استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حين تعجز الإرادة السياسية إزاء معاناة الشعوب

الاثنين 29 أكتوبر 2018 05:10 ص

من أسوأ اللا أخلاقيات التي أنتجتها الحروب الداخلية -الأهلية- العربية، أن يصبح امتهان كرامة الإنسان نمطا عاديا، ولأنه ليس جديدا بل إن له تاريخا، لكنه لم يكن يمارس بعلانية تلقائية، فقد غدا من العادات المطبعة على مختلف المستويات، بدءا من الأنظمة "الحكومات"، وانتهاء بعموم الناس.

ومن دون أن يعذر هؤلاء في تقصيرهم، يقتضي القول إنصافا إن غالبيتهم لا تملك أية قدرة على المساعدة، فعندما تقفل الحدود بين الدول وبين المناطق، لمحاصرة لاجئين أوقعهم قدرهم في المكان الخطأ، يصبح السعي إلى نجدتهم بمثابة "خيانة" أو "مخالفة للقوانين"!

وفي حال كهذه، وحدها المنظمات التابعة للأمم المتحدة متاح لها أن تغيث اللاجئين، لكن بعد أن تسمح لها الأنظمة "الحكومات" بذلك، إذا سمحت، بل إنها تسمح إعلاميا فقط ولا تتيح التنفيذ، ومعلوم أن قوافل مساعدات عدة في سوريا تعرضت لقصف ولإطلاق نار أحيانا، أو نهبت أو أوقفت وسحبت منها الأدوية وحليب الأطفال وأغذية شتى.

لكن الحال التي يمثلها مخيم الركبان، الواقع في "لا مكان" في البادية السورية على مقربة من الحدود الأردنية، تكاد تكون استثنائية وغير مسبوقة، جاء لاجئوه من الرقة وريف حمص الشمالي هربا من انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية" وممارساته في النصف الثاني من العام 2014.

أي أنهم مروا بمناطق يسيطر عليها النظام السوري، الذي لم يهتم بهم رغم "حربه" المعلنة على الإرهاب، وأملوا بالمرور إلى الأردن، عله يفسح لهم مكانا مع اللاجئين السوريين الآخرين في مخيم الزعتري أو سواه.

لكن عمان أغلقت الحدود تحوطا من اختراقات "داعش"، بقي نحو خمسة وثمانين ألف إنسان بنسائهم وأطفالهم في العراء لفترة طويلة، قبل أن تحصل الأمم المتحدة على إذن لمساعدتهم.

ومع الوقت تناقصوا إلى خمسين ألفا، بعدما ارتحل منهم من ارتحل وقضى من قضى، أما الباقون فيعيشون في ظروف قاسية، ويرقى بقاؤهم على قيد الحياة إلى مستوى الأعجوبة.

فتحت أخيرا الحدود رسميا بين سوريا والأردن، وقبل ذلك أقصي تنظيم "الدولة" عن المناطق التي فر منها لاجئو الركبان، ولم يتغير شيء في أوضاع المخيم، أصبحوا عمليا تحت مسؤولية نظام دمشق، الذي تمهل كثيرا قبل أن يجيز لقوافل الأمم المتحدة المرور لمساعدتهم.

والسؤال المطروح: لماذا لا يمكن هؤلاء اللاجئون من العودة إلى مناطقهم ومنازلهم، أليس النظام بات أكثر ثقة بأنه يستعيد الحكم كما كان سابقا؟!

أليست روسيا تقود حملة دولية، وتمثل عودة اللاجئين أحد عناوينها الرئيسية؟!

أم أن الموجودين في المخيم مصنفون إرهابيين ولا أحد يريد إيواءهم؟

أم أن مناطقهم ومنازلهم نهبت ثم أسكنت فيها أعداد من الأفغان والباكستانيين أو حتى العراقيين، الذين تجلبهم إيران مع عائلاتهم للقتال في سوريا؟!

لا يعتبر الركبان مخيما "رسميا"، بل تجمعا عشوائيا يمكن حل مشكلته بأبسط القرارات، شرط أن تتوفر الإرادة الإنسانية وليس السياسية فحسب، لكنه يشكل مثالا مصغرا لبلد كامل وشعب كامل.

إذ تعبت منظمات الأمم المتحدة من التحذير بأن خمسة إلى ستة ملايين إنسان في اليمن يعيشون ظروفا تشبه المجاعة، وباتت تعزو ذلك إلى ارتفاع الأسعار، كما لو أن اليمنيين يعيشون في مخيم ركبان كبير.

وبات قوتهم تحت رحمة التهريب والمهربين، مع فارق أن الكوليرا والدفتريا وأمراضا أخرى تواصل الفتك بمئات اليمنيين، وسط عجز المجتمع الدولي وعدم اكتراث قوى الأمر الواقع التي تحكمهم.

  • عبدالوهاب بدرخان - كاتب وصحفي لبناني

  كلمات مفتاحية

إرادة سياسية معاناة شعوب لاأخلاقيات حروب أهلية امتهان كرامة البشر علانية تلقائية أنظمة مخيم الركبان سوريا