استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

خيارات تركيا الصعبة بين طهران والرياض

السبت 18 أبريل 2015 04:04 ص

تكشف الزيارة "الضرورة" التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران واستغرقت يوماً واحداً (الثلاثاء 6/4/2015) التقى خلالها الرئيس الإيراني حسن روحاني في مباحثات رسمية وزار خلالها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي القواعد الحاكمة لإدارة العلاقات بين البلدين في ظل ظروف إقليمية شديدة التعقيد وضعت تركيا بالأساس أمام خيارات صعبة محاطة بحوافز واغراءات، ومهددة بقيود وضغوط تعرقل فرص الاستفادة من تلك الحوافز والأغراءات.

هذه الزيارة التي كادت أن تلغى من جانب إيران بسبب التصريحات التي اعتبرتها إيران مسيئة وغير مقبولة أدلى بها الرئيس التركي في تعليقه على الموقف الإيراني الداعم للانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية من ناحية والنفوذ الإيراني الذي يزداد تغولاً في مناطق الأزمات بالمنطقة خاصة في العراق وسوريا، يمكن اعتبارها اختباراً لأطر العلاقات التقليدية التركية الإيرانية التي ظلت تتراوح بين التقارب والتباعد، بين التعاون والصراع، في وقت غيرت فيه تركيا من دورها التقليدي الوسطي أو "الموازن بين كل من الكيان الصهيوني وإيران وتنافسهما على موقع القوة الإقليمية المهيمنة، حيث بدأت تتطلع إلى أن تكون هي الأخرى منافساً على موقع الزعامة الإقليمية، خصوصاً في ظل حكم "حزب العدالة والتنمية" وزعامة أردوغان.

وبسبب هذا التطلع بدأت أنقرة تتصادم مع طهران في الملفات الساخنة وبالذات في الملفات العراقية والسورية والفلسطينية وجاء الملف اليمني ليضع أنقرة مجدداً في مواجهة مع طهران، وفي وقت بدأت فيه إيران تجني ثمار صمودها أمام ضغوط الغرب الأمريكي - الأوروبي بسبب برنامجها النووي وبدأت تتطلع للتمدد الإقليمي، ولكن هذا التطلع يختلف جذرياً عن تطلعاتها السابقة. ففي هذه المرة، وبعد التوقيع على الاتفاق الإطاري في لوزان، يبدو أن هذا التطلع لتوسيع نفوذها ولغرض زعامتها الإقليمية تحظى بضوء أخضر أمريكي إن لم تكن مدعومة أمريكياً في ظل رؤية استراتيجية أمريكية جديدة يمكن تسميتها ب "عقيدة أوباما" أو "مبدأ أوباما" الذي يحكم السياسة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط.

ظروف جديدة ومعقدة تحكم التوجه التركي نحو إيران، وهو توجه ستكون له حتماً انعكاساته المباشرة بين تركيا والدول العربية الخليجية في ظل تصاعد الصدام بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران لأسباب كثيرة أبرزها بالطبع الدعم الإيراني للانقلاب الحوثي في اليمن.

فتركيا تجد نفسها الآن في خيار صعب بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي في ظل كل ما هو جديد من تطورات أبرزها نجاح إيران في التوصل إلى اتفاق إطاري حول برنامجها النووي، والتوجه الاستراتيجي الجديد للرئيس الأمريكي أوباما في إقليم الشرق الأوسط وهي تطورات تدفع أنقرة نحو طهران، لكن هناك تطورات أخرى في الاتجاه المعاكس الذي فرضته حرب "عاصفة الحزم" والتقارب التركي مع الرياض الذي عبرت عنه زيارة الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد السعودي وزير الداخلية لأنقرة عشية زيارة الرئيس أردوغان لطهران.

