واشنطن بوست: كيف يؤثر مقتل خاشقجي على الاقتصاد السعودي؟

الخميس 25 أكتوبر 2018 07:10 ص

تواجه المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي العهد "محمد بن سلمان"، أزمة سياسية واقتصادية حقيقية مع مقتل "جمال خاشقجي".

وقد تختار إدارة "دونالد ترامب" أن تضع دعمها وراء ولي العهد، لكن هدف السياسة الوحيد الأكثر أهمية لـ "محمد بن سلمان"، ألا وهو "رؤية 2030"، فقد خرج عن مساره بالفعل.

وبالتأكيد فإن ما سوف يحدث في المملكة سيؤثر على الاقتصاد الإقليمي لأعوام مقبلة. وأصبحت جهود التنويع بعيدا عن الاقتصاد المعتمد على النفط، وجذب المواطنين إلى التوظيف في القطاع الخاص، والترحيب بالاستثمار الأجنبي كلها معرضة للخطر.

وإذا انهار القطاع الخاص بسبب خنق سيطرة الدولة على الاقتصاد، أو بسبب هروب رؤوس الأموال والشركاء الدوليين، فإن الخاسرين الرئيسيين سيكونون هم المواطنين السعوديين الشباب. وهناك أيضا تكلفة كبيرة وفرصة ضائعة للمستثمرين في المنطقة، وحتى في الولايات المتحدة.

وتعتبر مصالح الولايات المتحدة في الاستقرار الاقتصادي في الرياض وأسواق الأسهم الخاصة بها أمرا مهما للأخذ في الاعتبار. وسيتم اختبار الشرعية السياسية لولي العهد السعودي، وقد يكون لهذا تأثير على الأسواق بلا رحمة.

مستقبل المملكة الاقتصادي

ولا يعد اتجاه الاقتصاد السعودي رائدا فقط بالنسبة للشرق الأوسط، ولكن أيضا بالنسبة لأمريكا والعالم. ويتشابك مصير الاقتصاد السعودي بشكل أكبر مع جيرانه الخليجيين والمستثمرين الدوليين. وفي الواقع، قد يتفاجأ العديد من الأمريكيين والأوروبيين بأن أموالهم مستتثمرة في المملكة العربية السعودية. وفي الآونة الأخيرة، تم إدراج السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، في مؤشرات السندات الدولية، ومؤشرات أسواق الأسهم البارزة.

وتعني هذه التصنيفات، التي قام بها مؤشر سندات الأسواق الناشئة، ومؤشر "مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال"، أن المستثمرين السلبيين في صناديق المعاشات التقاعدية والاستثمارات الشخصية، قد يجدون الآن أن المستثمرين المؤسسيين قد خصصوا جزءا من مخصصاتهم "للأسواق الناشئة"، لتشمل الاستثمار في أدوات الدين السعودي، والشركات المتداولة في البورصة المحلية، "تداول".

وفي حالة مؤشر سندات الأسواق الناشئة لـ"جيه بي مورغان"، فإن إدراج الديون السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي (التي تضخمت من 25 مليار دولار في عام 2014 إلى 144 مليار دولار في عام 2018، حيث استخدمت الحكومات إصدار السندات لتمويل إنفاقها على العجز)، يعني أن المستثمرين العالميين الآن يملكون هذا الدين، ويتم توزيعه وتداوله في كثير من الأحيان في صناديق التداول.

ومن المرجح أن تصبح هذه الصناديق أيضا مستثمرين أكثر نشاطا في البورصة السعودية، التي شهدت تقلبات كبيرة خلال الأسبوعين الماضيين بسبب أزمة "خاشقجي"، مما يؤكد على طبيعة "الصندوق الأسود" للمخاطر السياسية في السعودية، ومدى تأثير مناخ الخوف الشائع على الاقتصاد السعودي.

الآثار الاقتصادية الدولية

كما تعتبر المملكة مستثمرا هاما في الولايات المتحدة، من خلال مصرفها المركزي، وصندوق ثروتها السيادي، بعيدا عن المقتنيات الكبيرة للمواطنين السعوديين العاديين.

