خبير أمريكي: هذا سبب اغتيال خاشفجي.. وواشنطن تقف بالجانب الخطأ

الاثنين 22 أكتوبر 2018 05:10 ص

أظهر مقتل "خاشقجي" أن الولايات المتحدة ما زالت لا تعرف من هم أصدقاؤها ومن أعداؤها في الشرق الأوسط على نحو صحيح، وهي ما تزال تنحاز لأشخاص مثل "محمد بن سلمان"، وفق ما يقوله الكاتب "مارك بيري"، المتخصص في تحليل الشؤون الخارجية، في موقع "أميركان كوزريرفاتيف".

وذكر الكاتب ما قاله له مساعد خاص لوزير الدفاع أثناء حرب العراق، حين سأله بذهول: "هل نخسر الحرب في العراق؟" فأجاب المساعد إجابة لم ينسها قائلاً: "نخسر؟ نحن لا نخسر فقط، إننا على الجانب الخطأ".

يرى الكاتب أن الولايات المتحدة تخسر في الشرق الأوسط، لأنها تقف على الجانب الخطأ، الذي يمثله أشخاص مثل "محمد بن سلمان"، وهو ما أدركه شخص مثل "خاشقجي" أكثر من أي أحد.

لا إصلاح دون الإسلام السياسي

في أغسطس/آب الماضي، كتب الصحفي "جمال خاشقجي" مقالا في جريدة "واشنطن بوست" أوضح هذه العثرات، وقدم حلاً، حيث كتب أن فشل أمريكا في الشرق الأوسط كان نتيجة فشلها في إدراك أهمية الأحزاب الإسلامية في المنطقة؛ أي الإخوان المسلمين في المقام الأول، وكتب: "لا يمكن أن يكون هناك إصلاح سياسي وديمقراطي في أي بلد عربي دون قبول أن الإسلام السياسي هو جزء منه".

وكتب: "إن كره الولايات المتحدة للإخوان المسلمين هو أصل مأزق العالم العربي، إن استئصال الإخوان المسلمين هو وصف لإلغاء الديمقراطية وضمان استمرار العرب في العيش في ظل الأنظمة السلطوية والفاسدة".

وأضاف الكاتب الأمريكي: "لقد كان نقد خاشقجي بليغًا ومثيرًا للجدل، وكان هذا هو سبب اغتياله".

يقول الكاتب إن وجهة نظر "خاشقجي" لم تكن مفاجئة، وأنه ذكر له نفس الأمر في عام 2005 خلال مؤتمر المنظمات الإسلامية في بيروت، والذي ضم كبار قادة الإخوان، حيث أخبره "خاشقجي" آنذاك أن الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط كان محتوما، لأنها واشنطن "غير قادرة على تمييز الأعداء الحقيقيين من الأصدقاء الحقيقيين".

ببساطة أكثر، فإنه منذ 11 سبتمبر/أيلول، فشلت الولايات المتحدة في التمييز بين الإسلاميين الذين لديهم دوائر انتخابية مؤيدة، مثل "الإخوان المسلمين"، وأولئك الذين ليس لديهم دوائر انتخابية وإنما لديهم شبكات، مثل "القاعدة" ولاحقاً، تنظيم "الدولة الإسلامية".

والعكس أيضاً صحيح، فالقادة الذين تستمر الولايات المتحدة في اعتبارهم مصلحين علمانيين وأقرب الأصدقاء والحلفاء لأمريكا (قائمة تضم الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر وولي العهد محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية) ليسوا كذلك، بل هم رجال بوليسيون قمعيون.

واشنطن تنحاز للجانب الخطأ

كانت أخطاء أمريكا قادمة من الحزبين، لم يضع غزو "جورج بوش" للعراق حداً لتهديد "القاعدة"، بل قام بتعزيزه (وتمكين إيران)، في حين تهاوى تعهد "باراك أوباما" للشعب المصري بأن الولايات المتحدة ستدعم "نظاماً سياسياً ديمقراطياً بمشاركة من جميع الأطراف"، وذلك عندما ذبح الجيش المصري في أغسطس/آب 2013 أكثر من 600 متظاهر مؤيد للديمقراطية في ميدان رابعة في القاهرة، وأشاح "أوباما" بنظره إلى الاتجاه الآخر.

