السعودية وإيران.. وجهان لعملة واحدة في استهداف المعارضين

الاثنين 5 نوفمبر 2018 08:11 ص

إذا كانت المملكة العربية السعودية تتعرض لضغوط لإعطاء تفاصيل حول مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصليتها في إسطنبول، فإن إيران تخاطر بتوتر العلاقات مع أوروبا، في وقت تحتاج فيه إلى دعم أوروبي أكبر، عبر استهداف الناشطين الحقوقيين العرقيين.

وسلط اغتيال "خاشقجي" الضوء على مضايقات وترهيب السعوديين للمعارضين كجزء من جهود المملكة لإسكات الأصوات الناقدة. ولم تكن الحملة السعودية تحظى بما يكفي من الضوء حتى قتل "خاشقجي".

وعلى النقيض من ذلك، فإن هناك تاريخا طويلا لإيران في استهداف ناشطي الحقوق العرقية، بمن فيهم الإيرانيون من أصول عربية وكردية، ويرجع ذلك إلى اعتقاد الجمهورية الإسلامية بأنهم يتمتعون بدعم الولايات المتحدة والسعودية و(إسرائيل)، في السعي لزعزعة استقرار البلاد.

وإذا كانت المملكة قد عانت من ضرر شديد في سمعتها بسبب قتل "خاشقجي"، وقد تواجه عقوبات للمرة الأولى في تاريخها، فإن إيران، التي كانت تناضل طويلا لتلميع صورتها الملطخة، قد تواجه عقوبات من أوروبا، في لحظة تحتاج فيها إلى الأوروبيين أكثر من غيرهم.

المحطة الأخيرة

وفي آخر حادثٍ إيراني، يدعو رئيس الوزراء الدنماركي "لارس لوكه راسموسن"، ورئيس المخابرات "فين بورش أندرسن"، إلى فرض عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي على إيران، بعد أن اكتشفوا مؤامرة لقتل مقيمين في الدنمارك مرتبطين بحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، وهي مجموعة عربية إيرانية.

وتعقد المؤامرة، إلى جانب حالتين أخريين على الأقل في أوروبا العام الماضي، الجهود الأوروبية لإنقاذ الاتفاقية الدولية لعام 2015 للحد من برنامج إيران النووي، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وفرض عقوبات قاسية على إيران.

وقد وصلت المؤامرة المزعومة بشأن الدنماركيين إلى ذروتها أواخر سبتمبر/أيلول. وقال "أندرسن" إن النرويج سلمت منذ ذلك الحين الدنمارك رجلا نرويجي الجنسية من أصل إيراني، شوهد وهو يلتقط صورا لمنزل زعيم الفرع الدانماركي لحركة النضال الوطني لتحرير الأحواز.

وتسعى الحركة إلى استقلال إقليم "خوزستان" الغني بالنفط في جنوب شرق إيران، والذي يضم الجالية العربية العرقية الإيرانية، ويقع على الحدود العراقية على رأس الخليج.

وفي سبتمبر/أيلول، وقع هجوم على موكب للحرس الثوري في عاصمة الأحواز في خوزستان، أسفر عن مقتل 29 شخصا وإصابة 70 آخرين.

وألقى المسؤولون الإيرانيون باللوم على الولايات المتحدة وحلفائها، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل)، في ذلك الهجوم.

واستدعت إيران في ذلك الوقت سفراء هولندا والدنمارك وبريطانيا للاحتجاج على استضافة الدول الثلاث للإيرانيين الناشطين في مجال الحقوق العرقية.

وجاءت المؤامرة الدنماركية بعد قتل مسلحين مجهولين في هولندا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 لـ"أحمد مولى نيسي"، وهو زعيم آخر من زعماء الحركة الأحوازية. وقد مات "مولى نيسي"، الذي قُتل رميا بالرصاص في أحد شوارع لاهاي.

ويُعتقد أن اللاجئ، الذي يبلغ من العمر 52 عاما ويعيش في هولندا منذ عام 2005، كان مسؤولا عن الهجمات في خوزستان في الأعوام 2005 و2006 و2013، على منشآت النفط ومكتب حاكم إقليم خوزستان والمكاتب الحكومية الأخرى والبنوك.

