السعودية تروج لروايتها عبر تسريب تفاصيل مزعومة لمقتل خاشقجي

الأحد 21 أكتوبر 2018 08:10 ص

روى مسؤول سعودي كبير، ما زعم أنها تفاصيل العملية الاستخباراتية السعودية، التي أدت لمقتل الكاتب السعودي "جمال خاشقجي"، داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، مدعيا أن هدف العملية كان خطفه وإعادته للمملكة، وليس قتله.

وتناول المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، في روايته، التي تخالف ما كشفته التحقيقات التركية، كيفية تهديد فريق من 15 سعوديا، تم إرسالهم لمواجهة "خاشقجي"، في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قبل أن يتم تهديده وخطفه ثم قتله خنقا عندما قاوم، وذلك قبل التخلص من جثته، وارتداء أحد أفراد الفريق ملابسه، ليبدو وكأنه غادر القنصلية.

وبعد إنكار أي تورط في اختفاء "خاشقجي" ( 60 عاما)، لمدة أكثر من أسبوعين، قالت السعودية، فجر السبت، إنه توفي في شجار داخل القنصلية.

وقدم المسؤول السعودي، ما قال إنه وثائق استخبارية داخلية سعودية، يبدو أنها تظهر مبادرة لإعادة المعارضين، بالإضافة إلى الوثيقة المحددة التي تخص "خاشقجي" نفسه.

ما قاله المسؤول السعودي، هي أحدث الروايات السعودية، التي تغيرت عدة مرات، وهو ما عزاه المسؤول إلى أنه تم تضليل الإدارة السعودية، بمعلومات كاذبة، ورد ذكرها داخليا في ذلك الوقت، حسب زعمه.

وادعى المسؤول بالقول: "بمجرد أن أصبح واضحا أن هذه التقارير الأولية للبعثات كانت خاطئة، فقد بدأت تحقيقا داخليا وامتنعت عن المزيد من التعليقات العامة"، مضيفا أن "التحقيق مستمر".

ورفض المصدر، ما كشفته التحقيقات التركية، عن تقطيع جثمان "خاشقجي"، وزعم أنه "تم لفها في سجادة وتسليمها لمتعاون محلي" (لم يذكر أي شيء عنه) للتخلص منها".

وتقول تركيا، إن لديها تسجيلا صوتيا يشير إلى مقتل "خاشقجي" داخل القنصلية، بعد تعذيبه، وقبل تقطيع جسده، لكنها لم تكشف عنه بعد.

خطة استخباراتية

وقدم المسؤول السعودي، ما قال إنها وثائق مخابرات سعودية، تكشف فيما يبدو عن خطة لإعادة المعارضين بالإضافة إلى الوثيقة التي تخص "خاشقجي"، كما عرض ما زعم أنه "شهادة من أشخاص ضالعين فيما وصفها بتغطية الفريق الذي ذهب للقاء خاشقجي، على ما حدث، والنتائج الأولية لتحقيق داخلي" دون أن يقدم دليلا لإثبات نتائج التحقيق والأدلة الأخرى.

ووفقا لأحدث نسخة من الرواية السعودية، فقد زعم المسؤول السعودي، أن حكومة بلاده أرادت إقناع "خاشقجي"، بالعودة إلى المملكة، كجزء من حملة للحيلولة دون تجنيد أعداء البلاد للمعارضين السعوديين، حسب قوله.

وانتقل "خاشقجي"، للإقامة في واشنطن، قبل عام خوفا من الانتقام منع بسبب آرائه، وسجنه، كالمئات من الناشطين والدعاة والأكاديميين الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الماضية، وقدم بعضهم للمحاكمة.

وأضاف المسؤول، أنه من أجل ذلك شكل نائب رئيس الاستخبارات العامة "أحمد عسيري"، فريقا من 15 فردا من الاستخبارات والأمن للذهاب إلى اسطنبول، ومقابلة "خاشقجي" في القنصلية ومحاولة إقناعه بالعودة، حسب قوله.

