مضاوي الرشيد تجيب.. لماذا يجب على سلمان عزل ولي عهده؟

الاثنين 22 أكتوبر 2018 12:10 م

قالت الأكاديمية السعودية "مضاوي الرشيد" إن الوضع المخجل الذي وصلت إليه المملكة جراء فضيحة اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" لا يمكن تجاوزه إلا باستبدال ولي العهد "محمد بن سلمان"، والبدء بالتحول من ملكية مطلقة إلى أخرى دستورية.

وأوضحت الكاتبة، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أن السعودية باتت معرضة لخطر التحول إلى دولة منبوذة إذا استمر وضعها الحالي دون  تغيير، مشيرة إلى أن الأمير "أحمد بن عبدالعزيز" والأمير "متعب بن عبدالله" قد يكونا الاختيار الأمثل في حال استبدال ولي العهد.

وأشارت إلى أن التحول إلى ملكية دستورية، بحكومة منتخبة وبرلمان يوافق على ملوك وولاة عهد المستقبل، هو الضمان الوحيد لعدم تركز القوة بيد شخص واحد يمارس الطيش السياسي، كما جرى مع "بن سلمان".  

وفيما يلي نص المقال:

بفضل تصرفات ولي العهد المتهور "محمد بن سلمان"، من الحرب الوحشية في اليمن إلى تصعيد صراع مع كندا، إلى قتل الصحفي "جمال خاشقجي" مؤخرا باتت المملكة العربية السعودية معرضة لخطر أن تصبح دولة منبوذة، وزمرة البلاط الملكي، بمن فيها "سلمان بن عبدالعزيز"، تدرك أن هكذا وضع لا يمكن أن يستمر.. إذا كانوا أذكياء فسيتخذون إجراءات حاسمة.

يحتاج الملك "سلمان" أولا إلى إقالة الأمير "محمد" من منصبه، والاعتراف بالمسؤولية عن اغتيال "خاشقجي" ومواجهة العواقب، ولاحقا، على حكومة السعودية أن تتخذ خطوات نحو التحول لملكية دستورية إذا أرادت أن تصبح عضواً محترماً في المجتمع الدولي حقا.

قد تبدو فكرة استبدال الملك "سلمان" لولي عهده بآخر أقل حدة وانحرافا غير واقعية، لكن لها سوابق، وإذا كانت هذه هي إرادة الملك، فإن استبعاد ولي العهد ليس أمراً صعباً أو موضع خلاف.

فـ "سلمان" أقال اثنين من ولاة العهد بالفعل عندما أصبح ملكاً في 2015، وهما: أخيه غير الشقيق، الأمير "مقرن بن عبدالعزيز" وابن أخيه  الأمير "محمد بن نايف"، وكلاهما تم استبعاده بموجب مرسوم ملكي.

سابقة تاريخية 

 

لكن ثمة مثالا تاريخيا من ستينيات القرن الماضي أكثر صلاحية في حال النظر إلى "محمد بن سلمان"، وهو الملك "سعود بن عبدالعزيز"، الذي تحول إلى حرج للعائلة المالكة عندما نهب الثروة وتآمر لاغتيال قادة عرب مثل "جمال عبدالناصر" بمصر، ورفع لواء معاداة القومية العربية لاحقا.

كانت السعودية حينها على شفى الإفلاس، وكانت الولايات المتحدة منزعجة، وذهب العديد من الأمراء بقيادة "طلال بن عبدالعزيز"، والد الأمير "وليد بن طلال" إلى المنفى في بيروت والقاهرة، حيث طالبوا بملكية دستورية.

أصبح "سعود" شخصًا غير مرغوب فيه لدى العائلة المالكة، فعمل ولي العهد "فيصل بن عبدالعزيز" - وكان داهية استراتيجي - مع أمراء آخرين، وحصل على فتوى من رجال الدين، وأجبر الملك على التنازل عن العرش بعد أن حاصر قصره مع الحرس الوطني.

لا يحتاج الملك "سلمان" وغيره من الشخصيات المعتدلة في العائلة المالكة بالضرورة إلى محاصرة القصر، لكنهم قد يجدون طريقة أكثر سلمية لدفع "محمد بن سلمان" خارجه.

بديل MBS

 

هناك العديد من المرشحين المؤهلين ليحلوا محل للأمير الطائش، ومنهم الأمير "أحمد"، شقيق الملك "سلمان"، الذي تم تهميشه لفترة طويلة بعدما شغل منصب نائب وزير الداخلية لفترة قصيرة.

