قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن اقتراح إقالة نائب رئيس الاستخبارات السعودية اللواء "أحمد عسيري" وزملائه كمخرج لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" هو في الأساس اقتراح من الإدارة الأمريكية للدفع به كبش فداء ومخرج للرياض وواشنطن من أزمة الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" المتصاعدة.
ووفقا للصحيفة، فإن الأمريكان هم أول من أشاروا للإعلام بتورطه وسربوا اسمه لوكالات الأنباء كمسؤول عن العملية، رغم معارضة الملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز" لتورط أي مسؤول سعودي في العملية.
لكن بحسب "الغارديان"، فإن المسؤولين الأمريكيين يمارسون ضغوطا متواصلة على ولي "بن سلمان" لتوجيه اللوم لأحد جنرالاته المفضلين "أحمد عسيري" نائب رئيس المخابرات، في مقتل "خاشقجي".
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نقل الكاتب الأمريكي "ديفيد اغناتيوس" عن مصادر سعودية أن "عسيري" ربما يكون كبش الفداء، لإخراج المملكة من مأزقها الحالي.
وقال "أغناتيوس" في مقال له في صحيفة "واشنطن بوست" تحت عنوان "الغضب الهائج لبن سلمان لن يسكت الأسئلة حول جمال خاشقجي"، إن مسؤولين أمريكيين أخبروه أن البيت الأبيض، اطلع الشهر الماضي على معلومات تفيد بأن "عسيري" كان يخطط لتشكيل فريق "نمر" للقيام بعمليات خاصة سرية.
ونقل الكاتب عن مصدر مطلع على تقارير الاستخبارات الغربية قوله إن "عسيري" اقترح على "بن سلمان" أساليب عدة، لاتخاذ إجراءات ضد "خاشقجي" وآخرين .
و"عسيري" واحد من أخلص رجال الأمن لدى ولي العهد السعودي، وهو لواء بارز سابق في القوات الجوية السعودية، وكان وجه السعودية في الحرب على اليمن على مدى عام قبل نقله إلى المخابرات، وربما يكون مسؤولا على الأرجح، ولكنه وثيق الصلة بـ"بن سلمان" بصورة لا يتمتع بها ضابط في كل العسكرية والاستخبارات السعودية.
وعادة ما يعهد "بن سلمان" لـ"عسيري" بأكثر أسرار المملكة حساسية، وإذا كانت المملكة مسؤولة عن مقتل "خاشقجي"، فمن المؤكد أنه كان مشاركا في خطة قتله.
وعلى مدى ثلاثة أيام، ظل مسؤولون أمريكيون يشيرون إلى أن مسؤولا بارزا في الرياض لعب دورا رئيسيا في عملية استدراج "خاشقجي" للقنصلية السعودية في إسطنبول، (عسيري)، رغم رفض الملك "سلمان" بصورة تامة الإشارة إلى احتمال ضلوع أي مسؤول سعودي في اختفاء "خاشقجي".
ويشعر المسؤولون الأمريكيون بغضب متزايد إزاء عناد ولي العهد السعودي، مما أدى إلى اختيار "عسيري" ليكون من يتحمل اللائمة فيما يتعلق بخاشقجي.
و"عسيري" ليس على صلة قرابة بالعائلة المالكة السعودية ولكنه كان متحمسا للغاية لتدخل السعودية في اليمن، وهو ما جذب انتباه ولي العهد.
وتلقى "عسيري" تعليمه في أكاديمية ساندهرست العسكرية، وتلقى تدريبا عسكريا في الولايات المتحدة، ويجيد اللغة الإنجليزية، وترقى إلى رتبة عليا في القوات الجوية السعوية رغم أصوله المتواضعة في قرية جنوب غرب السعودية.
وأعلنت السلطات السعودية، فجر السبت، مقتل "خاشقجي" إثر "شجار" داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، وذلك بعد 18 يوما من واقعة اختفائه.
وأعلنت الرياض توقيف 18 شخصا جميعهم سعوديون، على خلفية الواقعة، لكنها لم تكشف عن مكان جثمان "خاشقجي" الذي اختفى عقب دخوله القنصلية في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لإنهاء معاملة رسمية خاصة به.
وقرر العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، إعفاء مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات العامة اللواء "أحمد عسيري"، والمستشار بالديوان الملكي "سعود بن عبدالله القحطاني"، وأمر بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد "محمد بن سلمان"، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.
واعتبر مسؤولون وسياسيون دوليون بارزون أن الرواية السعودية الأخيرة شابها العديد من الخروقات، وأنها غير مقبولة، مشددين على ضرورة إظهار الحقيقة في تلك القضية.
