اختار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الجنرال المتقاعد "جون أبي زيد"، سفيرا للولايات المتحدة في السعودية، ليملأ بذلك منصبا ظل شاغرا منذ توليه الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2017.

ويتعين أن يؤكد مجلس الشيوخ ترشيح "أبي زيد"، المعروف بين زملائه بـ"العربي المجنون"، وذلك في ظل ضغوط تتعرض لها الولايات المتحدة من النواب الأمريكيين بشأن موقفها من السعودية على خلفية قتل الصحفي "جمال خاشقجي" والحرب في اليمن.

ولعل هذين الملفين، والارتدادات التي تسببت فيهما في العلاقة بين واشنطن والرياض، دفعت "ترامب" لترشيح "أبي زيد"، لهذا المنصب.

وحسب صحيفة "واشنطن بوست" يتمتع "أبي زيد"، بتأييد معظم مسؤولي الإدارة الأمريكية، إذ يرى هؤلاء أنه أكثر الجنرالات خبرة في الشؤون العربية.

من هو "جون أبي زيد"؟

ولد "جون فيليب أبي زيد"، عام 1951، في أسرة لبنانية مسيحية، وقد هاجر أجداده من قرية مليخ بقضاء جزين في جنوب لبنان إلى كاليفورنيا، في أواخر القرن التاسع عشر.

اهتم والد "أبي زيد"، الذي كان يعمل ميكانيكياً في البحرية الأمريكية، خلال الحرب العالمية الثانية، بتربيته بعد أن توفيت والدته بالسرطان، وهو طفل صغير.

المناصب السياسية والعسكرية التي شغلها، ليست بجديدة على "أبي زيد"، فقد كان الرجل الثاني في القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط أثناء غزو العراق عام 2003.

وتخرج في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت بنيويورك، عام 1973، وحصل على ماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفارد، كما درس في جامعة عمان في سبعينيات القرن الماضي، وتخرج منها وهو يتحدث العربية بطلاقة.

وأعد خلال دراسته في جامعة هارفارد، أطروحة عن سياسات السعودية الدفاعية، ونالت إعجاب وتقدير مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد "نداف صفران".

احتفظ "صفران"، بنسخة من تلك الأطروحة المؤلفة من 100 صفحة، قائلاً :"لقد كانت هذه الأطروحة من أفضل ما رأيت منذ مسيرة عملي في هارفارد منذ أكثر من 30 عاماً".

نشاط عسكري

بدأ مهنته العسكرية عام 1970، مع فرقة المشاة المظلّية رقم 504 في "فورت باراج"، واختير في العام نفسه من بين وحدات النخبة لتدريب القوات الخاصة الأردنية.

في عام 1973، عُيّن ضابطاً مساعداً في قوات المشاة لدى تخرجه في الأكاديمية العسكرية.

قاد الجنرال المتقاعد، عام 1983، مجموعة من وحدات خاصة خلال الغزو الأمريكي لجزيرة غرينادا، كما قاد عام 1991 اللواء الثالث في الفرقة المجوقلة 325، التي أدّت دوراً رئيسياً في عمليات ما تعرف بـ"بروفايد كومفورت" في حرب الخليج.

وقاد أيضاً عام 1999، فرقة المشاة الأولى التي تُدعى "بيغ رد وان"، التي أدت دورا مركزيا بالحرب في كوسوفا، وحصل على ميدالية الخدمة المتميزة وخدمات التفوق الدفاعي والنجمة البرونزية، وغيرها من الميداليات والجوائز العسكرية.

مهمة بالعراق

وفي 2003، تسلّم "أبي زيد" مهامه في القيادة المركزية للقوات الأمريكية المسؤولة عن قوات بلاده في العراق، و24 دولة تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، ليتقاعد بعدها من الخدمة العسكرية عام 2007، بعدما قضى 34 عاماً في السلك العسكري.

وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، قام "أبي زيد"، خلال هذه المدة، بتحويل فرقة عسكرية مدربة من أجل القتال إلى فرقة لحفظ السلام في المناطق الكردية التي كانت تشهد مواجهات بين الجنود العراقيين والبشمركة الكردية".

واعتمد "أبي زيد" في العراق، استراتيجية تقضي تدريجيا على الفصائل المسلّحة في محافظات العراق الشمالية والشرقية والغربية ذات الغالبية السنية، حيث تشكّلت أثناء قيادته ما عُرف حينها بقوات "الصحوة"، وهي فصائل مسلّحة سنية دُرّبت بحرفيّة للانخراط في مواجهة تنظيم القاعدة.

وتولّى قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال "دافيد بترايوس"، حينها، إدارة هذه الفصائل بالتعاون مع شخصيات سياسية وقبلية عراقية.

وخرج "أبي زيد"، من تجربة العراق بمهارات جديدة، وبحسب مقال نشره في مجلة "ميليتري ريفيو" قال: "كان على الجنود أن يفهموا قوانين اللعبة ودرجة النظام المطلوبة بشكل جيد من أجل الحفاظ على هدوئهم في أكثر الظروف صعوبة واستفزازاً".

وأضاف: "حصلت أخطاء في تجربتنا تلك، لكننا خرجنا منها بدروس علمتنا كيف نحفظ السلام".

وبعد تقاعده، أكّد "أبي زيد"، إمكانية التعايش مع "إيران نووية"، كما تم التعامل في الماضي مع الاتحاد السوفييتي الذي كان يمتلك أسلحة نووية.

في حين وصف سلوك طهران بـ"العقلاني"، وهو موقف يتعارض مع سياسة "ترامب" الذي انسحب من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الكبرى، وفرض عقوبات اقتصادية شديدة على طهران.

و"أبي زيد"، حاليا زميل زائر بمركز "هوفر" في جامعة ستانفورد، ومستشار لشركة "جيه. بي أسوسييتس".