصلحة في الولايات المتحدة وأوروبا، أكثر من مجرد ناقد، فلقد أصبح تهديدا.

ويعد إنكار السعودية أي معرفة بمكان وجود "خاشقجي" سطرا من كتاب قواعد اللعبة لدى الكرملين، وكذلك موته المزعوم.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي القنصلية السعودية المخابرات التركية محمد بن سلمان