نيويورك تايمز: MBS تحولت إلى اختصار للسيد منشار العظام

الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 01:10 ص

"الواقع حطم السردية الإعلامية للأمير تشارمينج السعودي"..

هكذا وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأثر الذي خلفته قضية الكاتب السعودي "جمال خاشقجي" على صورة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، بعد تداول أنباء متواترة عن اغتيال الصحفي البارز وتقطيع جثته داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.

وشبه الكاتب المتخصص في شؤون الإعلام بالصحيفة "جيم روتنبرغ" الحاكم الفعلي للمملكة ببطل الفيلم الكوميدي "الأمير تشارمينج"، الذي أصابته "لعنة" تحول على أثرها إلى "ضفدع" يسعى لمعالجة ما لحق بصورته من تحول، وهو ذات التحول الذي جعل من الاسم الاختصاري (MBS)  معبرا عن "السيد منشار العظام" (Mister Bone Saw) وليس عن اسم ولي العهد السعودي الحقيقي (Mohamad Bin Salman) كما روجت له وسائل الإعلام الغربية.

كانت صورة ولي العهد السعودي، في الربيع الماضي، تنطوي على سردية إعلامية سائدة لصورة "القائد الشرق أوسطي الحديث الذي طالما انتظره الغرب"، عندما التقى بنجوم هوليود وعمالقة وادي السليكون (منطقة مشهورة بإنتاج تكنولوجيا المعلومات بولاية كاليفورنيا الأمريكية)، ومنهم إمبراطور الإعلام "روبرت مردوخ" ورئيس شركة والت ديزني "روبرت إيغر"، ومنتج الأفلام السينمائية "براين جرازر" ومالك صحيفة "واشنطن بوست" "جيف بيزوس"، والرئيس التنفيذي لشركة إنديفور الرائدة بإدارة المواهب والفعاليات الترفيهية "آري إيمانويل"، ورئيس شركة سناب شات "إيفان شبيغل".

 

تناول "بن سلمان" عشاء إحدى السهرات على شرف "مردوخ" وناقش مع "شبيغل" شعبية سناب شات في السعودية، واتفق مع "إيمانويل" على استثمار بقيمة 400 مليون دولار، وتهافت عليه الصحفيون في مقهى "ستاربكس" في أجواء احتفائية.

اكتست هذه الأجواء بطابع الاستثمارات والتكنولوجيا وريادة الأعمال وخلت تماما من أي حديث عن وفيات المدنيين في اليمن جراء الغارات الجوية التي تقودها السعودية، أو عن حملة ولي العهد "لمكافحة الفساد"، التي شملت اعتقال العشرات من رجال الأعمال السعوديين في فندق ريتز كارلتون بالرياض، أو عن حكم بالسجن لمدة 5 سنوات ضد الصحفي "صالح الشيحي" لانتقاده الحكومة.

صورة خادعة

كان ذلك من شأنه أن يجعل قراءة صورة ولي العهد السعودي متعسرة لدى هؤلاء الذين أسسوها على منشور "المملكة الحديثة" اللامع، الذي ملأ أكشاك الصحف الأمريكية في ظروف غامضة قبل زيارة "محمد بن سلمان" للولايات المتحدة.

احتوى المنشور على نحو 100 صفحة مليئة بالصور اللامعة لولي العهد، بعضها وهو يبتسم بهدوء، وبعضها وهو يصافح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، بينما تصدرته عبارة "زعيم حاسم على استعداد لدعم الكلمات بالأفعال" كوصف لـ"محمد بن سلمان".

دفعت السعودية تكلفة المنشور لشركة الصحف الشعبية (التابلويد) "أميريكان ميديا"، التي ساعدت "ترامب"، في حملته الرئاسية عام 2016 للتغطية على أبناء حول علاقته المزعومة بعارضة إباحية.

 

 

وظلت صورة المصلح المنفتح غالبة على وسائل الإعلام، وكان مقررا لها أن تستمر عبر مؤتمر استثماري بالرياض، في وقت لاحق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عبر مؤتمر يستضيفه ولي العهد، إلى أن بدأت بالتفكك في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، عندما دخل "خاشقجي" إلى قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية ولم يخرج منها.

فباستثناء شبكة فوكس، التي تراجع مشاركتها بالمؤتمر، انسحبت جميع الشركات والمنظمات الإعلامية منه، في الوقت الذي قفزت فيه قصة "خاشقجي" إلى قائمة الأكثر رواجًا، مع تداول أنباء عن تقطيع جثته بمساعدة منشار عظام، قبل نقلها من القنصلية السعودية بإسطنبول.

وهنا عادت الأضواء مجددا إلى وجه الصورة الثاني لـ"محمد بن سلمان"، وهي الصورة التي حذرت منها لجنة حماية الصحفيين، في يناير/كانون الثاني، بعد الحكم بحسب "الشيحي".

حينها قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باللجنة "شريف منصور" إن "ادعاءات الإصلاح السعودية مجرد خدعة"، مشيرا إلى حبس 8 صحفيين آخرين وسط حملة قمع واسعة النطاق في المملكة.

جزار دمشق

ويشير "جيم روتنربغ"، في هذا السياق، إلى أن كشفه لعوار الدعاية الإعلامية الغربية لا يعني أن كل تحركات ولي العهد السعودي لم تكن جديرة بالاهتمام الخبري، خاصة إعادة فتحه المسارح بالمملكة وسماحه للنساء بقيادة السيارات في إطار شكل أكثر اعتدالا من الإسلام السعودي، بل يعني أن الصورة التي تم تقديمها عبر وسائل الإعلام قدمت وجها واحدا من الحقيقة.

"الأمر هنا فقط هو أن الصحافة الأمريكية سمحت للقصص المنمقة حول الديكتاتوريين الناشئين بإخفاء الحقائق الأقل جاذبية".. كتب "روتنبرغ".

واستشهد الصحفي الأمريكي، في هذا الصدد، بنموذج رئيس النظام السوري "بشار الأسد" الذي صوره الصحفيون في بداية حكمه كمصلح لديه استعداد لانفتاح سوريا على التكنولوجيا الأمريكية.

"مصلح الأمس هو الآن جزار دمشق".. هكذا لخص "روتنبرغ" أزمة تأثير الإعلام عندما يتحول إلى آلة دعاية.

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان السعودية بشار الأسد مردوخ وادي السليكون الأمير تشارمينج جمال خاشقجي الرياض ريتز كارلتون دونالد ترامب