لوبوان: إقالات ومحاكمات وفضائح.. تفاصيل جديدة لإطاحات الجنرالات بالجزائر

الأحد 21 أكتوبر 2018 08:10 ص

اعتبرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن عمليات الاعتقال والمحاكمات العسكرية الأخيرة في الجزائر بحق 5 من كبار الجنرالات، لها تفاصيل حقيقية، رغم التفسيرات التي تشير إلى ارتباطها بصراع يتحدث عنه كثيرون في البلاد بين الرئاسة الجزائرية وقوى أمنية وعسكرية، على خلفية عدة تطورات، أبرزها الولاية الرابعة للرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة".

وقالت المجلة إن قاضي التحقيق العسكري وجه، خلال استجوابه المتهمين من الجنرالات، عدة تهم أبرزها الكسب غير المشروع، وسوء استخدام المنصب، والفساد، كما تحدث قاضي التحقيق العسكري عن تورط "أقرباء هؤلاء المتهمين في هذه القضايا"، الأمر الذي ينذر بتحقيقات معقدة للغاية.

وأكدت المجلة أن الجزائر استيقظت على حقيقة لم تكن متوقعة، تمثل في إيقاف مسؤولين كبار سابقين في الجيش الجزائري، وهم كل من القائد السابق للناحية العسكرية الأولى، اللواء "حبيب شنتوف"، والقائد السابق للناحية العسكرية الثانية، اللواء "سعيد باي"، والقائد السابق للدرك الوطني، "مناد نوبة"، والقائد السابق لقسم المصالح المالية لوزارة الدفاع، اللواء "بوجمعة بودواور"، فيما تم إيقاف عقيد في الأمن العسكري في الليلة ذاتها دون الكشف عن هويته إلى حد الآن.

وأوضحت "لوبوان" أنه مع بداية الصيف، ودون إصدار أي بيان رسمي، تم إعفاء قرابة 20 جنرالا ولواء من مهامهم في الجيش الجزائري، ودفعت الشرطة ثمن عملية التطهير الضخمة هذه، التي انطلقت بإقالة المدير العام للأمن الوطني، "عبدالغني هامل"، على خلفية فضيحة حجز قرابة 701 كيلوغرام من الكوكايين في ميناء وهران على يد قوات خاصة من البحرية الجزائرية في 29 مايو/أيار الماضي.

وأضافت أنه قد تم فيما بعد إقالة مدير جهاز مخابرات الشرطة للأمن العام، لتتبعها إقالة رئيس شرطة الحدود، بالإضافة إلى مفوضين في الشرطة على مستوى محلي ووطني.

واعتبرت المجلة أن ذلك يشير إلى أن عملية التطهير ترتكز على سرعة الأحداث والحزم والعدد الكبير للمتورطين.

وقد شملت هذه التحقيقات، التي تخضع لإشراف كل من مديرية الشرطة القضائية وتنسيقية أجهزة الأمن، والدرك الوطني، والمديرية المركزية لأمن الجيش، تتبّع "الصلة بين بعض الأجهزة الأمنية والجريمة المنظمة، بما في ذلك الجريمة الدولية"، وفقا لما صرح به أحد المسؤولين في الشرطة القضائية الجزائرية.

وقالت المجلة إن مصادرها في الجزائر أخبرتها بأن قضية حيازة الكوكايين التي أثيرت مع نهاية مايو/أيار، والفضيحة السياسية والمالية التي أعقبت ذلك، تسببت في تسريع عملية التحقيقات الجارية بشأن كشف العلاقات التي تربط بين مسؤولين في أجهزة أمنية وبين شبكات مافيا.

وكان أحد المتهمين الرئيسيين في قضية الكوكايين، هو "كمال شيخي"، الملقب "بالبوشي" (أي الجزار)، حيث يمتلك شركة لاستيراد اللحوم المجمدة التي تزود أيضا المطاعم التابعة للجيش باللحوم.

وخلال تفتيش مكتبه، عثر المحققون على أدلة اعتمدها "البوشي" كوسيلة ابتزاز، حيث تعمد تسجيل كل اللقاءات التي تجمعه بالأشخاص "الذين سهلوا عملية إدخال الكوكايين" (من بينهم مسؤولون محليون وقضاة وأبناء مسؤولين). كما كان يسجل يوميا في دفتر خاص كل التفاصيل المتعلقة بالرشاوى التي قدمها. 

وصرحت المجلة أن قضية "البوشي" لا تبدو بأنها وحدها التي تقف وراء اندلاع الأحداث التي هزت الجزائر خلال الأشهر الأخيرة، فخلال العام الماضي، حذرت 3 أجهزة مخابرات أوروبية دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية، من أن "الحسابات المصرفية التي تضم مبالغ كبيرة قد تم فتحها لصالح أشخاص يبدو أنهم من أصحاب المراكز الحساسة في الجزائر".

كما تساءلت المخابرات الأوروبية أيضا عن السبب وراء امتلاك ابن لواء جزائري، لم يتجاوز عمره 30 سنة، في حسابه الشخصي أكثر من 40 مليون يورو، حيث لمحت المخابرات الأوروبية إلى أنها تتعقب أعمالا ترتكز على الثراء بطرق غير شرعية وتحويلات غير قانونية للأموال نحو بنوك في أوروبا.

وأشارت المجلة إلى أن مسؤولا تنفيذيا سابقا في رئاسة الجمهورية اعترف بأنه "تم فتح تحقيقات عديدة قبل قضية المدعو البوشي، لكن حال تلاعب بعض الأطراف بهذه الملفات دون التوصل إلى أي نتيجة قضائية".

وقالت المحلة إنه يجب العودة إلى الأحداث المضطربة التي وقعت بين سنة 2008 و2013 على قضية سوناطراك، التي تعتبر من أهم الفضائح السياسية والمالية في الجزائر الحديثة، لمحاولة فهم ما حدث.

وأضافت المجلة أن سبيل الدوائر الرئاسية الوحيد للخروج من هذه الأزمة تمثل في تعميم "حملة" مكافحة الفساد، التي يبدو أن دائرة الاستعلام والأمن قد قادتها برئاسة الجنرال "توفيق"، وفي ذلك الوقت، قال "بوتفليقة" للأطراف المسؤولة عن مكافحة الفساد في دائرة الاستعلام والأمن: "حسنا، سنقوم بالتحقيق مع الجميع".                            

ونقلت المجلة على لسان مسؤول سابق في المخابرات أنه "من ناحية الإجراءات، تم تجميع كل الأدلة التي تم إرفاقها بوثائق تثبت تهم الفساد، خلال جلسة عرض بيانات وعروض مطولة. وتزامنت هذه التطورات مع ذروة الأزمة التي شهدتها العلاقات بين الرئاسة ودائرة الاستعلام والأمن، الأمر الذي أوحى بوجود أسباب خفية وراء حملة التطهير هذه، بما في ذلك الولاية الرابعة التي كانت تلوح في الأفق في ذلك الوقت".

وفي الختام، قالت المجلة إنه لطالما تم التلاعب "بحملات" مكافحة الفساد وتوظيفها لمآرب معينة، وتتعدد الأمثلة الدالة على ذلك كقضية عزل "مصطفى بلوصيف" في أواخر الثمانينات والشبهات التي ارتبطت بكبار الضباط المعارضين للولاية الثانية لبوتفليقة في سنة 2004.

  كلمات مفتاحية

الجزائر فساد جنرالات عبدالعزيز بوتفليقة إطاحة لوبوان

قناة مقربة من الرئاسة الجزائرية تهاجم جهاز الاستخبارات