ببساطة، فإنه عندما أتت اللحظة الحرجة، لم يدعم القادة السياسيون الأمريكيون الأمل والتغيير، لكنهم دعموا القتل، ووضعوا الأمريكيين على جانب القتلة.

وقد ماتت الفكرة بإمكانية تغيير هذا في عهد "ترامب"، حين وقف بشكل ساخر في 21 مايو/أيار 2017 في الرياض، واضعا يديه على كرة متوهجة ترمز إلى إنشاء "المركز العالمي لمكافحة المتطرفين" في السعودية، وكان معه في هذا الاحتفال المريب الديكتاتور المصري "عبد الفتاح السيسي" والملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز آل سعود"، وقال "ترامب" خلال الحفل: "إن هذا المركز الجديد الرائد يمثل إعلانًا واضحًا بأن الدول ذات الأغلبية المسلمة يجب أن تأخذ زمام المبادرة في مكافحة التطرف، وأريد أن أعرب عن امتناننا للملك سلمان على هذا العرض القوي للقيادة".

كان من بين المتفرجين في ذلك الحين، صهر ترامب "غاريد كوشنر" وولي العهد السعودي آنذاك الأمير "محمد بن نايف"، كان "كوشنر" آنذاك في طريقه ليصبح الرجل الذي يقود مهمة السلام في الشرق الأوسط، بينما كان "بن نايف" في طريقه للخروج من منصبه على يد "محمد بن سلمان"، رجل السعودية القوي الجديد.

جريمة تُسقط الأقنعة

وهكذا، ففي حين أن العديد من الصحفيين الأمريكيين تحفظوا إزاء قرار "ترامب" في التقارب مع "السيسي"، فإنهم تجاهلوه وهم يتزاحمون للثناء على "محمد بن سلمان" بوصفه قائداً يعد بمجتمع أكثر حداثة وريادة في الأعمال وتوجهاً نحو الشباب.

هذا الوعد قد غرق الآن على ما يبدو، وفق الكاتب الأمريكي، عندما قرر صحفي أن يصرخ قائلا الحقيقية.

لا عجب في أن العديد من مسؤولي السياسة الخارجية ينظرون إلى وفاة "خاشقجي" على أنها نقطة تحول محتملة في العلاقات الأمريكية السعودية، وقد تحفز إعادة التفكير في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة.

لكن حتى هذا الأمل بدأ الآن في التلاشي، بقيادة مجموعة من الأصوات بما في ذلك مستشار الأمن القومي "جون بولتون" وحلفاؤه في مركز "فرانك جافني" للسياسات الأمنية، ومجموعة الدراسات الإستراتيجية المرتبطة بـ"كوشنر"، والذين يشنون حملة تشويه للحقائق تزعم أن "خاشقجي" كان يروج للإخوان.

وعقب الكاتب بالقول: "الأمر يحمل بعض الصحة، ما أخبرنا به خاشقجي (وما كتبه في آب / أغسطس في واشنطن بوست) هو أن الولايات المتحدة قد أخطأت في فهم الشرق الأوسط بشكل رهيب، وأخطأنا في تحديد من هم أعداؤنا ومن أصدقاؤنا. إن قوى التغيير في القاهرة والرياض ليست في حكوماتها، بل في سجونها، أن أمريكا لا تخسر فقط في الشرق الأوسط، بل هي تقف على الجانب الخطأ، إن محمد بن سلمان ليس صديقًا للديمقراطية بل هو عدوها".

كان "خاشقجي" على حق، ولهذا السبب فقد اغتيل.

المصدر | مارك بيري + أميركان كوزيرفاتيف

  كلمات مفتاحية

ترامب أوباما السيسي بن سلمان خاشقجي مقتل خاشقجي