وجنبا إلى جنب مع "حبيب جابر الأحوازي"، المعروف أيضا باسم "أبو نحيطة"، وهو ناشط آخر في حركة تحرير الأحواز، ركز "مولى نيسي" في الأعوام الأخيرة على الأنشطة الإعلامية وجمع التبرعات، وروج في بعض الأحيان للقطات من هجمات مزعومة تنطوي على بعض الانفجارات لجذب التمويل السعودي، بحسب ناشطين إيرانيين.

وقد تم قتل "مولى نيسي" فيما كان يستعد لإنشاء محطة تلفزيونية مدعومة بأفراد مدربين من قبل السعودية وبتمويل منها يستهدف قضية خوزستان.

وأعلنت مجموعة من الأكاديميين والناشطين السياسيين الإيرانيين في المنفى، بقيادة عالم الاجتماع في لاهاي "دامون جولريز"، في سبتمبر/أيلول، عن إنشاء مجموعة تنوي شن حملة من أجل ديمقراطية ليبرالية في إيران تحت رعاية "رضا بهلوي"، نجل شاه إيران المخلوع الذي يعيش في الولايات المتحدة.

محاولات مستمرة

وعلى خلفية استهداف إيران للناشطين، طردت فرنسا في الشهر الماضي دبلوماسيا إيرانيا متهما بالتورط في تفجير مظاهرة في باريس نظمتها جماعة "مجاهدي خلق"، وهي جماعة إيرانية مدعومة من السعودية تدعو إلى تغيير النظام في طهران من المنفى. وكان الدبلوماسي من بين 6 أشخاص تم اعتقالهم بتهمة التخطيط للتفجير.

ويتمتع مجاهدو خلق بتأييد سياسيين غربيين بارزين مثل مستشار الأمن القومي للرئيس "دونالد ترامب"، "جون بولتون"، ومحاميه الشخصي، "رودي جولياني"، ورئيس المخابرات السعودية السابق الأمير "تركي الفيصل".

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن إيران خططت لمهاجمة مقر المجموعة في ألبانيا في مارس/آذار.

وقد برز دعم مجاهدي خلق بشكل بارز في قناة "إيران إنترناشيونال" التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، والتي تفيد "الغارديان" بأنها مملوكة لجهة خارجية سرية ذات صلات وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".

وأفادت صحيفة "الغارديان" أن "سعود القحطاني"، رجل "بن سلمان" الأقرب، والذي كان من بين العديد من كبار المسؤولين السعوديين الذين تم إبعادهم من مناصبهم في أعقاب مقتل "خاشقجي"، كان من بين الممولين الرئيسيين للمحطة.

وتشير الحوادث الدنماركية والفرنسية والهولندية إلى أن إيران تأخذ بجدية المؤشرات على أن السعودية تفكر في محاولة زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية من خلال إثارة القلاقل بين الأقليات العرقية.

وقد دعا "بولتون" إلى استراتيجية مشابهة قبل أن يصبح مستشارا للأمن القومي في إدارة "ترامب".

وكانت إيران هدفا في العام الماضي لمجموعات متمردة مختلفة يعتقد أنها تحظى بتأييد من السعودية، مما أثار اشتباكات متكررة مع قوات الأمن الإيرانية في مناطق الكرد والبلوش والمتمردين العرقيين الآخرين.

وقد وصل وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" إلى إسلام أباد، هذا الأسبوع، في زيارة غير مقررة لمناقشة الاختطاف الأخير لـ12 من حرس الحدود الإيرانيين على الأقل، والذي يعتقد الحرس الثوري أنهم تم اختطافهم على الجانب الإيراني من الحدود الباكستانية الإيرانية على يد "جيش العدل"، وهي مجموعة معارضة إيرانية تعمل من باكستان.

وبينما تستعد الولايات المتحدة لفرض جولة جديدة من العقوبات ضد إيران، استخدم وزير الخارجية "مايك بومبيو" الهجمات الإيرانية في أوروبا لإضعاف الرفض الأوروبي للخطوة الأمريكية.

وقال: "على مدار ما يقرب من 40 عاما، كانت أوروبا هدفا لهجمات إرهابية برعاية إيران. وإننا ندعو حلفاءنا وشركاءنا إلى مواجهة جميع التهديدات الإيرانية للسلام والأمن".

المصدر | لوب لوج

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي أحمد مولا نيسي الحركة القومية لتحرير الأحواز العقوبات الإيرانية

إيران تعتقل معارضين وتتهمهم بتلقي تمويل من السعودية