وقف إطلاق النار بغزة يضع حكومة نتنياهو على حافة الهاوية

الخميس 15 نوفمبر 2018 02:11 ص

تهدد هدنة هشة أخرى بين (إسرائيل) وحماس بإسقاط حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" التي طال أمدها، في الوقت الذي تهدد فيه عاصفة سياسية بإغراق حكومته التي كانت آمنة في السابق.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني، استقال وزير الدفاع "أفيغدور ليبرمان"، قائلا: "لا يمكن تفسير وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بأي شكل آخر غير الاستسلام للإرهاب"، على حد وصفه.

وأخذ "ليبرمان" مقاعد الكنيست الـ 5 لحزبه "إسرائيل بيتنا" معه، ليجعل ائتلاف "نتنياهو" على حافة الانهيار. ويسيطر الائتلاف الحاكم الآن على 61 مقعدا فقط من أصل 120 مقعدا، لكن وزير التعليم "نفتالي بينيت" من حزب البيت اليهودي يهدد بالانسحاب أيضا إذا لم يتم منحه حقيبة الدفاع الفارغة.

لماذا يحدث ذلك الآن؟

يستغل كل من "ليبرمان" و"بينيت" الرياح السياسية التي تهب ضد "نتنياهو" للاستعداد لتحد انتخابي أوسع ضد رئيس الوزراء.

وتم إدانة وقف إطلاق النار في غزة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني داخليا في (إسرائيل)، وهو الأحدث في سلسلة من الأحداث منذ مارس/آذار 2018. وعلاوة على ذلك، لم يأتِ هذا الانتقاد فقط من شخصيات اليمين مثل "ليبرمان" و"بينيت"، ولكن أيضا من حزب "هناك مستقبل"، ممثل يشار الوسط الذي يرجح أن يهيمن على الساحة السياسية الإسرائيلية ذات الميول اليسارية في أي انتخابات مقبلة.

وغضب الكثير من الإسرائيليين لأن عمليات وقف إطلاق النار السابقة لم تجلب سوى سلام مؤقت، تلتها المزيد من الصواريخ والتهديدات بالحرب. وكان الإسرائيليون الجنوبيون، الذين عايشوا هجمات صاروخية متفرقة، قد أغضبهم وقف إطلاق النار الذي أعقب أكبر وابل من الصواريخ من حماس إلى (إسرائيل) منذ سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2006.

ويمتد هذا الغضب عبر الطيف السياسي، مما يخلق فرصة لخلفاء "نتنياهو" المحتملين لتسريع خططهم لإبعاده. وقد كان "نتنياهو" بالفعل في مأزق سياسي كبير بسبب العديد من قضايا الفساد التي قوضت شعبيته.

لماذا يهم الأمر ؟

ويراهن السياسيون اليمينيون الرئيسيون في (إسرائيل) على أنهم يستطيعون إجبار الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة، وإما أن يتولى أحدهم منصب رئيس الوزراء بنفسه، أو أن يفرضوا موقفهم وجدول أعمالهم داخل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وعند أخذ هذا الخطر في الاعتبار، فإنهم يراهنون أيضا على أن (إسرائيل) لن تنزلق نحو أول حكومة ليسار الوسط منذ عقود.

وتفضل الخريطة الانتخابية في (إسرائيل) حكومة يمين الوسط في أي انتخابات جديدة. ومع ذلك، فإن الجدل حول المشاركة المتطرفة للأرثوذكس قد تعرقل جهود يمين الوسط في تشكيل ائتلاف.

وبدلا من ذلك، فإن فضائح "نتنياهو" المتعلقة بالفساد والغضب الشعبي من وقف إطلاق النار قد تعطي السلطة لحزب "هناك مستقبل"، وربما تقلب الأمور نحو يسار الوسط. ويبقى انشقاق "ليبرمان" إلى يسار الوسط ممكنا أيضا، إذا منحه "هناك مستقبل" الدعم الذي يريده لإجراء عملية في غزة، ولا سيما بالنظر إلى أن الحزب أدان بشدة وقف إطلاق النار.

