استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ازدواجية "معسكر السلام" العربي..!!

الأحد 13 يوليو 2014 12:07 م

بقلم: نقولا ناصر، أمين للاعلام، 13\7\2014

إن "معسكر السلام" العربي الذي وقف متفرجا بالكاد سمح بعقد اجتماع لوزراء الإعلام العرب طوال ثلاثة شهور كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر المقاومة الفلسطينية واللبنانية والسورية في بيروت عام 1982، وافتعل حربا "أهلية" في الأردن قبل ذلك ليخرج المقاومة منه، واتهم المقاومة اللبنانية بمصادرة دور لا وجود له لدولة منهارة، واتهم المقاومة الفلسطينية بتخريب دور منظمة التحرير الذي صادرته سلطة الحكم الذاتي وتخريب "مشروعها الوطني" الذي حول الحكم الذاتي المؤقت إلى وضع دائم، واتهم كلتيهما بـ"توريط" الدول العربية في حروب لا تختار هي زمانها ومكانها، ..إلخ، هو ذات المعسكر الذي يقف اليوم متفرجا وصامتا وعاجزا حتى عن ترتيب وساطة بينما تشن دولة الاحتلال حربها العدوانية الثالثة خلال ست سنوات على قطاع غزة المحاصر.  

ومن المفارقات المفجعة عربيا، وعلى الأخص فلسطينيا، لهذه الحرب أن دولة الاحتلال، من دون قصد طبعا، تعيد وضع القضية الفلسطينية في مركز الاهتمام الدولي، بينما "المسالمون" أو "المستسلمون" لها، لا فرق، في ما يسمى "معسكر السلام" العربي منخرطون حد الغرق، ماليا وتسليحيا ومخابراتيا ودبلوماسيا وإعلاميا، في استبدال دولة الاحتلال بإيران وسوريا والعراق كعدو للأمة وفي منح الأولوية لوضع كل ما عدا القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال المجتمع الدولي في المنطقة.

إنها ازدواجية عربية لا يسع الشعب الفلسطيني إلا إدانتها، فهي في تونس وليبيا ومصر والعراق ولبنان واليمن وسوريا وغيرها، ناهيك عن إيران، تضخ مليارات الدولارات لدعم أنظمة حكم أو لتغييرها، وتشتري لهذا الغرض "الأصدقاء" والمؤتمرات الدولية الدورية، وتسخر جامعة الدول العربية لمنح شرعية "عربية" لطلب التدخل الأجنبي والاستقواء به، وتجند مئات الآلاف من المقاتلين وتسلحهم وتقدم لهم كل التسهيلات اللوجستية، وتدمر مدنا فتهجر الملايين من العرب كي تخلق ذرائع "إنسانية" لهذا التدخل، وتسالم الاحتلال الأجنبي للأرض العربية في كل مكان لكنها تخوض الحروب الأميركية المعلنة والسرية في المنطقة لـ"تغيير الأنظمة" ورسم "خريطة" سياسية إقليمة جديدة تجعل دولة الاحتلال جزءا لا يتجزأ من نظام إقليمي جديد إن لم تكن قائدة له، وتدعو إلى إرسال، بل وترسل فعلا، قوات عربية إلى هذا البلد العربي أو ذاك، وتطرد سفراء عرب من عواصمها، وتجيز فتاوى دينية بـ"الجهاد" في هذا البلد العربي أو ذاك أو بقتل هذا الرئيس العربي أو ذاك.

غير أن خزائنها تصبح خاوية، وجيوشها عاجزة، ومخابراتها مشلولة، وتسهيلاتها اللوجستية مستعصية، ودبلوماسيتها قاصرة، وإعلامها أخرسا أو أعمى، وإنسانيتها معدومة، وعواصمها مفتوحة لسفراء دولة الاحتلال ودبلوماسييها، ولا يصدر عن المفتين فيها أي فتوى بالجهاد أو بقتل مجرمي الحرب من رؤساء دولة الاحتلال وقادتها عندما يتعلق الأمر بفلسطين وشعبها وقضيته العادلة.

