قبل آل الشيخ.. العندليب جامل أميرا سعوديا بقصيدة لمخيمر

السبت 24 نوفمبر 2018 08:11 ص

بعدما أثار التواجد السعودي البارز في الحياة الفنية والاقتصادية بشكل كبير في مصر، مثل ارتباط "تركي آل الشيخ" بالمطربة المصرية "آمال ماهر"، وكلمات أشعاره التي جاءت في الأغنيات المصرية، كذلك قضية "آل الشيخ" مع النادي الأهلي، اتضح أن لهذا النوع من "المجاملات" امتداد حتى فترة الزمن الجميل.

وكان "عبدالحليم حافظ" مطربا كبيرا ولا غبار عليه، ويظل أبرز المطربين في تاريخ الفن المصري الرومانسي والوطني.

وانتشرت في الماضي أغنية "يا مالكا قلبي"، وهي واحدة من أشهر أغاني "عبدالحليم حافظ"، وأكثرها نجاحاً في فترة السبعينيات، لكن تكشفت لاحقا أنها ليست أصلية بشكل كامل لكاتبها.

وكان الشاعر المصري "أحمد مخيمر"، الذي يتم تدريس اسمه ضمن المناهج التعليمية في مصر، قد اطلع على موشحا أندلسيا قديم يبدأ بمطلع "يا مالكا قلبي"، وكان موجودا بالفعل من أيام الأندلس رغم بقائه مجهّلا، لكن من المحتمل أنه لشاعر قديم في غرناطة، وكان قد قاله لفتاة جميلة مغربية يحبها على شاطئ النهر الأوروبي دون أن يعرفه أحد.

وأُعجب الشاعر "أحمد مخيمر" بالموشح، فأخذ مطلعه وأضاف عليه عدة أبيات ووضعهم في قصيدة طويلة سمّاها "أهلي على الدرب"، وأخذ القصيدة كلها ووضعها في ديوان اسمه "الغابة المنسية" ونشره في فترة الخمسينيات.

بعدها جاء الملحن "محمد الموجي"، وكان يحب الموشحات للغاية، سمع القصيدة وأُعجب بها، فأخذ الكلمات ولحنها بطريقته هو، وأعطى الأغنية للمغنية "نجاح سلام" لتغنيها كاملة كما هي سنة 1963.

لكن رغم ذلك لم تنجح الأغنية وقتها وتوقف الناس عن سماعها.

وبحسب مقال على موقع "العربي بوست" فقد سجل "مخيمر" الموشح في جمعية المؤلفين والملحنين سنة 1965، وكان اتحاد الكُتاب على علم بهذا.

ووافق "عبدالحليم حافظ" على إقامة حفلة الربيع "شم النسيم" الخاصة به والتي كانت بعد هذه الأغنية بعشر سنين، عام 1973، ورغب في غناء موشح وشعر قديم بالتحديد، خصوصا أنه في هذا الوقت كان يتواجد أمير سعودي شاعر وكان يريد التعاون مع "عبدالحليم" ويفرض نفسه على الساحة الفنية.

وكان هذا الأمير هو "عبدالله الفيصل"، الذي عبّر في حديثه مع "الموجي" عن رغبته في المشاركة في عمل فني، فاسترجع "يا مالكا قلبي" التي لم تلق نجاحا  أو شهرة، فأشار على "عبدالحليم" وقتها أن يغنيها مرة ثانية.

وبحسب المقال، فقد سمع العندليب والأمير الأغنية ووافقا، لكن بشرط أن يغيروا مقاطع الأغنية ويكتبها الأمير "الفيصل"، والذي كتب فعلا أول مقطع فقط "قل لي إلى أين المسير" وتوقف بعدها ولم يستطع إكمال بقية المقاطع.

وجرى البحث عن "أحمد مخيمر" حتى يكمل باقي مقاطع الأغنية، لكنه طلب منهم أن يحذفوا الجزء الخاص بالأمير لضعفه ونشاذه وسط باقي مقاطع الأغنية، وهو ما رفضه العندليب مجاملة للأمير.

