واشنطن بوست: القمع هو الوجه الآخر للإصلاح السعودي

الثلاثاء 9 أكتوبر 2018 01:10 ص

يمكننا اعتبار ولي العهد السعودي الشاب "محمد بن سلمان" بالفعل صاحب توجه إصلاحي كما وصفته تقارير إعلامية لا حصر لها، مع ذلك، هناك فرق بين إصلاح بيت آل سعود وبين منح الحرية للمجتمع الذي يحكمه.

كان هذا واضحًا حتى قبل أن يذهب "جمال خاشقجي"، وهو أحد المهاجرين الذين ينتقدون ولي العهد، إلى القنصلية السعودية في إسطنبول قبل أسبوع، ليختفي تماما مع أنباء عن قتله بطريقة شنيعة.

وأثار نظام ولي العهد، الفضول - والتفاؤل في كثير من الأوساط - عن طريق تغيير بعض السمات الأكثر رجعية في حكم عائلته. ويمكن للمرأة الآن قيادة السيارات، وتم فتح دور السينما في حين يتحدث "بن سلمان" بإعجاب عن وادي السليكون ويسعى إلى التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية والإجابة على أسئلتهم بصراحة واضحة.

ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يستمعون عن كثب لما يقوله "بن سلمان" بالفعل، فمن الواضح أن أولويته العليا ليست، ولم تكن أبدا، توسيع الحرية الفردية، ولكن هدفه هو تحديث النظام الملكي السعودي من أجل جعله صالحا في ظل الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الجديدة في القرن الواحد والعشرين وصالحا كي يبقى على قمته لفترة طويلة جدا.

يريد ولي العهد أن يكون اقتصاد المملكة العربية السعودية أقل اعتمادا على النفط، وأن تكون قواته العسكرية والاستخباراتية أكثر قدرة على محاربة إيران.

ومع ذلك، فإن أي شخص يشكك في خطط "بن سلمان" أو الوتيرة التي يتابعها يكون عرضة للاعتقال والسجن أو ما هو أسوأ.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تم إلقاء القبض على ما لا يقل عن تسع نساء ناشطات في مجال حقوق الإنسان في شهر مايو/ أيار وقد اتهمن بالخيانة ويواجهن ما يصل إلى 20 سنة في السجن.

ويجسد "بن سلمان" ما أسماه عالم السياسة "صموئيل هنتنغتون" "الملك الحداثي" حيث يعمل لإصلاح سريع بما يكفي لاسترضاء الطبقة الوسطى، وموظفي الخدمة المدنية والمثقفين، ولكن ليس سريعًا جدًا بالنسبة للقطاعات التقليدية مثل رجال الدين.

وكان من بين الملوك السابقين المحدثين "هيلا سيلاسي الأول"، إمبراطور إثيوبيا، و"محمد رضا بهلوي" شاه إيران، وكليهما تم إسقاطه في النهاية، الأول بانقلاب عسكري في عام 1974، والثاني بثورة بدأت عام 1978.

وتوضح تجربة هؤلاء الملوك مدى صعوبة الأمر بالنسبة إلى حاكم يسعى للسيطرة على القوى الاجتماعية في حين تتسبب أفعاله في زعزعة الاستقرار في الوقت الذي يسعى فيه إلى تحقيق الاستقرار.

ويقول تحليل "هنتنغتون" إنه بالنسبة لمُحَدِث مثل "بن سلمان"، فإن التخويف والسجن، وربما قتل خصومه، ليس انحرافًا عن خططه، بل هو نتيجة متوقعة لها.

وكتب "هنتنغتون" في نصه الكلاسيكي لعام 1968 بعنوان "النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة": "إن الملوك الذين يسعون إلى التحديث بلا هوادة يعتمدون بشكل متزايد على القمع المطلق للحفاظ على أنفسهم في السلطة".

وقبل عشر سنوات من الانتفاضة التي أدت في النهاية إلى جلب "آية الله الخميني" إلى السلطة في إيران، أشار "هنتنغتون" إلى دور شرطة الشاه السرية في مطاردة الأعداء المحتملين للنظام"، ووصف هذا التكتيك على أنه مؤشر على ضعف النظام. وكتب "هنتنغتون" يقول إن "الإصلاح والقمع هما جانبان من مركزية السلطة والفشل في توسيع المشاركة السياسية والنتيجة المنطقية لذلك هي الثورة".

وسنرى ما إذا كان هذا التحليل سينطبق في نهاية المطاف على "بن سلمان" والمملكة العربية السعودية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن "هنتنغتون" تنبأ أيضًا بعدم الراحة وخيبة الأمل التي قد يشعر بها شخص مثل "خاشقجي" تجاه حاكم مثل "بن سلمان".

وكتب "هنتنغتون": "إن السمة المشتركة في جميع الأنظمة الملكية التقليدية هي البيروقراطية الحديثة والمتقدمة والمتعلمة التي تتصارع مع ضميرها أثناء محاولتها تحقيق التوازن بين نقد الإصلاحات التي يروج لها النظام مقابل المكافآت التي يمكن الجصول عليها من المشاركة في هذا النظام".

على الرغم من أنه ليس بيروقراطيًا صريحا، فقد عمل "خاشقجي" سابقًا في العديد من المناصب الحكومية أو شبه الحكومية في وسائل الإعلام السعودية الخاضعة لرقابة شديدة، وكمساعد للسفير السعودي لدى الولايات المتحدة آنذاك الأمير "تركي الفيصل".

ولكن في مرحلة معينة، خلص "خاشقجي" إلى أن ضميره لم يعد يسمح له بالعمل في إطار النظام.

وقال في أحد مقالاته: "كان ذلك مؤلماً الأمر مؤلما بالنسبة لي منذ عدة سنوات عندما تم اعتقال العديد من الأصدقاء ولم أستطع قول شيء. لم أكن أريد أن أفقد وظيفتي أو حريتي وكنت قلقا على عائلتي، ولكني اتخذت خيارًا مختلفًا الآن لقد تركت بيتي وعائلتي وعملي، لأرفع صوتي". والسؤال الآن هو ما إذا كان هذا الصوت قد أُسكت إلى الأبد.

  كلمات مفتاحية

اختفاء خاشقجي محمد بن سلمان الإصلاح السعودي صامويل هنتنغتون