ذي أتلانتيك: لماذا يغرم دونالد ترامب بالسعودية؟

الخميس 22 نوفمبر 2018 04:11 ص

أصدر رئيس الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، بيانا أكد فيه دعمه للسعودية وولي عهدها، الأمير "محمد بن سلمان".

وكنا نعرف دوما أن "دونالد ترامب" لن يتخلى عن حليف يدعمه طالما كان هذا الحليف يقابل دعمه بالولاء، و"بن سلمان" هو نوع الحليف هذا بامتياز.

ونتذكر هنا أن أول رحلة خارجية لـ"ترامب" كرئيس كانت إلى المملكة العربية السعودية، وهو خيار غريب لرئيس يُعتقد على نطاق واسع أنه يكره المسلمين ولا يثق بهم.

لكن حبّه لـ"بن سلمان" يمثل قصة رومانسية جديدة، فهما يتنزهان معا، وبينهما أشياء لا تنتهي، من صفقات الأسلحة والنفط إلى الوعود بالدفاع المتبادل.

ويجب أن تتم قراءة أن هذه العلاقة ليست نتاجا للتعاون الطبيعي بين الدول، بل كممارسة مبنية على تفسيرات مختلفة تماما.

وتعد كل العلاقات الرومانسية لـ"ترامب" من هذا القبيل، وهذا هو السبب في أن مؤيديه يحبونه، فهو يدعمهم دون قيد أو شرط، سواء كانوا عنصريين أو قتلة أو مستبدين.

لكن دعونا ندقق في القضايا المتعلقة بالسعودية التي تتطلب المزيد من الوعي، وهي قابلة للقسمة إلى 3 أجزاء؛ عسكرية، واقتصادية، وقضية اغتيال الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي".

وبدأ "ترامب" بيانه المثير للجدل برسالة تحذير أن "العالم مكان خطير!" ووصف الحرب في اليمن بأنها حرب "بالوكالة"، حيث تتقاتل إيران، عدو أمريكا، ضد حليفتها السعودية في ميدان المعركة.

ويقول "ترامب" إن السعوديين أبقوا على النفوذ الإيراني تحت السيطرة عبر القتال في اليمن، لكن بيانه لا يقدم مزيدا من التفاصيل عن ذلك، فضلا عن تجاهله للدمار الذي لحق باليمن بما في ذلك تجويع الأطفال والمدنيين الآخرين، وهو ثمن يعتبره "ترامب" صفقة جيدة لتثبيط المصالح الإيرانية.

وتعود التشابكات الاقتصادية الأمريكية مع السعودية إلى عقود عديدة، وفي هذا المجال أيضا لا يبدو "ترامب" مخطئا تماما على الرغم من مبالغاته التي تتجاوز الصدق.

ويدعي "ترامب" أن السعوديين "وافقوا على إنفاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة"، وكان ذلك يعني بعبارة أخرى: "صداقتنا جيدة للغاية، فلا تراجعونا فيها مهما كانت سامة".

ولدى "ترامب" ميل للكذب حول حجم هذه الصفقات، وفي كل الأحوال يميل إلى الحديث عن هذه الصفقات كما لو كانت منحا، وليست ترتيبات متبادلة المنفعة من المفترض أن تزيد النفوذ الأمريكي على المملكة، بدلا من إجبارها للرضوخ لسياساتها. 

ثم، في النهاية، تأتي مسألة "خاشقجي"، وفي 2 أكتوبر/تشرين الثاني، قام فريق من السعوديين بقتل "خاشقجي"، في القنصلية السعودية في إسطنبول.

 وقد سربت وكالة الاستخبارات المركزية مؤخرا تقييمها الخاص، والذي ذكر أن "بن سلمان" قد أمر بنفسه بعملية "خاشقجي".

وقد أضاف هذا التسريب إلى الضغوط على "ترامب" في علاقته بالمملكة وولي عهدها، لكنه رد برسالة حب إلى القاتل.

ويقر تصريح "ترامب" بأن قتل "خاشقجي" كان "جريمة غير مقبولة ومروعة"، لكنه يستدرك قائلا إن "وكالات الاستخبارات تواصل تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولي العهد على علم بهذا الحدث المأساوي، ربما فعل وربما لم يفعل".

وتحول هذه الجملة الحكومة الأمريكية بشكل نهائي إلى شكل من أشكال تليفزيون الواقع، فمع وجود تقارير من وكالة الاستخبارات المركزية، عليك أن تقرر من هو المدان في هذه الجريمة.

العلاقة الرومانسية

وكان من الواضح منذ البداية أن موت معارض سعودي واحد لا يستحق أبدا إزعاج تلك الحالة الرومانسية التي تبدو مستمرة إلى الأبد بين "ترامب" والرياض.

وعلى الرغم من أن جريمة القتل لا يمكن الدفاع عنها، لكن العلاقة الغرامية هنا ليست كذلك، ويقترح "ترامب" أن التحالف مع المملكة ضد جميع أشكال الإسلاموية، يستحق التضحية بحياة معارض أو اثنين.

وهنا تظهر تلك الحقيقة الوحشية وراء علاقة الحب غير الأخلاقية هذه، وقد مر 14 عاما على فيلم "مايكل مور" الناجح "فهرنهايت 9/11"، وهي فترة كافية على ما يبدو لمحو ذاكرة أمريكا الجماعية، ودفعها أن تنسى أن السعودية ساهمت بـ15 من الخاطفين الـ19 في 11 سبتمبر/أيلول وأنها شوهت السياسة الأمريكية من خلال التأثير على عائلة "بوش".

أما بخصوص الإصلاحات التي يتبجح بها "بن سلمان" في المملكة، فيرافقها جانب مظلم للغاية.

وقد قمع ولي العهد بوحشية أي شخص لديه صلات بالإسلاميين، بما في ذلك "خاشقجي"، الذي لم يخف أبدا تعاطفه مع ما يمكن تسميته بـ"الإسلام الناعم".

ورغم أنه قام بتغييرات اقتصادية واجتماعية ملحوظة في الاتجاه النيوليبرالي، فإن تنفيذ هذه الإصلاحات اتخذ في بعض الأحيان شكلا مثيرا للاشمئزاز.

ويبدو أن "بن سلمان" قد سقط بنفس السرعة التي رفعته بها القوى الغربية، وقد ألمح إلى استعداده للبحث عن صداقة الصين أو روسيا، إذا لم تكن العلاقات بالولايات المتحدة كافية لمصالح المملكة.

ولكن مع غرام "ترامب" بالمملكة، يبدو أن ولي العهد الشاب لن يكون مضطرا للبحث عن حلفاء جدد في وقت قريب.

المصدر | غرايم وود| ذي أتلانتيك

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي دونالد ترامب محمد بن سلمان العلاقات السعودية الأمريكية

ترامب يواجه 6 دعاوى قضائية فور انتهاء ولايته