أكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أعطى درساً محكماً في كيفية خلق التشويق الجيوسياسي، فيما يخص قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها التي جاءت تحت عنوان "لا يمكننا ولا يفترض بنا غض النظر عن القتل الوحشي لخاشقجي"، إنه منذ اختفاء الصحفي السعودي امتلأت الصحف بشتى أنواع التفاصيل حول قتله المروع.

وأضافت الصحيفة البريطانية أن "أردوغان" كان يدرك أن جمهوره ضاق ذرعاً من التفاصيل المزعجة لقتله بدم بارد ولتقطيع جثته.

وأشارت إلى أن "أردوغان" عمد أولاً إلى استخدام عنصر الصدمة بتثبيت قصة قتل "خاشقجي" من قبل عصابة من المجرمين قدموا من السعودية، الأمر الذي يتعارض مع رواية الرياض بأن قتل خاشقجي كان "حادثاً".

ورأت الصحيفة أن "أردوغان" أراد أن يرسل رسالة مفادها "لا نية لإغلاق القضية" التي تسببت بأسوأ أزمة دبلوماسية للسعودية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

ولفتت إلى أن "أردوغان" عمد في خطابه الذي ألقاه، أمس الثلاثاء، أمام الكتلة البرلمانية لحزبه الحاكم الإشادة بالملك "سلمان بن عبدالعزيز" من دون أن يشير إلى ابنه ولي العهد "محمد بن سلمان".

وتوقعت الصحيفة أن تواصل الحكومة التركية تسريب الأدلة عبر صحفها المقربة منها.

ونوهت إلى أن العاهل السعودي تعهد باتخاذ إجراءات ضد المسؤولين عن قتل "خاشقجي"، مضيفة أنه ما من أحد يصدق أن قتله كان قراراً من قبل المسؤول الإعلامي لولي العهد السعودي وبعض مسؤوليه الاستخباراتيين.

يشار إلى أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، اعتبر أن "أردوغان"، كان "قاسيا جدا" بشأن السعودية، خلال خطابه حول مقتل "خاشقجي".

وكان "أردوغان"، قد أكد في خطاب أمام كتلة "حزب العدالة والتنمية" البرلمانية، الثلاثاء، أنّ لدى بلاده "أدلة قوية" على أنّ هذه الجريمة مخطط لها وليست عملية عابرة، مطالباً بمحاسبة المخططين والمنفذين.

وعرض "أردوغان"، مجموعة من الأسئلة، من ضمنها: "من أمر الفريق المكون من 15 شخصاً بالقدوم إلى تركيا؟ لماذا لم يسمحوا لنا بتفتيش القنصلية السعودية في اليوم ذاته لوقوع الجريمة؟ ولماذا سمحوا به بعد عدة أيام؟ لماذا صدرت تصريحات متضاربة من السعودية، رغم أنّ الجريمة واضحة؟".

ووجه "أردوغان" أسئلة للسعودية حول مصير جثة "خاشقجي" قائلا:  أين جثة هذا الشخص الذي اعتُرف بقتله رسمياً؟ من هو المتعاون المحلي الذي تم تسليمه الجثة؟".

وشدد الرئيس التركي على أن هناك مستويات عليا داخل المملكة أمرت بقتل "خاشقجي"، معتبرا أن إلقاء اللوم على بعض رجال الأمن والمخابرات السعودية لن يكون مقنعا لأنقرة والمجتمع الدولي.

ولاحقا طالبت بريطانيا بضرورة تقديم السعودية إجابات عن التساؤلات التي طرحها "أردوغان"، فيما تعهد نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس، بالضغط على السعودية، للحصول على أجوبة.