 ولأن الأمير "أحمد" شخصية غير متجبرة أو عدوانية قد يكون اختياراً جيدا؛ وفي ظل الاستياء من قبضة "بن سلمان" الحديدية واستعداده لإذلال كبار أفراد العائلة المالكة، قد يساعد أسلوب الأمير "أحمد"، الأقل عدائية، السعودية على إعادة تأسيس الإجماع الملكي الممزق.

وإلى جانب الأمير "أحمد"، فإن المنافسة الأبرز على ولاية العهد تتمثل في ولي العهد السابق "محمد بن نايف"، الذي أزيح من منصبه وأهين منذ أكثر من عام، والأمير "متعب بن عبدالله"، الذي كان يدير الحرس الوطني السعودي قبل اعتقاله وإطلاق سراحه في عام 2017.

"بن نايف" معروف بقسوته، وقد لا يتمكن من حشد الدعم من العائلة المالكة، ورغم أنه كان محبوبًا من قبل الحكومات الغربية بسبب حملته ضد تنظيم القاعدة منذ عام 2003، ومنحه وسام "جورج تينيت" من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) قبل أسابيع من تجريده من منصب ولي العهد، لكنه نشر الخوف في المجتمع، واعتقل وعذب الناشطين، وعانى الكثير من السعوديين من استخدامه الحرب على الإرهاب لإسكات المعارضة السلمية.

وفي المقابل، لا يرتبط اسم الأمير "متعب" بالقمع، فقد كانت قاعدة قوته بين الجماعات القبلية التي انضمت للحرس الوطني، ويمكنه أن يعيش على سمعة والده، الملك الراحل "عبدالله بنالعزيز" باعتباره الراعي القديم للمملكة، وإذا استمر على نهجه الأبوي، قد يصبح رمزا محوريا لإعادة بناء الثقة بين أقربائه.

لا أحد يعرف على وجه اليقين ما يفكر به أفراد العائلة المالكة السعوديون، لكن لا أحد سيتحدى "سلمان" إذا قرر استبدال ولي عهده، فمعظم الداعمين لـ "بن سلمان" من المعينين حديثا، وليس من المتوقع أن يخوضوا معركة ضد الملك.

لكن من غير الواضح ما إذا كان الملك الهرم "سلمان" يتفهم تماما ما تسبب فيه ابنه من تشويه لسمعة المملكة من خلال الحروب المتهورة والاعتقالات والتعذيب، ثم القتل، إضافة إلى نفور العائلة المالكة الأوسع منه (آل سعود)، وتحطيمه لتوافقها القديم.

إن التدابير التجميلية في هذا السياق، مثل السماح بقيادة النساء للسيارة، وفتح دور السينما والمسارح، لا تكفي لبدء فجر جديد بالمملكة.

تغيير النظام 

 

وإذا استبدل الملك "سلمان" ولي عهده، يجب عليه أن يحول الملكية السعودية المطلقة إلى ملكية دستورية بحكومة منتخبة وبرلمان يوافق على تعيين ملوك المستقبل وولاة عهدهم، وهذا وحده ما سيمنع ظهور شخصية جديدة تجمع كل القوة بيدها وتهدد مصالح المملكة كـ "محمد بن سلمان".

كان لدى المملكة العربية السعودية الوقت والمال لتحويل نفسها إلى دولة حديثة تحترم حقوق الإنسان والحريات، لكنها تجنبت هذا الطريق في الماضي، وسعى المواطنون وبعض أفراد العائلة المالكة للحصول على أشكال بدائية من التمثيل السياسي، لكن المطالبة بالملكية الدستورية ألقت بأنصارها في السجن.

ثمة أمل ضئيل في التغيير، ولن يدفع الملك "سلمان" طواعية إليه دون ضغوط جدية من داخل وخارج السعودية، لكن بالنظر إلى الدعم الذي تلقاه من الغرب، خاصة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، فقد تكون معظم الحكومات الغربية سعيدة فقط برؤية وجه آخر جديد للمملكة لاستيعاب الغضب العالمي من اختفاء "خاشقجي" وقتله.

قد يبدو استبدال "محمد بن سلمان" والتحرك نحو نظام ملكي دستوري أشبه بالتمني حاليا، لكن هاتين الخطوتين قد تنقذان المملكة العربية السعودية من اضطرابات أكثر خطورة وانفجار داخلي محتمل في المستقبل.

المصدر | ترجمة وتحرير: مروان رجب

  كلمات مفتاحية

مضاوي الرشيد جمال خاشقجي الملك سلمان محمد بن سلمان أحمد بن عبدالعزيز متعب بن عبدالله الحرس الوطني سعود بن عبدالعزيز جمال عبدالناصر طلال بن عبدالعزيز الوليد بن طلال محمد بن نايف