وتمتلك "مؤسسة النقد العربي السعودي"، البنك المركزي في المملكة، أصولا أجنبية كبيرة في كل من الأسهم الأمريكية وسندات الديون الأمريكية.

ويقوم صندوق الثروة السيادية، صندوق الاستثمارات العام، بتخصيص كميات كبيرة من الديون وأسواق الأسهم الأمريكية، وحصصا خاصة في العديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية وصناديق الاستثمار المخصصة للبنية التحتية.

وكان للمملكة محفظة استثمارية بقيمة 557 مليار دولار في عام 2017 (81.5% من الناتج المحلي الإجمالي). ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن 7 بلدان تمثل ثلثي الأصول الاستثمارية للمحفظة بالمملكة.

وتعد الولايات المتحدة هي الأكبر (35%)، تليها اليابان (10%)، والمملكة المتحدة (6%)، و4% لكل من فرنسا والإمارات وألمانيا. ومن بين حيازات الأوراق المالية السعودية في الولايات المتحدة، تتركز أكثر من 60% من هذه الحيازات في الأسهم الأمريكية، وهي أسهم كبيرة في الشركات المدرجة في بورصة نيويورك.

وتشكل هذه الحيازات، بالإضافة إلى الاستثمارات، التي تتركز في شركات التكنولوجيا الأمريكية والصناديق الاستثمارية البديلة الكبيرة مثل استثمارات البنية التحتية في شركة "سوفتبانك" الأمريكية، ومثل صندوق الـ 40 مليار دولار الذي تخطط له المملكة مع "بلاكستون"، تشكل القوة الضاربة للنفوذ السعودي.

وتشير هذه الصناديق الاستثمارية البديلة الكبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا إلى القوة المتغيرة لرأس المال العالمي، والتحول إلى الشراكات بين الحكومات وصناديق الثروة السيادية الخاصة بدلا من المراكز المالية مثل البنوك في نيويورك أو لندن.

تحت السيطرة

في المملكة العربية السعودية، كان التنويع لعبة تعتمد على الظروف الآنية. وتواصل الدولة دفع النشاط الاقتصادي الآن أكثر من أي وقت مضى.

وتمثل عائدات النفط الاحتياطيات اللازمة لمواصلة النفقات المالية الضخمة، ويتم إنفاق معظمها على أجور القطاع العام والخدمات الاجتماعية. وتشمل المؤشرات المبكرة لميزانية الحكومة لعام 2019 زيادة في النفقات بنسبة 7.5%. وفي ظل المناخ الحالي، ينبغي أن نتوقع من الحكومة استخدام أدواتها من الرعاية والمزايا للمواطنين لتهدئة المعارضة والقلق السياسي، كما فعلت بإعادة بدلات القطاع العام التي ألغيت قبل عام.

ويتسبب الحجم الهائل لشباب المملكة، وتعرض رأس المال البشري للخطر في المنطقة، في جعل مستقبل البلاد الاقتصادي غير مؤكد. وبحسب الإحصائيات الحكومية، هناك أكثر من 10 ملايين مواطن سعودي دون سن الـ 35. وهم معرضون لخطر أن يصبحوا جيلا ضائعا إذا لم يجدوا فرص عمل، أو إذا فقدوا الثقة في شرعية نظامهم السياسي، أو إذا انفصلوا عن ثقافة الاستهلاك المحيطة بهم.

وبالطبع فإن الغضب الجماعي من مقتل "خاشقجي" لن يعيده إلى الحياة، لكن اهتمام وسائل الإعلام بالمملكة قد يساعد في إطلاق سراح العديد من الناشطات المسالمات من الاحتجاز، وقد يساعد المجتمع الدولي على تركيز جهوده إقليميا على ما هو على المحك بالنسبة للشباب السعودي.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي الاقتصاد السعودي رؤية 2030 الشباب السعودي محمد بن سلمان