وهؤلاء "المسالمون" أو "المستسلمون" لدولة الاحتلال لا يجدون حرجا في أن يجدوا أنفسهم بحكم الأمر الواقع، بوعي منهم أو من دون وعي، منخرطون في الخطط الأميركية لوضعهم في جبهة "حربية" واحدة معها ضد أي مقاومة عربية للاحتلال الإسرائيلي أو الأميركي، ليحاربوا أي مقاومة كهذه مرة بحجة أنها "طائفية شيعية" في لبنان وأخرى بذريعة أنها "إخوان مسلمين" في فلسطين وثالثة بمسوغ أنها "طائفية سنية" في العراق، تماما مثلما حاربوها في السابق بحجة أنها "شيوعية ملحدة" و"عميلة للسوفيات"، غير أنهم في كل الحالات انساقوا طوعا أو كرها مع وصف دولة الاحتلال وراعيها الأميركي لهذه المقاومة بـ"الإرهاب".

وهؤلاء الذين تآمروا علنا على الوحدة المصرية – السورية حتى فكوا عراها هم أنفسهم الذين أنشأوا منظمة المؤتمر (حاليا "التعاون") الإسلامي ثم "القاعدة" كأداتين في يد الاستراتيجية الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي السابق وحلفائه في حركة عدم الانحياز وحركة التحرر الوطني العالمية والحركة القومية العربية بحجة مقاومة "الإلحاد الشيوعي"، وهم أنفسهم الذين أيقظوا الفتنة الطائفية النائمة بهدف منع أي وحدة أو اتحاد أو حتى تنسيق بين سوريا وبين العراق حتى عندما حكمهما حزب واحد (البعث) بحجة وجود "طائفتين" مختلفتين في حكم كل منهما، وهم أنفسهم الذين يغذون اليوم "ثورة طائفية" فيهما لذات الهدف بحجة وجود حكم طائفي لـ"طائفة" واحدة تحكم في كليهما، وهؤلاء هم أنفسهم كذلك الذين حالفوا إيران عندما كانت أكبر قاعدة أميركية في المنطقة متحالفة مع دولة الاحتلال لكنهم يحرضون على الحرب عليها اليوم ويسالمون دولة الاحتلال بعد أن أصبحت إيران، بغض النظر عن دوافعها، سندا للعرب في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأميركية.  

ولكي يتنصلوا من مسؤولية دولهم تجاه "مركزية" فلسطين وقضيتها في وجدان وعقول شعوبهم تذرعوا أولا بـ"الهلال الشيعي"، ثم بـ"هلال الإخوان المسلمين"، والآن يتذرعون بما وصفه النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي في دولة الاحتلال الكولونيل احتياط شاؤول شاي في الحادي والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي بأنه "هلال سلفي سني جهادي" ينمو في لبنان وسوريا والعراق والجوار، كخطر محدق له الأولوية في استراتيجيتهم وعلى جداول أعمالهم يدعون محاربته بحجة "محاربة الإرهاب" لكنهم يستثمرونه في مواجهة إيران وسوريا كحاضنتين للمقاومة، بغض النظر عن وجاهة الجدل حول دوافع البلدين لاحتضان المقاومة.

ولا تخفي دولة الاحتلال أهدافها من هذه الحرب العدوانية الجديدة، وأولها تدمير البنى التحتية للمقاومة، وثانيها تجريدها نهائيا من سلاحها الصاروخي كما قال وزير حربها موشى يعالون، وثالثها كسر توازن الرعب الذي بنته المقاومة معها، ورابعها استرداد هيبة الردع الإسرائيلي، وخامسها إجهاض المصالحة الفلسطينية، وسادسها حل حكومة الوفاق الوطني كما طالب مندوب دولة الاحتلال في رسالتين متطابقتين إلى مجلس أمن الأمم المتحدة وأمينها العام، وسابعها منع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وثامنها جر مفاوضي منظمة التحرير إلى استئناف المفاوضات معها وهم مجردون من أسلحة المقاومة والانتفاضة الشعبية والوحدة الوطنية.

ولتحقيق هذه الأهداف لا تخفي دولة الاحتلال كذلك أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أمر جيشها بـ"خلع القفازات" لشن هجوم "شامل وطويل ومتواصل وقوي ومركز" على غزة، وللتصعيد العسكري "التدريجي على مراحل" في حرب "مفتوحة" حد شن هجوم بري "قد يصبح ضروريا" كما قال وزير استخباراتها يوفال شتاينيتز، لأنه "الخاتمة المنطقية" كما قال رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريز، فهذه ليست "معركة قصيرة".

  كلمات مفتاحية