أزمة خاشقجي تضع علاقة بن سلمان وكوشنر بمهب الريح

الاثنين 15 أكتوبر 2018 01:10 ص

عندما اختار الرئيس "ترامب" الرياض لأول ظهور له على الساحة العالمية العام الماضي، كان يراهن على المملكة العربية السعودية وحكامها، حيث تم استقباله بالرقصات التقليدية بالسيف، واستعراضات الطائرات المقاتلة.

وكان العقل المدبر وراء ذلك الرهان هو "غاريد كوشنر" مستشار البيت الأبيض الذي أقنع "ترامب" بزيارة المملكة في أول رحلة خارجية له، والذي قام بتصميم الرقصة الحقيقية بين الرئيس الجديد وحاكم المملكة الصحراوية، الملك "سلمان بن عبدالعزيز".

وكان صهر الرئيس قد أرسى بعناية شراكة وثيقة مع وريث العرش السعودي، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي دافع عنه "كوشنر" كمصلح يتأهب لإيصال المملكة الفريدة والغنية بالنفط إلى الحداثة.

لكن التحالف الأمريكي السعودي، والعلاقة بين "كوشنر"، البالغ 37 عاما، و"بن سلمان"، البالغ 33 عاما، يتعرضان الآن للخطر بسبب الاختفاء غير المبرر والقتل المزعوم لـ"جمال خاشقجي"، وهو صحفي سعودي كان يعيش في الولايات المتحدة، ويكتب أعمدة في "واشنطن بوست".

وقد أثار القتل المشتبه به صرخةً دولية ودعوات لعقاب شديد للرياض.

لكن "كوشنر" أشار بالفعل إلى أنه لا ينوي أن يدير ظهره لولي العهد، ولقد هدد "ترامب" نفسه بـ"أقصى عقوبة"، على الرغم من أنه شكك أكثر من مرة في تورط النظام السعودي في الواقعة.

وكما يرى "كوشنر" و"ترامب" فإن الشراكة منحت الولايات المتحدة أرباحا في شكل تعهدات سعودية بشراء أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات، فضلا عن موقف المملكة كحليف عربي في مواجهة إيران.

واحتفى "كوشنر" بتحركات "بن سلمان" لتحديث الاقتصاد السعودي والمجتمع الذي ظل محافظا لوقت طويل، بما في ذلك السماح للنساء بقيادة السيارة، وتشجيع روح المبادرة النسائية.

علاوة على ذلك، فهو يعتبر "بن سلمان" مؤثرا في النطاق الجيوسياسي في العالم الإسلامي، ويأمل في أن يقدم ولي العهد في النهاية دعم المملكة العربية السعودية، موطن أقدس موقعين في الإسلام، لاتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي الفاسد الذي يتبناه "كوشنر" شخصيا.

"خاشقجي" العقبة

لكن أزمة "خاشقجي" أصبحت بمثابة العقبة أمام "كوشنر".

وتقول السلطات التركية إن "خاشقجي" تم قتله وتشويهه داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وفي محادثات اعترضتها الاستخبارات الأمريكية، ناقش المسؤولون السعوديون في وقت سابق خططا لإجبار "خاشقجي" على العودة إلى مسقط رأسه في المملكة، ومن ثم احتجازه.

ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الأمريكية أن المؤامرة قد أمر بها ولي العهد.

ولم يتم إطلاع "كوشنر" على هذه المؤامرة قبل اختفاء "خاشقجي"، وقال "ترامب" إن "كوشنر" قد سأل "بن سلمان" شخصيا الأسبوع الماضي، عن اختفاء "خاشقجي"، وقد نفى ولي العهد أي تورط له، وقال الرئيس، في مقابلة تم بثها هذا الأسبوع في برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي إس": "إنهم ينكرونها بكل طريقة تتخيلونها".

ويقول منتقدو إدارة "ترامب" إن "كوشنر" كان ساذجا بشكل خطير ليثق بـ"بن سلمان"، وقد سمح بأن يتم التلاعب به من قبل الملك الصاعد، الذي يتعامل مع الأجانب، ولكنه لا يرحم في توطيد سلطته داخل المملكة.

وقد رفض "كوشنر" التعليق على علاقته بـ"بن سلمان"، ويقول المدافعون عنه إنه كان واقعيا بشأن سلطة الأمير الشاب، وإنه لن يتردد في أن يتخلى عن الأمير بشكل خاص عندما لا يتفق مع تكتيكاته، لكنه ما زال يعتقد أن هناك فوائد طويلة الأجل في الحفاظ على العلاقة الوثيقة.

