نيويورك تايمز: على ترامب أن يرفع دعمه عن بن سلمان

الأحد 21 أكتوبر 2018 11:10 ص

انتقدت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها التحريرية البيان السعودي الذي يفسر كيف مات "جمال خاشقجي"، لكنها أكدت أن السؤال الآن ليس ما إذا كان التفسير جديرا بالتصديق، لكن طبيعة الجهة التي يرغب السعوديون في خداعها بهذا البيان.

وترى الصحيفة أنه "في عالم الأوتوقراطية الذي يعيش فيه ولي العهد السعودي، فإن ما يظنه الناس العاديون غير ذي أهمية، وما يهم هو ما إذا كان ما يفعله كافيا لإرضاء الرئيس ترامب".

وكان "ترامب" متلهفا لتلمس أي مبرر للحفاظ على علاقته بـ"بن سلمان"، وصفقات الأسلحة السعودية المربحة، منذ اليوم الأول.

ويبدو أنه تنفس الصعداء بعد القصة التي أعدها السعوديون بعد أكثر من أسبوعين من الأكاذيب والتهرب، وقال "ترامب" فورا إن البيان كان "خطوة أولى جيدة"، و"كبيرة" "وجديرة بالثقة".

وبهذا ينضم "ترامب" إلى أقلية واضحة تصدق القصة السعودية وفق الصحيفة الأمريكية، فقد تم رفض القصة على نطاق واسع، وتم وصفها بأنها محاولة مثيرة للشفقة للاعتراف بما أصبح لا يمكن إنكاره، حيث سافرت مجموعة من 15 عميلا سعوديا إلى إسطنبول في اليوم الذي كان يُتوقع فيه حضور "خاشقجي" للقنصلية السعودية، وقتلوه هناك.

كما أن القصة تعفي "بن سلمان"، الحاكم الحقيقي والمسيطر على السلطة في المملكة، من أي مسؤولية.

وتقول الرواية السعودية إن أمرا عاما صدر بإعادة المعارضين المقيمين في الخارج، لكن بطريقة ما، خرج الأمر عن السيطرة، وعندما علم السعوديون بخطط "خاشقجي"، أرسل نائب مدير المخابرات، اللواء "أحمد العسيري"، فريقا لاصطحابه، ووفقا لهذه النسخة من الحكاية، قام "خاشقجي" بالدخول في شجار بالأيدي حيث تم قتله، وتم إعطاء الجثة لمتعاون محلي للتخلص منها، ربما في قطع وحقائب.

والآن، تم القبض على 15 عميلا، بالإضافة إلى سائق، وموظفين قنصليين، وهم بشكل أساسي جميع الشهود باستثناء القنصل العام، الذي عاد إلى المملكة ولم يُسمع عنه منذ ذلك الحين، في حين أقال ولي العهد السعودي كلا من "العسيري" و"القحطاني"، وعددا قليلا من مسؤولي الاستخبارات الآخرين.

ويبدو هنا أن التفسير قد جاء ليظهر معاقبة الجناة، وبراءة ولي العهد، بشكل يرضي "ترامب".

ومن بين المشاكل العديدة في هذه القصة، وفق "نيويورك تايمز"، أن أحدا لا يمكن أن يصدق أن صحفيا معتدلا يبلغ من العمر 60 عاما قد دخل في مثل هذا الشجار لدرجة التعرض للقتل، ناهيك عن أن الرواية لا تفسر لماذا كان أحد الوكلاء الذين تم إرسالهم إلى إسطنبول يحمل "منشار عظم"، أو لماذا قال الأتراك أن لديهم أدلة على أن "خاشقجي" قد تعرض للتعذيب وتقطيع أوصاله.

كما أنها لا تفسر لماذا استغرق الأمر من السعوديين أكثر من أسبوعين للاعتراف حتى بأن "خاشقجي" قد مات.

وتتساءل "نيويورك تايمز" قائلة: لماذا كان "خاشقجي" يُعتبر تهديدا كبيرا لدرجة أن جهاز الأمن السعودي حاول خطفه، حتى لو لم يكن الهدف هو قتله؟ وقد كان الصحفي السعودي مرتبطا بالنظام بشكل جيد، وكان قد فر إلى المنفى الاختياري في الولايات المتحدة عندما بدأ "بن سلمان" في حصار النقاد في الداخل، وكثيرا ما انتقد الأمير في مقالاته بـ"واشنطن بوست"، فهل هذا التهديد قاتل؟

وتعقب الصحيفة بالقول إن الشيء الوحيد الذي يُطلب منا أن نصدقه في هذه القصة هو أن "بن سلمان"، الإصلاحي الذي سمح للنساء بقيادة السيارة، لن يتغاضى عن مثل هذا العنف، وأن نتجاهل أنه نفس الرجل الذي سجن العديد من أبناء عمه لتخويفهم، والذي خطف رئيس وزراء لبنان، وبدأ حربا كارثية في اليمن، وكسر العلاقات مع كندا بسبب تغريدة ناقدة، وسجن النقاد والمعارضين، وحكم على مدون بـ1000 جلدة، والكثير من ذلك وأكثر.

وتعقب الصحيفة بالقول إن "ترامب" سيكون مخدوعا إذا اعتقد حقا أن التستر على الفضيحة السعودية قد ينهي الأمر، ورصدت تردد "ترامب" الملحوظ في القضية والذي عزته إلى علاقات مستشاره، وصهره، "غاريد كوشنر"، مع ولي العهد السعودي.

ودعت الصحيفة الإدارة الأمريكية إلى الحفاظ على مصداقيتها أمام العالم عبر المطالبة بإجراء تحقيق مدعوم من الأمم المتحدة من قبل مسؤولين محترمين ومستقلين، على أن يطلب من تركيا تقديم تسجيلاتها وأي أدلة أخرى.

كما دعت "ترامب" إلى تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية، وأن يطلب من حلفاء "الناتو" فعل نفس الشيء، كما دعته إلى توصيل رسالة إلى الأعضاء النافذين في أسرة "آل سعود" أنه يعتقد ما يعتقده الكثير منهم، وهو أن "محمد بن سلمان" أصبح ساما، وغير قابل للاستمرار.

وأخيرا، دعت الصحيفة الرئيس الأمريكي أن يتأكد من الوصول إلى رفاة "خاشقجي" الذي عانى من الهمجية لمجرد التحدث بالحقيقة في وجه السلطة، وإعادتها إلى أسرته.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي البيان السعودي غاريد كوشنر محمد بن سلمان