وول ستريت: مقتل خاشقجي يعقد رهانات ترامب على السعودية

الجمعة 26 أكتوبر 2018 08:10 ص

في الفترة التي سبقت زيارة الرئيس "دونالد ترامب" للسعودية العام الماضي، تحدث كبير مستشاري البيت الأبيض "جاريد كوشنر" وولي العهد "محمد بن سلمان" كل يوم تقريبا.

 

 

 

 

 

 

وقال أحد الأشخاص المطلعين على المسألة إن "كوشنر" كان يحاول التأكد أن "ترامب" لن يندم على أول رحلة له إلى الخارج.

وفي ختام الزيارة، التي استغرقت يومين إلى الرياض، اعتقد "كوشنر" والبيت الأبيض أن السعودية قد أصبحت تابعا مطيعا، مع التزامات بمكافحة الإرهاب، ومليارات الدولارات في الاستثمارات الأمريكية.

وكانت رحلة مايو/أيار 2017 مقامرة في السياسة الخارجية. ونشأت من الأمل في أن تستطيع إدارة "ترامب" تحسين العلاقات مع المملكة وجني ثمار كبيرة، بعد توتر العلاقات أيام "أوباما".

لكن قتل المعارض السعودي "جمال خاشقجي" على أيدي السعوديين جعل هذا الرهان أكثر خطورة، ووضع "ترامب" في معضلة، فكيف يعاقب المملكة دون أن يعرض التحالف الذي قضى عامين في زراعته للخطر.

وألمح "ترامب" إلى إجراءات عقابية ضد الرياض، وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حظرا لـ21 مسؤولا حكوميا سعوديا لم يتم ذكر أسمائهم.

لكن رد الولايات المتحدة لا يرقى إلى المستوى الذي طالب به بعض الحلفاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى فتح صدع جديد مع العواصم الأجنبية الأخرى.

وتجنب الرئيس وغيره من كبار المسؤولين استعداء القادة السعوديين، مشددين على أهمية الحفاظ على العلاقات الأمريكية السعودية التي يقولون إنها توترت في ظل حكم الرئيس الديمقراطي "باراك أوباما".

وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الثلاثاء، قال "ترامب" إنه يريد أن يصدق نفي "بن سلمان" لأي معرفة مسبقة بوفاة "خاشقجي".

ومما زاد من تعقيد جهود "ترامب"، تدفق المعلومات حول اختفاء "خاشقجي" من المسؤولين الأتراك، التي تتناقض مرارا وتكرارا مع التأكيدات السعودية بشأن ما حدث.

وقال "ترامب" في المقابلة: "إنه وضع محزن للغاية، ومن الواضح أنه تم التعامل معه بشكل سيء من البداية إلى النهاية".

ووصف "بن سلمان"، في أول تعليقاته العلنية حول مقتل "خاشقجي"، ما حدث بأنه "حادث بشع"، وتعهد بالتعاون مع السلطات التركية.

تدقيق حول ترامب

وفي الوقت الذي يتنقل فيه "ترامب" من موقف لموقف في تلك الأزمة، فقد اجتذب منهجه تدقيقا خاصا من الديمقراطيين، بسبب تاريخ أعماله التجارية مع المملكة.

وبعيدا عن الأعمال التي سبقت ترشحه، ففي الأشهر التي أعقبت انتخابه، تلقى فندق "ترامب" في واشنطن ما يقرب من 270 ألف دولار من المدفوعات المرتبطة بالسعودية، كجزء من جهود الضغط التي تبذلها المملكة الخليجية، وفقا لسجلات وزارة العدل.

وفي الوقت نفسه، كان "ترامب" يلوم السعودية على هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث كان 15 من الخاطفين الـ 19 من السعوديين. وخلصت لجنة مستقلة مكلفة بالتحقيق في الهجمات إلى أن الادعاءات المتعلقة بدور المسؤولين السعوديين لا تستند إلى أي دليل.

وفي مقابلة سابقة قال "ترامب": "كنت دائما أنتقد الرئيس بوش لمهاجمته العراق. فالعراق لم يدمر مركز التجارة العالمي. لقد خرجوا (الخاطفين) من السعودية".

ومع ذلك، حتى قبل تولي "ترامب" السلطة، كان يفكر في تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وقد اقترب السعوديون من إدارة "ترامب" خلال الفترة الانتقالية لعام 2016، لبحث علاقات أفضل مع المسؤولين الأمريكيين.

وكان "كوشنر" منفتحا على الفكرة، وراغبا في تعاون سعودي لخدمة الأهداف الأمريكية كمواجهة إيران وإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية. وفي وقت مبكر، وجد قناة تواصل مع الأمير "محمد بن سلمان"، الشاب القوي الصاعد في البلاد.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن "كوشنر" يتبع "البروتوكول والعملية القانونية" عند مقابلة الزعماء الأجانب. بينما انتقد بعض الأشخاص في جهاز الأمن القومي الأمريكي دور "كوشنر"، معتقدين أن وزير الخارجية، أو مستشار الأمن القومي، كان القناة الأنسب للتواصل مع "بن سلمان"، بحسب مسؤول سابق في الإدارة.

وخلال زيارته لواشنطن العام الماضي، التقى "بن سلمان" سرا مسؤولين أمريكيين في البنتاجون، لمناقشة الإرهاب. ويعتقد بعض المسؤولين أنه يركز بشكل كبير على إيران. وتحدث "ماكماستر"، مستشار الأمن القومي السابق، مذكرا الأمير أن أيا من خاطفي الطائرات في 11 سبتمبر/أيلول لم يكونوا إيرانيين، حسبما قال شخص مطلع على الاجتماع.

ومع تقوية العلاقات مع السعودية، بدأ المسؤولون الأمريكيون، بخلاف "كوشنر"، التعامل أكثر مع "بن سلمان"، ومن بينهم "ماكماستر" ووزير الخارجية "مايك بومبيو"، كما قال أشخاص مطلعون على المسألة. وقالوا إن "ماكماستر" استضاف الأمير لتناول العشاء في منزله العام الماضي.

لكن قتل "خاشقجي" أدخل تعقيدات مزعجة. وقال أشخاص مطلعون إن مكالمة هاتفية جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، بين "بن سلمان" وكل من "كوشنر" ومستشار الأمن القومي "جون بولتون" كانت متوترة، مع حث الأمريكيين لولي العهد على إجراء تحقيق شفاف، وإخراج الحقائق بسرعة.

ويعد الحادث الأخير اختبارا مبكّرا للعلاقة المزدهرة مع المملكة العربية السعودية. وبدأت الشراكة خلال رحلة "ترامب" إلى الرياض. وكثيرا ما يذكر "ترامب" بصفقة الأسلحة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، والتي تم الإعلان عنها خلال الرحلة، لكن نطاق الاتفاق قد يكون مبالغا فيه.

ويزعم مسؤولون في إدارة "ترامب" أن تفاوضوا على صفقة أسلحة بقيمة 110 مليار دولار، لكن معظم بنود هذه الصفقة لا تزال قيد التفهمات. ومن المرجح أن يكون الرقم الفعلي أقل بكثير عند التنفيذ.

 

 

 

 

 

 

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي العلاقات السعودية الأمريكية جاريد كوشنر محمد بن سلمان