وقد استبعد "ترامب" إلغاء مبيعات الأسلحة إلى السعودية، قائلا إنه سيكون من "الغباء للغاية بالنسبة لبلدنا" التخلي عما وصفه خطأ بأنه صفقة بقيمة 110 مليارات دولار.

ليس مؤهلا

وقال مسؤولو المخابرات الأمريكية، الذين كانوا يراقبون صعود "بن سلمان" منذ أن تم تعيينه وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، إنهم قدروا أنه شخص ساذج عديم الخبرة، وطموح لدرجة التهور، وأنه لم يكن مؤهلا لمثل هذا المنصب.

وكان "بن سلمان" و"كوشنر" قد أقاما صداقتهما في مأدبة غداء في البيت الأبيض، في مارس/آذار 2017، ومنذ ذلك الحين حافظا على مكالمات هاتفية ومقابلات شخصية أقلقت كبار قادة الاستخبارات الأمريكية، نظرا لأن محتويات بعض تلك المحادثات تظل لغزا لم يطلع عليه سواهما.

وقال مسؤولو الإدارة إنه منذ تلك الأشهر الأولى، كان لدى "كوشنر" مسؤولون رئيسيون في الأمن القومي حاضرين محادثاته مع "بن سلمان"، أو قاموا بالاطلاع عليها لاحقا.

وازداد القلق بين بعض رجال الاستخبارات الأمريكية عندما علموا أن مسؤولين أجانب في 4 دول على الأقل قد ناقشوا بشكل خاص طرقا للتلاعب بـ"كوشنر" من خلال الاستفادة من تعاملاته التجارية المعقدة، والصعوبات المالية التي تعاني منها عائلته، وانعدام خبرته في السياسة الخارجية.

وقال مسؤول استخباراتي أمريكي كبير إن "كوشنر" أصبح واقعا تحت تأثير رؤية "بن سلمان" المبسطة لديناميكيات السلطة في الشرق الأوسط، وقد تلاقى الاثنان في الاتفاق على أن إيران هي العدو الرئيسي والعقبة الوحيدة أمام السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

لكن الواقع أكثر تعقيدا، وقال هذا المسؤول إن "كوشنر" بدا غير مهتم بدراسة الفروق الدقيقة في المعضلات الأمنية في المنطقة.

وكان "كوشنر" قد باع لـ"ترامب" والإدارة فكرة أن "بن سلمان" مصلح يسعى إلى زعزعة التحالفات القديمة وتفكيك كتل السلطة الفاسدة داخل بلاده.

وقد جادل "كوشنر" على نحو خاص، خلال الأشهر الماضية، بأن "بن سلمان" سيكون مفتاحا لصياغة خطة سلام في الشرق الأوسط، بحجة أنه بمباركة الأمير السعودي، فإن الكثير من العالم العربي سوف يتبعه.

وكان "ترامب" قد وضع "كوشنر" مسؤولا عن صياغة اقتراح سلام لـ(إسرائيل) والفلسطينيين، بسبب علاقات "كوشنر" الطويلة مع (إسرائيل).

وفي يوليو/تموز، ومع ذلك، أظهر السعوديون انتكاسة في هذا المسار، فبعد أن اعترفت إدارة "ترامب" بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل)، رفض الملك "سلمان" علنا خطة "كوشنر" للسلام، وطمأن الفلسطينيين بأن المملكة العربية السعودية لن تقدم التنازلات التي سعت إليها الولايات المتحدة لصالح (إسرائيل).

وتوقفت الخطة، وكان "كوشنر" مذهولا وغاضبا من الرد السعودي، وفقا لدبلوماسيين على دراية برد فعله.

ومن المتوقع أن يقدم "ترامب" في وقت قريب خطة معدلة، لكن ليس من الواضح ما إذا كان السعوديون سيقدمون الدعم الدبلوماسي والدعم المالي الذي سعى إليه "كوشنر".

وبشكل عام، يقول منتقدو "ترامب"، إن إعجاب الرئيس بالزعماء المستبدين الأقوياء، وتردده في الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، يجعل الزعماء السلطويين يشعرون بأنهم يتمتعون بالسلطة مع غياب الخوف من الانتقام الأمريكي.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي القنصلية السعودية العلاقات الأمريكية السعودية محمد بن سلمان جاريد كوشنر