3 شركات استشارات أمريكية ترفض التفريط بملايين بن سلمان

الأحد 4 نوفمبر 2018 08:11 ص

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه بينما كان ولي العهد "محمد بن سلمان"، يأسَر  مصرفيي "غولدمان ساكس"، والمدراء التنفيذيين، بوادي السليكون ، خلال جولته الأمريكية خلال الربيع،  كان هناك عدد من أقرب مساعديه، يتولون القيام بالأعمال التجارية في واشنطن.

وفي حفل خافت، وعلى بعد بلوكين سكنيين من البيت الأبيض، وقع المسؤولون السعوديون اتفاقا مع شركة "بوز آلين هاملتون"، (Booz Allen Hamilton) وهي شركة الاستشارات الأمريكية،  التي تساعد على تدريب الصفوف المتنامية من المقاتليين السيبرانيين بالمملكة، بحسب الصحيفة.

وذكرت الصحيفة أن "سعود القحطاني"، أحد كبار مستشاري ولي العهد، الذي  كان يشرف على الصفقة، قال فى تصريحات للصحافة الرسمية في السعودية "إن الاتفاق سوف يفتح آفاقا كبيرة، من خلال تحسين مهارات خبراء الأمن السيبراني في المملكة"، دون أن يشير إلى حملته المستمرة لإسكان المنتقدين سواء داخل المملكة أو على الإنترنت.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن "القحطاني" عزل من منصبه الشهر الماضي، بعدما ربطه مسؤولون سعوديون، بعملية اغتيال "جمال خاشقجي"، قائلين إنه مشارك في البيئة العدوانية التي قادت إلى عملية القتل فى قنصلية السعودية بإسطنبول.

ولفتت: "لكن في حين دفعت وفاة خاشقجي المستثمرين من جميع أنحاء العالم للنأي بأنفسهم عن الحكومة السعودية، لكن بوز آلين ومنافستيها ماكينزي (McKinsey & Company)، وبوسطن (Boston Consulting Group)، مكثتا على مقربة، بعد لعب دور حاسمة في حملة توطيد الأمير الشاب لسلطته في المملكة".

وتابعت: "فبالإضافة إلى العمل الاستشاري التقليدي، عملوا على طرح المشورة الاقتصادية، والمساعدة في تلميع صورة الأمير محمد بن سلمان، وأخذوا المزيد من المهام غير التقليدية".

وأردفت أن "بوز آلين"، قامت بتدريب البحرية السعودية، باعتبارها تدير عملية حصار في الحرب اليمنية، وهي الكارثة التي تهدد الملايين بالمجاعة، قامت بعمل تقرير، ربما يكون ساعد في الحملة التي شنها "سعود القحطاني" ضد المنشقين، فيما كانت تقدم بوسطن النصائح لمؤسسة ولي العهد.

وعلقت الصحيفة، أن العمل كان مربحا، فقد تحصلت الشركات الثلاث مجتمعة على مئات الملايين من الدولارات في مشاريع بالسعودية، فـ"ماكينزي" نجحت في تطوير أعمالها من مشروعين سعوديين في عام  2010 إلى ما يقرب من 50 مشروعا في العام التالي، واستمرت وتيرة الأعمال في التسارع، حتى وصلت إلى ما يقرب من 600 مشروع ما بين 2011 حتى عام 2016.

وبينت الصحيفة أن مستشاري "ماكينزي" انتشروا في جميع أنحاء المملكة في السنوات الأخيرة لتقديم المشورة للهيئات الحكومية، مثل وزارة التخطيط السعودية، التي كانت تلقب بـ"بوزارة ماكينزي" من قبل السعوديين - والديوان الملكي، ومجموعة أخرى من الشركات تعمل فى البنوك ووسائل الإعلام، والاتصالات، والعقارات والطاقة، وفقا لما كشفته وثائق داخلية خاصة بماكينزي، اطلعت عليها "نيويورك تايمز".

وفي العام الماضي وفقا للصحيفة، اشترت شركة "ماكينزي"، شركة استشارية سعودية لديها صلات سياسية بالنظام، وأضافت الـ140 موظفا للشركة إلى أكثر 300 يعملون بالفعل يعملون لديها بالمنطقة.

وقالت الصحيفة إن تقرير "ماكينزي"  الذي حدد منتقدي المملكة البارزين على الإنترنت، أثار موجة ومن الإدانات والتنديد واسعة النطاق، عندما كشفت عنه "The Times" الشهر الماضي، وقد وصف التقرير بالتفصيل، فضلا عن الصور،  المنشقين السعوديين، بمن فيهم "خالد العلكمي"، وهو كاتب ينتقد السياسيات السعودية، و"عمر عبدالعزيز" المعارض الذي يعيش في كندا.

وتقتبس الصحيفة بعض ما كتب عن "عمر عبدالعزيز"، مثلًا، في تقرير الشركة الداخلي، من قبيل: "عمر لديه عدة تغريدات سلبية عن مواضيع مثل الحزم والمراسيم الملكية"، وكتبت الملاحظة ذاتها تقريبًا عن "خالد العلقمي".

