قرارات المركزي الفلسطيني بخصوص إسرائيل.. حبر على ورق

الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 06:10 ص

"التنسيق الأمني مقدس وسيبقى مقدس".. عبارة شهيرة قالها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" على الملأ، رغم ما يمثله ذلك من عقبة أساسية للوصول إلى توافق فلسطيني داخلي.

وبعد إعلان المجلس المركزي الفلسطيني وقف التنسيق الأمني وتعليق الاعتراف بـ(إسرائيل)، مطلع العام الجاري، عاد المجلس لإصدار قرارات مماثلة، أمس الإثنين.

إذ أعلن المجلس تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وقرر إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي؛ نظرا لاستمرار تنكر (إسرائيل) للاتفاقات الموقعة، وما ترتب عليها من التزامات، وباعتبار أن المرحلة الانتقالية لم تعد قائمة.

كما قرر المجلس وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع (إسرائيل)، والانفكاك الاقتصادي على اعتبار أن المرحلة الانتقالية وبما فيها اتفاق باريس لم تعد قائمة، وعلى أساس تحديد ركائز وخطوات عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى تجسيد استقلال الدولة ذات السيادة.

ويعتبر الأمر الجديد في قرارات المجلس هذه المرة هو منح الرئيس الفلسطيني حق قرار تنفيذها في أي لحظة.

وتأتي هذه القرارات في وقت قاطعت فيه كل من "حركة المبادرة الفلسطينية" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" دورة المجلس المركزي، بينما شنت حركة "حماس" هجوما على المجلس ووصفته بأنه "غير شرعي وانفصالي".

و"المجلس المركزي الفلسطيني" يشكل حلقة الوصل بين "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" (أعلى سلطة تنفيذية للمنظمة) و"المجلس الوطني الفلسطيني" (الهيئة التشريعية العليا الممثلة للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها).

فالمجلس المركزي -الذي تشكل عام 1973- يعاون "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" في تنفيذ قرارات "المجلس الوطني الفلسطيني" وإصدار التوجيهات المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية.

ويختص المجلس المركزي باتخاذ القرارات في القضايا والمسائل التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية في إطار مقررات المجلس الوطني، ومناقشة وإقرار الخطط التنفيذية المقدمة إليه من اللجنة التنفيذية، ومتابعة تنفيذ هذه الخطط، والاطلاع على حسن سير عمل دوائر المنظمة وتقديم التوصيات اللازمة بذلك إلى اللجنة التنفيذية.

تعليق الاعتراف وفك الارتباط

وحسب مراقبين، فإنه عمليا لا يمكن تطبيق القرارات، التي أصدرها المجلس المركزي بخصوص "إسرائيل"، الإثنين، بسبب الكلفة الكبيرة المتوقعة لها سياسيا وماليا؛ فقد تم إصدار قرارات مشابهة منذ مطلع العام الجاري، لكن دون أي ظلال لها على أرض الواقع.

ويعتبر قرار سحب الاعتراف بـ(إسرائيل) شكليا؛ فالأمر -وفق المراقبين- مرهون بالموقف الدولي، ووجود مساندة من دول وكيانات سياسية كبرى.

وفي حال تم تنفيذ قرار تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل)؛ فيعني ذلك إنهاء اتفاق أوسلو وتبعاته، وهو سيقابل بخطوات قاسية مثل أن يتم إعلان السلطة الفلسطينية تنظيما إرهابيا خارجا عن القانون، وهو ما لا تستطيع السلطة الفلسطينية بواقعها الحالي تحمل تبعاته.

كما أن المؤسسات الفلسطينية غير جاهزة لفك الارتباط عن الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة مع وجود غلاف جمركي واحد، وسيطرة (إسرائيل) على حركة المعابر الحدودية والتجارية وعصب القطاعات الاقتصادية المحلية.

