نيويورك تايمز تشرح بيان ترامب عن السعودية بطريقتها الخاصة

الأربعاء 21 نوفمبر 2018 04:11 ص

أصدر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بيانا مليئا بعلامات التعجب، الثلاثاء، حول اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، واستغرق الأمر منه بعض الوقت للوصول إلى تلك القضية.

البيان بمثابة رحلة مذهلة داخل عقل الرئيس، فعندما لا يكون مشوشا، يصبح شفافا بشكل مذهل، ويكشف الأسباب التي  تدفعه لاتخاذ قراراته.

هذا هو بيان الرئيس، كما نشره البيت الأبيض ، مدعوما بسياق إضافي.

بيان من "دونالد  جي. ترامب" حول الوقوف بجانب المملكة العربية السعودية

أمريكا أولا

العالم مكان خطر جدا!

حسنا، بالفعل هو فعلا كذلك! ولكن ليس خطر للغاية، ربما، لأن المرء يجب أن يتوقع أن يتم اغتياله داخل قنصلية، بينما يذهب هناك بغرض الحصول على أوراق لازمة للزواج.

إن دولة إيران، على سبيل المثال، هي المسؤولة عن حرب دموية بالوكالة ضد المملكة العربية السعودية في اليمن، وتحاول زعزعة استقرار محاولات العراق الهشة نحو الديمقراطية، وتدعم جماعة حزب الله الإرهابية في لبنان، وتدعم الدكتاتور بشار الأسد في سوريا (الذي قتل الملايين من مواطنيه)، وأكثر من ذلك بكثير.

يحاول "ترامب" هنا، تذكير الرأي العام بمن هو العدو الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، تلميح: إنها ليست المملكة العربية السعودية. إن دعم الرياض القوي لإدارة الرئيس ترامب المتشددة تجاه إيران، هو السبب الرئيسي، لاستمرار البيت الأبيض فى منح الدعم لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" الحاكم الفعلي للسعودية.

وبالمثل، قتل الإيرانيون العديد من الأمريكيين وغيرهم من الأبرياء في جميع أنحاء الشرق الأوسط. تقول إيران علنا، وبقوة كبيرة، "الموت لأمريكا!" و"الموت لإسرائيل!"، تُعتبر إيران "الراعي الرئيسي في العالم للإرهاب".

الحكومة الإيرانية أصبحت عرضة لكي تصرخ بما يوازي "الموت لأمريكا"، "الموت لإسرائيل"؛ لكن المسؤولين يقولون إن النشاط الإرهابي الإيراني تراجع مؤخرا، وتسعي طهران للحفاظ على الاتفاق النووي الموقع فى 2015 مع الجانب الاوروبي ، بعدما انسحبت إدارة "ترامب".

من ناحية أخرى، فإن المملكة العربية السعودية ستنسحب بكل سرور من اليمن إذا وافق الإيرانيون على المغادرة، وسيقدمون على الفور المساعدة الإنسانية المطلوبة بشدة.

الحرب السعودية فى اليمن، هي كارثة إنسانية، تسببت بأسوأ مجاعة شهدتها البلاد، وعلى الرغم من دعوات وزير الدفاع "جيمس ماتيس" من أجل وقف إطلاق النار، زادت المملكة من العمليات العسكرية، ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن افتقار الجيش السعودي إلى الانضباط والتخطيط خلال الغارات الجوية؛ أدي إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، ويقول الخبراء الإقليمون إن الاجراء الأكثر أهمية لـ"ترامب" ضد المملكة فى هذا الصدد حتى الآن، هو وقف عملية تزويد المقاتلات السعودية المتجهة إلى اليمن بالوقود!.

بالإضافة إلى ذلك، وافقت المملكة العربية السعودية على إنفاق مليارات الدولارات في قيادة الحرب ضد الإرهاب الإسلامي الراديكالي. بعد رحلتي التي شهدت مفاوضات كبيرة إلى السعودية العام الماضي، وافقت المملكة على إنفاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة. هذا هو مبلغ قياسي من المال. سيخلق مئات الآلاف من فرص العمل، وتنمية اقتصادية هائلة، وثروة إضافية كبيرة للولايات المتحدة. من أصل 450 مليار دولار، سيتم إنفاق 110 مليارات دولار على شراء معدات عسكرية من بوينغ ولوكهيد مارتن ورايثيون والعديد من كبار مقاولي الدفاع الأمريكيين.

هذا هو النموذج الأساسي، لنمط التعامل الفظ، الذي يتبعه "ترامب" فيما يتعلق بإدارة السياسية الخارجية، إنه يدعم السعودية لأنه يعتقد أنها حاسمة فيما يتعلق بصناعة الدفاع فى الولايات المتحدة، فالمملكة تنفق مبالغ باهظة على جيشها، والولايات المتحدة هي المستفيد، ومع ذلك فإن أرقام الرئيس فى هذا الصدد مبالغ فيها. وقد قاد التعثر الاقتصادي للسعودية لإبطاء وتيرة بعض التعهدات لشراء سلع ذات تكاليف مرتفعة، بما فى ذلك نظام الدفاع الصاروخي المعروف باسم ثاد.

إذا قمنا بإلغاء هذه العقود بحماقة، فإن روسيا والصين ستكونان المستفيدين الهائلين، ويسعدان للغاية بالحصول على كل هذه الأعمال الجديدة. ستكون هدية رائعة لهم مباشرة من الولايات المتحدة!