وعلى الرغم من أن "ماكينزي" ادّعت في حينها أن التقرير تم إعداده لـ"جمهور داخلي"، فإن "علكمي" اعتقل في نهاية المطاف، في حين قال "عمر عبدالعزيز" إن اثنين من إخوته اعتقلا بحسب الصحيفة.

حملة القمع تلك، كما تستنتج الصحيفة، كانت علامة مبكرة على الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السعودية لقمع الانتقادات، والتي بلغت ذروتها باغتيال "خاشقجي".

ويسجّل التقرير أنه حتى قبل وصول "بن سلمان" إلى الحكم في السعودية، فقد كانت لـ"ماكينزي" و"مجموعة بوسطن الاستشارية" علاقات بالأمير السعودي، وفقًا لما تنقله الصحيفة عن مستشارين عملا في المنطقة، حتى إن المدير التنفيذي لـ"مجموعة بوسطن"، "جورج هيلدبرانت"، ربطته علاقة وثيقة مع "بن سلمان" في السنوات الأخيرة.

وأوضحت أنه بعد أن خاض "بن سلمان" حرب اليمن عقب تعيينه وزيرًا للدفاع، وقّعت "مجموعة بوسطن" تلك مع السعودية عقدًا للمساعدة في إصلاح أنظمة المشتريات في وزارة الدفاع، وتحسين طريقة تعاملها مع الشؤون المالية والوظيفية، وفق ما قاله شخصان على دراية بالعقد.

ولفتت إلى أنه في فبراير/شباط عام 2016، رافق مستشارون من "ماكينزي" و"مجموعة بوسطن" 5 مبعوثين من الديوان الملكي السعودي لإجراء جولات على مراكز الأبحاث في واشنطن، وأطلعوا الخبراء المتخصصين بمنطقة الخليج هناك على "أهداف بن سلمان الكبرى في إعادة تشكيل الحياة السعودية".

وأضاف التقرير أن "مجموعة بوسطن" كانت منخرطة بعمق في رسم خيوط الخطة الاقتصادية للبلاد، والتي يطلق عليها اسم "رؤية 2030".

وعندما سألت مجلة "ذي إيكونومست" بن سلمان عام 2016 عن المبلغ المقدّر بـ4 تريليونات دولار من الاستثمارات المطلوبة لتحويل اقتصاد المملكة، أحال الأخير هذا الرقم إلى تقرير لشركة "ماكينزي"، "وليس إلى الحكومة السعودية"، وفقا للصحيفة.

وفي الوقت الذي قاطعت فيه عشرات الصحف والشركات والشخصيات مؤتمر الاستثمار السعودي الذي عقد نهاية الشهر الماضي في الرياض، فقد كانت تلك الشركات الثلاث حاضرة؛ "ماكينزي" أدارت جلسات نقاش حول المال والطاقة، بينما ركّزت "مجموعة بوسطن" على "الذكاء"، كما هو مذكور في برنامج المؤتمر.

أما "بوز ألين"، وهي الشركة الثالثة، فهي التي لا تزال تحافظ على علاقاتها مع السعودية، ويشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أنها درّبت لسنوات البحرية الأمريكية، وهو جزء من برنامج حكومي لمساعدة الجيوش الحليفة، والحروب الإلكترونية والاستخبارات، فضلًا عن الخدمات اللوجستية والإدارة المالية.

وبعد توقيعها اتفاقية في مارس/آذار الماضي للمساعدة في دعم الأمن السيبراني السعودي، بدأت "بوز ألين" العمل بشكل مباشر لـ"حماية أنظمة الوزارات الحكومية"، كما تقول، نافية أن عملها مع السعودية يتضمن القرصنة الإلكترونية.

غير أن خبراء إلكترونيين يقولون، وفق ما تنقل الصحيفة، إن المناورات الدفاعية التي تستخدم في اكتشاف نقاط الضعف أو حماية شبكات الكمبيوتر يمكن بسهولة إعادة توجيهها لاستهداف حكومات وأشخاص آخرين.

ويرى معدّو التقرير أن "الطفرة" في أعمال الشركات الثلاث المذكورة تنبع من حاجة "بن سلمان" إلى الخبرة، وهو المندفع لتحقيق سياساته في البلاد، لدرجة أن ثمّة موظّفين لتلك الشركات في الديوان الملكي لضمان سرعة الاستجابة للطلبات السعودية الملّحة، التي تصل أحيانًا إلى حد عدم إمهال تلك الشركات أكثر من 24 ساعة لتسليم مقترحاتها، وفق ما يكشفه 3 مستشارين للصحيفة.

ويصف أحد أولئك المستشارين الأمر بأنه "مثل مسابقات ملكات الجمال"، متهكمًا على استراتيجية "بن سلمان" القائمة على تنويع الطلبات من شركات عدّة، ثم ترك المستشارين يتبارون أمامه لتقديم عروضهم.

المصدر | الخليج الجديد +نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة الأمريكية محمد بن سلمان شركات استشارات الأميركية ماكينزي جمال خاشقجي حرب اليمن