الانفكاك الاقتصادي يعني التخلص نهائيا من التبعية لاقتصاد (إسرائيل)، لكن كل السلع الرئيسية يتم استيرادها عبر (إسرائيل) مثل الطاقة والمحروقات والغاز المنزلي والمياه والقمح والطحين.

وفي حركة التجارة، لا يملك الفلسطينيون أي معابر حدودية بين الضفة الغربية وغزة، أو بين فلسطين والخارج، وهذا ما يجعل قرار الانفكاك الاقتصادي غير واقعي.

كما تفرض (إسرائيل) قيودا على عديد من السلع التي يحق للفلسطينيين استيرادها من الخارج، أهمها أن تكون السلع ملائمة للمواصفات والمقاييس الإسرائيلية، بدعوى سهولة تهريب السلع من فلسطين لـ(إسرائيل) والعكس.

التنسيق الأمني

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، صدر قرار عن المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني وتعليق الاعتراف بـ"إسرائيل" في أعقاب إعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، لكن قادة إسرائيليين بينهم وزير الدفاع "أفيغدور ليبرمان" خرجوا في أعقاب ذلك وامتدحوا التنسيق الأمني.

وتم الإعلان عن وقف التنسيق الأمني في عدة محطات، تارة بسبب عدم إيفاء (إسرائيل) بالتزاماتها، ومرة أخرى قرار من رأس هرم السلطة بسبب البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال بالأقصى العام الماضي، ومرة أخرى بسبب إعلان "ترامب" القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، لكن كل ذلك لم يجد له رصيدا على الأرض.

وأثبتت التصريحات الإسرائيلية في جميع المرات، استمرار التنسيق الأمني، إضافة لتصريح رئيس السلطة في لقاء له مع زعيمة حزب ميرتس في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي في أعقاب هبة البوابات الإلكترونية أن التنسيق مستمر -بعد فترة وجيزة من إعلان وقفه- رغم عدم إيفاء (إسرائيل) بالتزاماتها.

ويرى مراقبون أن التنسيق الأمني يفسر الوظيفة الأمنية للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لا يمكن أن تتخلى عنه لاعتبارات متعددة؛ أولها ارتباطها باتفاقيات أمنية، والثاني تحقيق ما وصفوه بـ"المصالح الشخصية"، والثالث عدم قدرتها على تحمل النتائج المترتبة على وقف التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي.

والتنسيق الأمني ولد من رحم اتفاقية أوسلو عام 1993، ويعني ترتيبات الأمن بين السلطة والاحتلال، وينص على أن الأمن الإجمالي في أراضي 67 هو مسؤولية (إسرائيل)، ما يعطيها حق العمل الأمني فيها في أي وقت تشاء.

اتفاقية طابا عام 1995 وضعت توضيحا لهذا التنسيق بحيث نصت على أن "السلطة الفلسطينية مسؤولة عن منع الإرهاب والإرهابيين واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم".

وعلى أساس الاتفاق الأمني، فإن (إسرائيل) والسلطة تتبادلان المعلومات حول أعمال خلايا "حماس" ومنظمات أخرى، وتتقاسمان الأدوار في معالجة الأحداث الجنائية، وتنسقان العمل عند المظاهرات والمواجهات، وذلك من أجل الاستمرار في السيطرة على الوضع.

إذن التنسيق الأمني، ينص على اعتقال من يشتبه برغبته ونيته مهاجمة الاحتلال وعلى زجه في السجون من دون محاكمة، ومنع العمليات ضد الإسرائيليين.

وإجمالا، يمكن اعتبار ما أصدره المجلس المركزي الفلسطيني قرارات مع وقف التنفيذ، هدفها التظاهر بامتلاك أوراق تستطيع السلطة التلويح بها، بعد أن أفقدها الرضوخ الكامل للاحتلال الإسرائيلي القدرة والفاعلية، وأدى إلى تمزيق في جسد الإجماع الوطني الفلسطيني.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حماس المجلس المركزي الفلسطيني السلطة الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل التنسيق الأمني