فبعد سنوات طويلة من التفاوض الشاق اختطفت إيران انتصاراً مزدوجاً، فقد استطاعت أن تخرج باتفاق يحفظ لها برنامجها النووي بما فيه عدم توقف عمل أجهزة الطرد المركزي التي تقوم بتخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، وأن تحفظ كل منشآتها النووية دون أي إغلاق أو تدمير مقابل أن تقر بكل الشروط والمطالب الدولية التي تؤمن سلمية قدراتها النووية، كما استطاعت أن تحصل على موافقة المجتمع الدولي برفع كل العقوبات المفروضة عليها كما استطاعت الاحتفاظ بقدراتها العسكرية وعلى الأخص ترسانتها من الصواريخ البالستية، التي كانت "إسرائيل" وأطراف داعمة لها تطالب بإدخالها ضمن بنود التفاوض على البرنامج النووي الإيراني.

رغم كل هذه النجاحات وما سوف يترتب عليها، وبالذات ما سوف يترتب على رفع العقوبات الاقتصادية وخاصة العقوبات المفروضة على تصدير النفط وعلى البنوك الإيرانية، وما يعنيه ذلك من توفير قدرات هائلة للاقتصاد الإيراني وما يمثله ذلك من إغراءات لتركيا هي في أمس الحاجة إليها جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي الخاصة بأجندة لقائه المرتقب مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، ورؤيته لإدارة وحل الصراعات الإقليمية في المنطقة لتمثل حافزاً وإغراء إضافياً لتركيا لتتوجه نحو إيران حتى ولو كان ذلك على حساب علاقاتها مع دول الخليج.

ففي حواره مع الصحفي الأمريكي البارز توماس فريدمان يوم السبت (4/4/2015) ونشرته صحيفة "نيويورك تايمز" استبعد الرئيس أوباما أن تكون إيران مصدراً للتهديد بالنسبة لدول الخليج العربية.

أوباما كشف في حواره مع فريدمان أنه سوف يجري مع قادة دول مجلس التعاون حواراً في كامب ديفيد وصفه بأنه "سيكون حواراً صعباً" يتمحور حول الوصول إلى إجابات لأسئلة شديدة الأهمية من نوع "كيف يمكننا أن نبني قدراتكم الدفاعية ضد التهديدات الخارجية"؟

هذه هي "عقيدة أوباما" الجديدة النابعة من إدراك محورية نجاح التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، وإعادة دمجها كقوة فاعلة إقليمية في النظام العالمي، والنابعة من التهديدات الحقيقية التي تواجه الدول الخليجية، ما يعني أنه لم يعد يرى أن إيران تمثل مصدراً لتهديد أمن واستقرار دول الخليج والعالم العربي، وكان قد سبق له أنه أعفى "إسرائيل" كمصدر للتهديد، وبالطبع يصعب أن يصف تركيا بأنها مصدر للتهديد، ومن ثم فإن القوى الإقليمية الثلاث: "إسرائيل" وإيران وتركيا أخذت صك براءة من اتهامها بأنها مصدر تهديد للأمن والاستقرار الإقليمي.

أردوغان ذهب إلى طهران وهو مدرك وواع بهذا كله، لذا إذا كانت تركيا تتطلع في مرحلة ما بعد رفع العقوبات عن إيران، إلى الدخول في شراكة اقتصادية معها، وجعل أراضيها ممراً لعبور النفط والغاز من إيران إلى أوروبا، فضلاً عن تطلع الأتراك للحصول على امتيازات اقتصادية مع طهران نظراً لوقوفهم إلى جانبهم في مجال دعم حقها القانوني في امتلاك برنامج نووي سلمي ومجال تصدير النفط إضافة إلى الحوالات المالية خلال فترة العقوبات فإنها أيضاً لا تستطيع التفريط في علاقاتها الخليجية والعربية لذلك ستبقى طامحة لكسب الود الإيراني والخليجي والقيام بدور وسيط في الحل السياسي للأزمة اليمنية.

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية التركية العلاقات التركية الإيرانية أردوغان الاتفاق النووي عاصفة الحزم