هراء، السعوديون لا يمكنهم تعليق قنابل روسية أو صينية على F-15 الأمريكية الصنع، فهما لا يتوافقان ولن ينجح الأمر. لقد استثمرت السعودية بكثافة الأسلحة الأمريكية الصنع، فمن أين ستحصل على ذخيرة وقطع غيار تلك الطائرات والمروحيات؟ لاسبيل لديها سوي الولايات المتحدة.

الجريمة ضد جمال خاشقجي كانت رهيبة، وهي جريمة لا تتغاضى بلادنا عنها. في الواقع، لقد اتخذنا إجراءات قوية ضد أولئك الذين سبق أن عُرف أنهم شاركوا في القتل. بعد بحث مستقل كبير، نعرف الآن الكثير من التفاصيل عن هذه الجريمة الرهيبة. لقد فرضنا بالفعل عقوبات على 17 سعوديا معروفا بتورطهم في قتل السيد خاشقجي، والتخلص من جثته.

أخيرا، نصل إلى السيد "خاشقجي"، كاتب العمود بصحيفة "واشنطن بوست"، والمقيم فى فرجينا، والذي اغتيل الشهر الماضي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، عقوبات إدارة "ترامب" استهدفت فى الغالب، أعضاء فرقة القتل السعودية التي سافرت إلى تركيا لقتل "خاشقجي"، ومن المثير للاهتمام أن القائمة شملت "سعود القحطاني"، المستشار البارز لولي العهد، لكنها لم تتضمن "أحمد عسيري" النائب السابق لجهاز المخابرات السعودي.

يقول ممثلو المملكة العربية السعودية إن جمال خاشقجي كان "عدوا للدولة" وعضوا في جماعة الإخوان المسلمون، لكن قراري لا يستند بأي حال على هذا، إنها جريمة غير مقبولة وفظيعة.

يكرر "ترامب" بعض العبارت، التي استخدمتها الحكومة السعودية لتشويه سمعة "خاشقجي"، فالرئيس لا يدعو إلى دحض تلك المزاعم فقط ويقول إن قراره لا يستند إليها، يمكن القول إنه يدعهما قليلا فى الخفاء.

وينفي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشدة أي علم بالتخطيط أو تنفيذ جريمة قتل السيد خاشقجي. تواصل وكالاتنا الاستخباراتية تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولي العهد على علم بهذا الحدث المأساوي، ربما كان وربما لم يكن!

 من يعرف! هل يمكننا حقا معرفة ماذا جري خلف الأبواب المغلقة ؟ "ترامب" ينتظر بوضوح هذا النوع من الأدلة الذي يظهر على شاشة التليفزيون: تسجيل لولي العهد يعطي الأمر بالقتل أو اعتراف أحد أعضاء فريق القتل. لكن ضباط الاستخبارات السابقين يقولون إن الأمور لا تسير على هذا النحو، فأجزاء اللغز لا يمكن أن تكون واضحة. وحتى من دون وجود دليل دامغ، من خلال الأدلة الكافية التي وصلت إلي CIA، خلص من خلالها المسؤولين فى الجهاز الاستخباراتي أن "محمد بن سلمان" أصدر الأمر بالقتل، وفقا لمسؤولين حاليين وسابقين.

ومع ذلك، قد لا نعرف أبدا جميع الحقائق المحيطة بقتل السيد جمال خاشقجي. على أي حال، علاقتنا مع المملكة العربية السعودية. لقد كانوا حليفا عظيما في حربنا المهمة جدا ضد إيران. تنوي الولايات المتحدة البقاء شريكا ثابتا للمملكة العربية السعودية لضمان مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين في المنطقة. هدفنا الأسمى هو القضاء التام على تهديد الإرهاب في جميع أنحاء العالم!

تذكر من هو الشرير هنا! تلميح أخر، إنه ليس الامير "محمد بن سلمان".

أدرك أن هناك أعضاء في الكونغرس يرغبون، لأسباب سياسية أو غيرها، في الذهاب نحو اتجاه مختلف، وهم أحرار في فعل ذلك. سأدرس في أي أفكار تقدم لي، ولكن فقط إذا كانت متسقة مع الأمن والسلامة المطلقين لأمريكا. بعد الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة منتجة للنفط في العالم.

رؤساء أخرون، ابتعدوا فى كثير من الأحيان عن الحديث عما يكمن بصلب التحالف الاستراتيجي مع المملكة -إنتاج النفط وانخفاض أسعاره- لكن "ترامب" ليس من تلك النوعية. ومما يثير الدهشة، وكما يبدو من الحديث  أن "ترامب" على صواب صحيح فيما ذهب إليه، حول كون الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط فى العالم.

لقد عملوا معنا بشكل وثيق وكانوا مستجيبين للغاية لطلباتي بالحفاظ على أسعار النفط عند مستويات معقولة، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للعالم. بصفتي رئيسا للولايات المتحدة، أعتزم أن أضمن، في عالم خطير جدا، أن تواصل أمريكا السعي من أجل مصالحها وتنافس بقوة البلدان التي ترغب في التسبب بضرر لنا. ببساطة شديدة يطلق عليها أمريكا أولا!

فى عام 1979، قدم "وليام سافير" كاتب العمود فى صحيفة "نيويورك تايمز"، وكاتب الخطابات الرئاسية السابقة نصيحة حكيمة: وهي لا تبالغ فى استخدام علامات التعجب !!!

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة السعودية دونالد ترامب بيان محمد بن سلمان سي أي إيه جمال خاشقجي إيران إرهاب