فايننشال تايمز: على الغرب أن يضغط للإطاحة بولي العهد السعودي

الأحد 21 أكتوبر 2018 03:10 ص

يبدو لمعظم المراقبين الموضوعيين بوضوح أن الحكومة السعودية قتلت الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصليتها في إسطنبول.

لكن من الممكن ألا يكون لدينا أبداً دليل مطلق على تورط ولي العهد "محمد بن سلمان"، وهذا يعود بشكل كبير إلى بعد التحقيق عن المهنية والنزاهة.

ومن المؤكد أن فكرة أن السعوديين يمكن الوثوق بهم لإجراء مثل هذا التحقيق ستكون مثيرة للضحك.

ورغم ذلك، هناك شيء أقل وضوحا، ألا وهو ما الذي يجعل ولي العهد قد يأمر بمثل هذا العمل حتى لو خلص المرء إلى أنه يعتقد أنه يمكن أن يفلت من العقاب.

وربما نشأ ذلك عن عدم رضاه عن صحفي انتقد النظام بانتظام، وربما يكون قد سعى لأن يجعل منه عبرة ويرسل رسالة إلى منتقدين محتملين آخرين، وهناك أيضاً وجهة النظر القائلة بأن القتل المزعوم ربما نشأ عن اقتتال سياسي، حيث كان يُعتقد أن "خاشقجي" مرتبط بعناصر من العائلة المالكة خسروا عندما تخطى "محمد بن سلمان" ترتيب الخلافة وأمسك بالسلطة الحالية والمستقبلية بين يديه.

يضر المصالح الأمريكية

السؤال الأهم الذي يواجه الولايات المتحدة والحكومات الأخرى الآن هو كيفية الرد.

حتى الآن يبدو الرئيس "دونالد ترامب" مصمما على إخراج السعوديين وولي العهد من المشكلة، ويتفق هذا تماما مع سياسته الخارجية التي تنحاز للرجال الأقوياء وتقبل كلمتهم؛ سواء كانت تأكيدات "فلاديمير بوتين" بأن روسيا لم تتدخل أبدا في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، أو بوعد "كيم جونغ" أون بتخليص كوريا الشمالية من أسلحتها النووية.

إذا كان "رونالد ريغان" يؤمن بفكرة "ثِق ولكن تحقق"، فإن "ترامب" يجسد "ثِق وأشِح بنظرك".

يدعي الرئيس أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقف بجانب نظام "محمد بن سلمان" لأن بلاده حليف مهم وقيم يشتري كميات كبيرة من الأسلحة، وهو مفيد في سوريا وفي الحرب ضد الإرهاب، وشريك في مواجهة إيران، كما لا تزال المملكة تنتج حوالي واحد من كل 10 براميل من النفط في العالم، واستثماراتها كبيرة ومهمة لعدد من الشركات والمشروعات الأمريكية.

ولا شك أن الكثير من هذه الحجج صحيحة، لكنها تتجاهل حقيقة أن ولي العهد المندفع والطائش غالباً ما يفعل أشياء تضر أو ​​تفشل في مساعدة المصالح الأمريكية.

هناك الحرب في اليمن "التي يُطلق عليها فيتنام السعودية"، التي تحولت إلى كارثة إنسانية واستراتيجية، وهناك جهود "محمد بن سلمان" لزعزعة استقرار دولة قطر  وهي بلد يعد موطنًا للقاعدة العسكرية الأمريكية الرئيسية في المنطقة، وهناك أيضاً الاختطاف والاعتقال الغريب لرئيس وزراء لبنان في 2017.

علاوة على ذلك، فإن مصير "خاشقجي" سيجعل من الأصعب بكثير حشد الدعم الدولي للضغط على إيران، حيث تحولت الرياض للكثيرين على الأقل إلى مشكلة مثلها مثل طهران، كما أثبت أن "بن سلمان" هو مجرد حاكم مستبد آخر، وأن الإصلاح الوحيد الذي يقبله هو الذي يسيطر عليه ويديره، من المؤسف أن الأحداث الأخيرة قد تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة له لتنفيذ الإصلاح الذي تحتاج إليه بلاده بوضوح.

خيارات الولايات المتحدة

الخيارات التي تواجه الولايات المتحدة والحكومات الأخرى ليست سهلة، وهي أحدث مثال على مأزق السياسة الخارجية المتمثل في ضرورة التعامل مع قادة مليئين بالعيوب في البلدان المهمة.

إن المبادئ والمصالح يتصادمان حتمًا، كما حدث في كثير من الأحيان أثناء الحرب الباردة وعندما تعلق الأمر بالتعامل مع شاه إيران في السبعينات.

ومع ذلك، هناك بعض الدروس من هذه التجارب التي تشير إلى ما ينبغي القيام به، أولاً، سيكون من الحكمة التمييز بين المملكة العربية السعودية و"محمد بن سلمان"، هذا من شأنه أن يكون حجة في إيقاف الدعم غير المشروط لولي العهد الطائش الذي لا ينبغي أن تتم دعوته مجددا  إلى البيت الأبيض أو داوننج ستريت.

ولا ينبغي أن يكون العمل التجاري كالمعتاد بالنسبة لمجتمع الأعمال، ويجب على الرؤساء التنفيذيين والمساهمين والعاملين إعادة النظر في الشراكة مع الحكومة في الرياض طالما أن نظام "محمد بن سلمان" هو المسؤول.

يجب على إدارة "ترامب" أو -إن فشل ذلك- يجب أن يضع الكونغرس الأمريكي قيودًا على استخدام المعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية التي تزود الولايات المتحدة السعودية بها، وهذا يعد تصرفاً متأخراً للغاية في ظل حالة الحرب المضللة في اليمن، لكن "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي على الإطلاق".

رفض كبش الفداء

ويجب على الحكومات الضغط علناً من أجل إجراء تحقيق مستقل وغير مقيد حول حدث في إسطنبول، ولا ينبغي أن يتم تشتيت العالم بأي محاولة سعودية للتضحية بـ العناصر المارقة" التي قد تدعي الحكومة أنها مسؤولة، ككبش فداء.

وأخيرًا، يمكن أن يثبت أن المطالبة برحيل ولي العهد مخاطرة وتأتي بنتائج عكسية، في ظل غياب بديل له بعد أن قوض جميع منافسيه، لكن "محمد بن سلمان" وضع مستقبله في خطر، ويجب يفهم أعضاء آخرون في العائلة المالكة أن الدعم الأمريكي والغرب له لا يمكن اعتباره أمراً مفروغاً منه، وأن الأمر متروك للسعوديين لتقرير أمر الخلافة لديهم.

وسيكون من المفارقات أن يكون الإجراء الذي ربما قام به لتعزيز سيطرته على البلاد قد جاء بأثر معاكس تماما لما أراده.

المصدر | فايننشال تايمز

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي محمد بن سلمان ترامب السعودية حرب اليمن