وقال المسؤول إن "هناك أمرا دائما بالتفاوض على عودة المعارضين بطريقة سلمية"، مضيفا أن "أمر العمليات يمنحهم سلطة التصرف دون الرجوع للقيادة".

اختطاف تحول لقتل

وأضاف أن "عسيري كون الفريق"، وأن المستشار بالديوان الملكي "سعود القحطاني"، شارك في إعداد العملية.

وزعم المسؤول، أنه وفقا للخطة، كان سيحتجز الفريق "خاشقجي" في مكان آمن خارج إسطنبول لبعض الوقت وإقناعه خلال فترة الاحتجاز بالعودة.

وحسب ما ادعاه المسؤول السعودي، فإنه كان من المقرر الإفراج عن "خاشقجي"، إذا رفض في نهاية الأمر العودة للسعودية.

وأضاف أن "الأمور ساءت من البداية، إذ إن الفريق تجاوز التعليمات، ولجأ سريعا للعنف".

ووفقا لرواية الحكومة، تم توجيه "خاشقجي" لمكتب القنصل العام، حيث تحدث أحد أفراد الفريق، ويدعى "ماهر مطرب" (وهو مسؤول استخباراتي كبير وتشير التقارير إلى أنه كان منسق العملية) معه عن العودة للسعودية.

وقال المسؤول إن "خاشقجي رفض التحدث"، وأبلغ "مطرب" أن شخصا ما ينتظره بالخارج، وسيتصل بالسلطات التركية إذا لم يظهر خلال ساعة.

وكانت "خديجة جنكيز" خطيبة "خاشقجي"، قالت في وقت سابق، إنه كان قد سلمها هاتفيه المحمولين، وطلب منها أن تنتظره، وتتصل بمساعد للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إذا لم يعد.

وداخل القنصلية، وفقا لما زعمه المسؤول السعودي، قال "خاشقجي" لـ"مطرب": "هذا الأمر مخالف للأعراف الدبلوماسية والأنظمة الدولية.. ماذا ستفعلون بي هل لديكم نية لخطفي؟".

ورد "مطرب": "نعم سنخدرك وسنقوم باختطافك"، وهو ما وصفه المسؤول بمحاولة تخويف تخالف هدف المهمة، وهو ما يخالف ما نشرته تسريبات التقارير التركية والأجنبية حول عملية قتل "خاشقجي".

وادعى المسؤول أنه، عندما رفع "خاشقجي"، صوته أصيب الفريق بذعر، ووفقا لرواية الحكومة "حاولوا أن يسكتوه وكتموا أنفاسه".

وأضاف زاعما: "نتيجة إصرار خاشقجي رفع صوته، وإصراره مغادرة المكتب، حاولوا تهدئته، لكن تحول الأمر إلى عراك بينهم... ما اضطرهم لتقييد حركته وكتم نفسه".

وتابع: "حاولوا أن يسكتوه لكنه مات.. لم تكن هناك نية لقتله"، حسب مزاعمه.

وردا على سؤال حول ما إذا كان الفريق خنق "خاشقجي"، حاول المسؤول السعودي التهوين من العملية بالزعم: "إذا وضعت شخصا في سن جمال في هذا الموقف سيموت على الأرجح".

جثة مفقودة

وعلى إثر ذلك، حاول الفريق، بحسب مزاعم المسؤول السعودي، التغطية على ما سماه "جريمتهم"، عبر لف الجثة في سجادة، وإخراجها في سيارة تابعة للقنصلية، وتسليمها "لمتعاون محلي" (لم يكشف عن هويته) للتخلص منها.

كما أن المصدر لم يكشف أية تفاصيل حول ما إذا كان قد تم تسليمه الجثة كاملة، أو تم تقطيعها حسب ما كشفته التحقيقات التركية.

وأضاف المسؤول، أن خبير الأدلة الجنائية والطب الشرعي "صلاح الطبيقي"، الذي كان ضمن الفريق الاستخباراتي، حاول إزالة أي أثر للحادث، دون أن يكشف سبب وجوده أصلا بالفريق، ودوره إن كان حسب قوله إن هدف العملية كانت إقناع "خاشقجي" بالعودة، أو على أقصى تقدير خطفه.