وتعد حكومة يمين الوسط في (إسرائيل) الآن في حالة تغير مستمر. ولدى "بينيت" و"ليبرمان" القدرة على التحكم في مدة بقاء الحكومة الحالية. ويمكن للتطورات المحتملة أن تغير بشكل جوهري ما يمكن ليمين الوسط أن يفعله في (إسرائيل)، ومن سيكون رئيس الوزراء القادم، وكذلك تغيير سياسة البلاد بشأن غزة، والعلاقات مع الدول المحيطة، من الولايات المتحدة إلى قطر.

ماذا عن غزة؟

وأشارت حماس إلى وقف إطلاق النار الأخير باعتباره انتصارا كبيرا، لكن الحقيقة هي أن القوى المحلية في (إسرائيل) تحاول إجبار الحكومة على الدخول في مواجهة كبرى في قطاع غزة. وكانت استراتيجية حماس التصعيدية قد أعقبتها عملية انسحاب متقنة للتفاوض، لضمان تدفق الصنبور الصغير من المساعدات. ولكن مع رفض وقف إطلاق النار من اليمين واليسار الإسرائيلي، قد تجد حماس نفسها قريبا دون شريك تفاوضي راغب في المقايضة على وقف الصواريخ مقابل استئناف المساعدات مرة أخرى.

وهناك أيضا مخاوف حماس حول قدرتها على السيطرة على حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وغيرها من المقاتلين الإسلاميين، الذين يتخذون موقفا متشددا تجاه (إسرائيل)، ولا يلتزمون بقيادة حماس، فضلا عن الوضع الإنساني الرهيب في غزة وانهيار الاقتصاد. ومن المرجح أن تؤدي الهجمات من الفصائل الأخرى إلى تصعيد يتجاوز الهدنة الهشة. 

إسرائيل في الخارج

ويعتمد أمن (إسرائيل) على علاقات العمل مع القوى الكبرى النشطة عسكريا في مجالها، بما في ذلك مصر وروسيا وتركيا والولايات المتحدة.

وسوف يتم افتقاد اتصالات "ليبرمان" الشخصية مع روسيا، لكن "نتنياهو" أقام علاقة عمل مع الرئيس "فلاديمير بوتين"، والتي سوف تحافظ على فتح قنوات الاتصال بين الجانبين، وهي جانب أساسي في السياسة الخارجية الإسرائيلية، خاصة بعد أن تم إلقاء اللوم على (إسرائيل) في إسقاط طائرة روسية في سبتمبر/أيلول. ومع ذلك، فإن حكومة ما بعد "نتنياهو" من أي طيف سياسي ستواجه التخدي المتمثل في هامش المناورة الضئيل بين المصالح الروسية والإسرائيلية في سوريا.

وفي الوقت نفسه، سيؤدي احتمال إجراء انتخابات مبكرة إلى ظهور شكوك جديدة في علاقة (إسرائيل) بالولايات المتحدة. وستنشأ هذه الشكوك ليس فقط لأن "نتنياهو" قريب بشكل خاص من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ولكن أيضا مع تغير المشهد السياسي في واشنطن وصعود الحزب الديمقراطي والذي سيسيطر قريبا على مجلس النواب الأمريكي، لذا، من غير المرجح أن تلقى عملية أخرى في غزة استقبالا جيدا في واشنطن.

وفي هذه الأثناء، قد يتلقى الدور القطري في قطاع غزة ضربة قوية ضربة قوية. وكان المقصود من جهود الدوحة الأخيرة إحلال السلام، وكذلك إقناع "ترامب" بقيمة قطر كحليف. إلا أن "ليبرمان" انتقد صراحة هذا الترتيب في استقالته. ويبقى أن نرى ما إذا كان أعداء قطر، مثل السعودية و الإمارات العربية المتحدة، سيتدخلون، لكن قطر ومصر لم ينجحا حتى الآن في تهدئة غزة، وطالما بقيت المشكلة قائمة فسيبقى موقف "نتنياهو" كرئيس للوزراء معرضا للتدقيق.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

حكومة نتنياهو حماس غزة ليبرمان (إسرائيل)