مقتل خاشقجي يعمق شكوك الاستخبارات الغربية في بن سلمان

الجمعة 26 أكتوبر 2018 06:10 ص

اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، تسبب في تعميق الشكوك لدى الاستخبارات الغربية حول أهلية ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لتولي زمام الأمور في المملكة.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها، الجمعة، إلى أن عددا من مسؤولي الحكومات الأجنبية وصفوا "بن سلمان" بالمتهور، وعبروا عن القلق من حماسه للتحديث وسياسة مكافحة الفساد، التي يقول ناقدوه إنها تفضح ميوله الديكتاتورية وقد تنقلب عليه.

وتبين الصحيفة أن الولايات المتحدة تريد حماية مصالحها الاستراتيجية في السعودية، التي تتراوح من النفط إلى مواجهة إيران، فيما كان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" محاطا بالمستشارين الذين نصحوه بضبط "بن سلمان"، لكنهم تعرضوا للتعنيف في السر والعلن.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين غربيين حاليين وسابقين إن ولي العهد السابق الأمير "محمد بن نايف"، الذي حل "بن سلمان" محله، عمل بصورة وثيقة مع المسؤولين الأمنيين الغربيين على مدى ما لا يقل من عقدين، وإن الكثيرين كانوا يشعرون بالقلق إزاء ولي العهد الجديد "الطموح العنيد".

وأضافت الصحيفة أنه بعد مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" على يد شخصيات أمنية سعودية منذ 3 أسابيع، يواجه "بن سلمان" النظرة الفاحصة للمخابرات الأمريكية، وشكوكا متزايدة من بعض أقرب حلفائه حول كيفية استمرار العمل معه.

وقال مسؤول استخباراتي غربي بارز سابق للصحيفة: "سيكون من الصعب تحت سيطرة بن سلمان أن يكون لدينا نفس القدر من الثقة للعمل مع السعودية في ضوء مقتل خاشقجي الوحشي".

ورأت الصحيفة أن ثقة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تراجعت مع تبدل التفسيرات السعودية لمقتل "خاشقجي"، حيث وصف رد الفعل السعودي بأنه "أسوأ عملية تستر على الإطلاق"، وبدأ يشكك في تأكيد ولي العهد السعودي الشخصي له في عدم الضلوع في الحادث.

واعتبرت أن تداعي الثقة، الواضح علنا، يتناقض تماما مع العلاقة الوثيقة السرية التي ربطت بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" والاستخبارات البريطانية "إم آي 6" مع الأمير "بن نايف".

وقالت الصحيفة إن الشكوك حول ولي العهد السعودي تعمقت مع الدفع ببلاده للتدخل في اليمن، وعندما تزعم الشقاق والخلاف مع قطر، وعندما اشترك في "عملية غريبة" لإجبار رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" على الاستقالة، ما دعا الكثير من المسؤولين الغربيين لنعته بـ"الأرعن".

"محمد بن نايف"

ولفتت الصحيفة إلى أن "محمد بن نايف" كان يعمل في وزارة الداخلية في التسعينيات من القرن الماضي، عندما بدأ يوطد العلاقات مع الاستخبارات الأمريكية، وأصبحت أقوى بعد "الحرب على الإرهاب" التي أعقبت هجمات سبتمبر/أيلول 2001، وأصبح في عام 2012 وزيرا للداخلية قبل أن يصبح وليا للعهد ولفترة قصيرة عام 2015.

ويورد التقرير نقلا عن المسؤول السابق في الاستخبارات الأمريكية "بروس ريدل"، قوله: "كان محمد بن نايف أوثق شريك حصلت عليه الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم القاعدة في أي مكان في العالم"، مضيفا أنه "حظي باحترام واسع في (سي آي إيه) والبيت الأبيض في أثناء إدارتي بوش وأوباما".

وتنقل الصحيفة عن المسؤول الأمني الغربي، قوله إن "طريقة عمل محمد بن نايف جذبت المحترفين في الأجهزة الاستخباراتية، فقد كان منفتحا على الأفكار الغربية، ولهذا أصبح الشخص الأكثر قربا من أجهزة الاستخبارات الغربية"، مشيرا إلى أن العلاقات الشخصية أدت إلى إنجازات مهمة.

وأشار المسؤول إلى أن معلومة قدمها "بن نايف" في عام 2010 للاستخبارات الأمريكية والبريطانية عن متفجرات في طائرة تجارية كانت ستقلع من مطار دولي شرق أوسطي إلى شيكاغو، عبر مطار إيست ميدلاند البريطاني، أدت إلى إحباط العملية.

وقدم السعوديون المعلومة الاستخباراتية عن وجود متفجرة مخزنة في محبرة طابعة، وكانت كافية لتحطيم الطائرة.

ويورد التقرير نقلا عن "ريدل"، قوله إن الكثيرين داخل مجتمع الاستخبارات حذروا من تعيين "بن سلمان" الذي كان وزيرا للدفاع ووليا لولي العهد، وعينه والده عام 2017 وليا للعهد.

وقالوا إن تعيينه سيؤثر على كفاءة الاستخبارات السعودية، وأضاف "ريدل": "افترض أن هناك من سيذكر قائلا: لقد حذرتكم"، في إشارة إلى حالة الإحباط بين الاستخبارات من تسرع "ترامب" للمصادقة عليه.

وتنوه الصحيفة إلى أن صهر الرئيس الأمريكي "جارد كوشنر"، أقام علاقة مع ولي العهد السعودي، في وقت شن فيه "بن سلمان "حربا مثيرة للجدل في اليمن، وقاد حملة لحصار قطر الحليفة للولايات المتحدة، ورتب عملية احتجاز غريبة لإجبار رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة.

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الداعمين لولي العهد حاولوا إقناع "ترامب" بأن "الالتزام بدعمه سيؤدي إلى عوائد جيدة، فالرجل يمشي على الحبل وهو يعرف أنه يمشي على حبل.. لو أنقذته، فإنه سيضاعف ولاءه لك أضعافاً ثلاثة".

  كلمات مفتاحية

السعودية بن سلمان الاستخبارات الغربية

أمير سعودي يتوقع انقلاب الأسرة الحاكمة على الملك ونجله