ووافق "مخيمر" عندما عاد لصديقه الشاعر "كامل أمين" وطلب نصيحته، فنصحه الشاعر بالإبقاء عليه طالما أنه مكتوب منذ البداية، وبالتالي كتب 4 مقاطع للعندليب وقدمها له، لكن الأخير وافق فقط على آخر مقطعين، وتدرب على غنائها لحفلة مقبلة.

وفي حفل عيد الربيع عام 1973، وبحضور "مخيمر" وعائلته، قدم العندليب الأغنية على أنها من كلمات الشاعر الأمير "عبدالله الفيصل"، تبع ذلك رواج إعلامي كبير للأمير وإقبال واسع على الأغنية.

ورفع "مخيمر" شكواه إلى اتحاد الكتاب، الذين تأكدوا من كلامه لما وجدوا الديوان المطبوع لديه في الاتحاد من 10 سنين ومعه قصيدته، ولم يكن هناك حل سوى رفع قضية على العندليب.

وبدأت القضية تأخذ دورتها في المحاكم وحاول العندليب حينها دفع أي تعويضات مالية لـ"مخيمر"، وهذا كله بتوصية من الأمير لـ"عبدالحليم حافظ"، إلا أن "مخيمر" رفض بشكل قاطع وطالب بحقه وكتابة اسمه على شرائط صوت الفن بدلا من اسم "الفيصل". 

وظهر العندليب حينها في لقاء تليفزيوني ليقول فيه إن الشعر الأندلسي موجود في كتاب الأغاني ولا يخص أحدا.

واستغرقت القضية عدة سنوات وكانت تطالب بسحب الشرائط من السوق واستبدال اسم الأمير بـ"أحمد مخيمر"، وتقدير تعويض مناسب عن هذه السرق.

 سنوات استغرقتها القضية ومات فيها أطراف النزاع كلهم، وتم الحكم فيها سنة 2001 وكان الحكم لصالح "أحمد مخيمر" وطلبت المحكمة بحصر الشرائط المباعة وتعويض ورثة الشاعر بمبلغ تقديري عن الشرائط والحفلات، وكان الأمر قد أوكل للجنة من الخبراء لحصر المبلغ حسب المبيعات.

ومن عام 2001 إلى 2018، لم تنته الشركة من حصر الشرائط التي تم بيعها من سنة 1973 إلى اليوم وكان الأمر مستحيلا، ولا حتى  تقدير حجم الساعات التي أُذيعت فيها الأغنية بالإذاعة والتليفزيون.

عام 2001 اتصل محامي الأمير بورثة "مخيمر"، وطلب منهم أن يحلوا الأمر بأنفسهم ويخبروهم برقم  التعويض المادي الذي يريدونه، فطلبوا 4 ملايين جنيه (222 ألف دولار)، فأغلق المحامي المكالمة ولم يتصل بهم مرة ثانية.

وإلى يومنا هذا، عندما تُذاع الأغنية في أي مكان يُكتب عليها اسم عليها الأمير "عبدالله الفيصل"، ومازالت القضية في المحكمة كل هذه السنين لم تنته.

يُذكر أن الأمير "عبدالله الفيصل" وهو شاعر، أجبر شخصيات كثيرة مثل "طه حسين" على كتابة مقال عن دوره في إثراء الشعر العربي في "روزاليوسف"، ولم يفعلها "طه حسين" أبدا مع أي أحد من قبل حتى لو كان مجرد مقال بالعامية.

وكان الأمير "الفيصل" أيضا أول رئيس شرفي للنادي الأهلي في عهد "صالح سليم" بسبب مساعداته للنادي آنذاك.

 

 

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد + عربي بوست

  كلمات مفتاحية

مصر السعودية فن غناء أغنية كلمات سرقة أمير سعودي عبدالحليم حافظ