وكان مسؤولون أتراك قد أبلغوا "رويترز"، أن قتلة "خاشقجي" ربما ألقوا أشلاءه في أحراش بلجراد المتاخمة لإسطنبول، وفي موقع ريفي قرب مدينة يلوا، التي تبعد بالسيارة عن جنوب إسطنبول مسافة 90 كيلومترا.

وقال مسؤول كبير، إن المحققين الأتراك سيعرفون على الأرجح، ما حدث للجثة خلال فترة "غير طويلة".

وقال المسؤول السعودي إن المتعاون المحلي يقيم في إسطنبول، وإن المحققين في بلاده يحاولون معرفة مكان الجثة (دون أن يقدم تفاصيل).

كما زعم ارتداء أحد أفراد الفريق ويدعى "مصطفى المدني"، ملابس "خاشقجي"، ونظارته وساعته الآبل، ومغادرته من الباب الخلفي للقنصلية، في محاولة لإظهار أن "خاشقجي" خرج من المبنى.

يأتي ذلك، رغم تأكيد السلطات السعودية مسبقا أكثر من مرة، أن الكاميرات في القنصلية لم تصور "خاشقجي"، في دخوله أو خروجه، قبل أن تكشف تارة أن الكاميرات كانت معطلة، وتارة أنها تصور ولا تسجل.

وحسب مزاعم المسؤول، فقد توجه "المدني" (75 عاما وكان ضمن الفريق الاستخباراتي) إلى منطقة السلطان أحمد حيث تخلص من المتعلقات.

وكان "المدني"، موظف في القطاع العام بالسعودية برتبه مدير، أحد من كشفت السلطات التركية، عن دخوله إسطنبول، وخروجه منها ضمن فريق الاغتيال المكون من 15 شخصا سعوديا، والذي روج الإعلام السعودي، قبل الاعتراف بمقتل "خاشقجي"، إنهم كانوا سياحا.

معلومات مغلوطة

وحسب مزاعم المسؤول السعودي، فإن الفريق كتب بعد ذلك تقريرا مزورا لرؤسائه، قائلا إنه "سمح لخاشقجي بالمغادرة، بعد أن حذر من أن السلطات التركية ستتدخل، وأنهم غادروا البلاد سريعا قبل اكتشاف أمرهم".

ويتساءل متشككون عن سبب مشاركة مثل هذا العدد الكبير، وبينهم ضباط بالجيش وخبراء في الطب الشرعي، متخصصون في التشريح في العملية، إذا كان الهدف هو إقناع "خاشقجي" بالعودة للسعودية بإرادته.

وقال المسؤول إن جميع أفراد الفريق ومجموعهم 15 شخصا اعتقلوا، ويجرى التحقيق معهم إضافة إلى 3 مشتبه بهم آخرين (لم يكشف عن هويتهم).

ويشكك مراقبون في هذه  الرواية، وقالت تقارير دولية رسمية وإعلامية، إن الرواية السعودية الرسمية، تأتي كمحاولة للتغطية عن دور ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، في العملية، والتي يؤكدون أنها تمت بأمر مباشر منه.

وتتناقض الرواية السعودية الرسمية، والاعتراف بقتل "خاشقجي"، وما يروج له المسؤول السعودي حاليا، مع ما أعلنه "بن سلمان"، مبكرا، من أن "خاشقجي" غادر القنصلية، بعد 20 دقيقة.

ويشدد مسؤولون وسياسيون دوليون، على ضرورة إظهار الحقيقة كاملة في تلك القضية، وسط دعوات بتحقيق دولي شفاف، واتخاذ خطوات رادعة ضد السعودية، كون أن قتل "خاشقجي" داخلها، تحت أي ظرف يخالف معاهدة فيينا المنظمة لعمل البعثات الدبلوماسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خاشقجي رواية السعودية قتل خاشقجي فرقة الاغتيال القنصلية