لماذا انكسر كعب هالي في هذا التوقيت؟

الخميس 11 أكتوبر 2018 05:10 ص

إعلان السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة "نيكي هالي" عزمها على التنحي عن منصبها في نهاية العام جاء بمثابة مفاجأة لدى الكثيرين، وبينهم وزير الخارجية "مايك بومبيو"، ومستشار الأمن القومي "جون بولتون"، وغيرهما من رجال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

قد يكون مصدر المفاجأة الأول ناجماً عن حقيقة تمتع "هالي" بثقة البيت الأبيض بسبب طاعتها العمياء لسياسات "ترامب" الأكثر تشدداً، واقتدائها به في استخدام لغة خشنة عديمة اللباقة، في ميدان عمل مثل الأمم المتحدة يقتضي الكثير من الدبلوماسية وانتهاج الاعتدال من باب الادعاء على الأقل.

وبالتالي فإن من الطبيعي التساؤل عن السبب أو الأسباب التي جعلت "هالي" تتنحى عن المنصب الآن بالذات، في ذروة صعود نجمها داخل الإدارة وفي الكونغرس ولدى الجمهوريين والكثير من الديمقراطيين أيضاً.

والقرار مفاجئ كذلك من حيث توقيته قبيل انتخابات الكونغرس النصفية، وفي أوج صراع الحزب الجمهوري لامتصاص عواقب تثبيت "بريت كافانو" في عضوية المحكمة العليا، وما يمكن أن تسفر عنه على صعيد احتمال خسران الأغلبية في الكونغرس.

فالرئيس الأمريكي بحاجة إلى بقاء امرأة مثل "هالي" في منصبها الرفيع لدى الأمم المتحدة، من باب البرهنة على أن إدارته تفسح للنساء مكانة مرموقة، على نقيض الصورة التي ظهرت خلال الاستماع إلى شهادة السيدة "كريستين بليزي فورد" التي تتهم "كافانو" بالاعتداء الجنسي عليها خلال سنوات المراهقة.

وما دامت "هالي" قد أعلنت أنها لن تغادر المنصب على الفور بل في نهاية السنة، فلماذا لم تؤجل الإعلان إلى ما بعد الانتخابات النصفية؟

ومن جانب آخر يصعب على المرء أن يصدق مزاعم "هالي" في تبرير قرار التنحي من زاوية أن "من المهم للغاية أن يفهم المسؤولون الحكوميون الوقت المناسب للتنحي"، أو "في بعض الأحيان يكون من الجيد أن تكون هناك عملية تناوب للأشخاص الذين يستطيعون وضع نفس الطاقة والقوة في المناصب".

فهي حديثة العهد بالعمل ولم تكمل سنتين في الأمم المتحدة، كما أن وظيفتها السابقة كحاكمة لولاية كارولاينا الجنوبية طيلة 6 سنوات ليست مدعاة تضارب أو تناوب مع وظيفتها في الهيئة الأممية.

الأرجح استطراداً أن وجود "بومبيو" و"بولتون" في الهرم الأعلى للسياسة الخارجية الأمريكية قد ألحق الأذى بصلاحيات "هالي"، بالنظر إلى ما عُرف عنهما من تشدد لا يتطابق دائماً مع مقاربات المندوبة الأمريكية في مسائل حساسة مثل العلاقة مع روسيا مثلاً، أو الموقف من الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي.

ويجوز أيضاً ترجيح الاحتمال بأن تكون وظيفة أخرى في انتظار "هالي"، أكثر قدرة على خدمة "ترامب" في المراحل المقبلة حين يبدأ مسلسل رئاسيات 2020، خاصة أن "ترامب" اعتبر "هالي" "صديقة" شخصية له.

المؤكد مع ذلك أن العالم تخلص من سيدة أعلنت ذات يوم أنها لا ترتدي الكعب العالي من باب الأناقة، بل لكي تستخدمه ضد كل من ينتقد (إسرائيل).

وإذا تعددت أسباب انكسار كعبها اليوم فهذا لا يعني أن البديل عنها لن ينتعل المخلب بدل الكعب، فالأفراد عابرون وزائلون عن المناصب والسياسات العليا باقية.

  كلمات مفتاحية

نيكي هايلي ترامب جون بولتون مايك بومبيو الأمم المتحدة انتخابات نصفية محمد كوثراني