استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين الدستور والسياسة.. نموذج تونس يعلِّم ويتعلَّم

الاثنين 12 نوفمبر 2018 08:11 ص

ما شهدته تونس أخيرا في غمار التعديل الوزاري، يستدعي معاينة للوقائع، فمن جهة تصرف رئيس الحكومة يوسف الشاهد ضمن صلاحياته الواضحة في النص الدستوري.

في المقابل استاء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من التعامل معه بطريقة "لم تراع الذوق والأعراف"، وحين احتج "نداء تونس" - الذي أسسه السبسي ولا يزال يعتبر حزبه- على التعديل، وصفه بأنه "انقلاب على الدستور والديمقراطية"، واتهم حزب النهضة بالمشاركة في "الانقلاب".

ورغم أن "النداء" لم يشارك في مشاورات الشاهد قبل التعديل، فإنه حصل على حصة من الحقائب لكنها تقل عن حصة "النهضة"، ولذا فقد طالب وزراءه بالانسحاب.

فور إعلان التعديل رفضه السبسي، وإذ وجد أن لا ترجمة دستورية ممكنة لهذا الرفض، فضل التراجع لكن بلهجة تأنيبية لكل من خاض فيما اعتبره تقليلا من الاحترام لمقام الرئيس والرئاسة، وسارع بيان "النهضة" إلى تأكيد أن "احترام مؤسسة الرئاسة من مقتضيات احترام الدولة".

واقعيا، كان الشاهد محقا، والسبسي محق أيضا، طلب من رئيس الحكومة قبل شهور أن يستقيل "لفشله" في معالجة مشكلتي البطالة والتضخم، جاء الطلب من رئيس "نداء تونس" حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، وفهم أن لديه أجندة خاصة تتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة في خريف 2019.

رفض الشاهد الانصياع إلا إذا صوت مجلس النواب على نزع الثقة منه، غير أن خريطة القوى السياسية في المجلس لم تعد لمصلحة "الندائيين"، ثم إن انكشاف طموحات ابن الرئيس استدعى رد فعل معاكسا من "النهضويين" وغيرهم.

وبدأ الحديث عما سمي "التوريث الديمقراطي" مثيرا انقساما جديدا داخل "النداء"، ولا يستبعد أن يؤدي إلى انشقاق آخر في صفوفه، لم تكن هناك مبررات لتغيير الحكومة قبل الانتخابات.

ولم يفلح توافق الشيخين السبسي وراشد الغنوشي زعيم "النهضة" في إنهاء الأزمة، بل إن سياقها أسقط توافقهما أواخر سبتمبر الماضي، وهذا مهد للتعديل الوزاري بدعم من الأحزاب الأخرى، ما أعاد رسم التوازنات السياسية فأصبحت كتلة "النداء" ثالثة في البرلمان بعدما كانت الأولى.

الصحيح دستوريا، قد لا يكون بالضرورة صحيحا سياسيا، إذ إن التعديل أظهر الرئيس معزولا أمام أمر واقع، لم يكن السبسي يضيق بصلاحياته المحدودة، ربما لشعوره بأنه صانع الشرعية التي يتمتع بها الحكم، وبأن ابنه "الروحي" في رئاسة الحكومة لن يخذله أو يخذل ابنه "الطبيعي".

لكن اتضح أن ما يعتقده ينتمي إلى نظرة تقليدية موروثة لـ"الرئيس"، ولم يعد لها أي سند دستوري، فهو يستطيع حل البرلمان رغم أنه منتخب، وهو يسمي رئيس الحكومة، ولا يستطيع إقالته بعد أن يحظى بثقة البرلمان.

النصوص واضحة واللعبة محكمة، ولا يمكن الالتفاف عليها إلا بالسياسة، لكن هذه هي التي خذلت السياسي المحنك حين احتاج إليها!

فكل ما قاله الرئيس في مؤتمره الصحافي غداة التعديل الوزاري جاء متأخرا، إذ كان عليه أن يحسم باكرا الجدل حول "توريث الحكم"، وألا يترك الأزمة الحكومية تطول على النحو الذي أضر بحزبه أولا وأخيرا.

لا يحتاج احترام الرئاسة إلى نصوص دستورية تؤكده، لكن ما تشهده تونس لا يزال تجربة تطور نفسها بتطبيق الدستور واحترامه.

وإذا كانت تعطي دروسا للآخرين بالممارسة، فقد تكون تعلمت من الواقعة الأخيرة أنها تحت المجهر، صحيح أن المنصب الرئاسي رمزي، لكن السبسي هو الذي يوحي للداخل والخارج بالثقة، وهذه يوفرها الشخص لا النص الدستوري.

  • عبدالوهاب بدرخان - كاتب وصحفي لبناني

  كلمات مفتاحية

تونس الدستور السياسة تعديل وزاري يوسف الشاهد نداء تونس حركة النهضة الباجي السبسي محمد كوثراني