عمر بن عبدالعزيز: أسكتوا خاشقجي فانفتح المجال لألف صوت

السبت 24 نوفمبر 2018 10:11 ص

 بالنسبة لـ"عمر بن عبدالعزيز"، المعارض السعودي البالغ من العمر (27 عاما)، والمقيم فى المنفى فى كندا، كان الصحفي المقتول "جمال خاشقجي"، أكثر من كاتب عمود بارز، وشخص محنك، يعرف بواطن وظواهر الديوان الملكي السعودي، فقد كان بمثابة معلم، ووالد.

فـ"عمر" -  الذي ينتقد القيادة السعودية وولي العهد "محمد بن سلمان"، خلال مقاطع الفيديو التي يبثها على الإنترنت، وتحظى بمتابعة ضخمة - لايستطيع أن يري والديه اللذين لا يزال يعيشا فى المملكة، تماما كما أجبر "خاشقجي" على العيش فى الخارج بدون أولاده .

لذلك عندما علم "عبدالعزيز" بمصير الصحفي – الذي قتل بوحشية داخل القنصلية السعودية بإسطنبول – إنهار ، لكنه الآن يأخذ العزاء فيما حققه "خاشقجي" بموته.

وقال "عمر": "أراد الحمقي إسكات صوته.. لكنهم أفسحوا المجال لألف صوت آخر".

لقد مر الآن ما يقرب من شهرين منذ مقتل "خاشقجي"، كاتب العمود فى صحيفة "واشنطن بوست"، داخل القنصلية، ويقول الإدعاء العام التركي أنه تعرض لهجوم فور دخوله مبني القنصلية، وتم خنقه، وتقطيع أوصاله ثم إتلاف جثته.

ولم يتم العثور على الجثة حتى الآن، لكن مسؤولون أتراك، حددوا أن أكثر من عشرة سعوديين سافروا إلى اسطنبول، ويزعم أنهم شاركوا فى عملية اغتيال "خاشقجي" مع سبق الإصرار والترصد.

وقد اعترف مسؤولون سعوديون بقتل "خاشقجي"، وقالوا إنهم طلبوا توقيع عقوبة الاعدام بحق خمس من المتهمين فى القضية، لكنهم يصرون أن المنفذين لعملية القتل هم مجموعة مارقة تجاوزوت التعليمات بإعادة المعارض السعودي "خاشقجي" إلى المملكة.

وفى حين أن بعض المشتبه بهم، ومسؤولين فى الاستخبارات السعودية - الذين تم فصلهم من علمهم بسبب العملية - هم من المقربين من ولي العهد السعودي، لكن المسؤولين السعوديين يصرون أنه ليس لديه علم بالعملية.

لكن وكالة الاستخبارت المركزية، تعتقد أن الأمر بخلاف ذلك، فقد خلصت إلى أن ولي العهد أصد أمر بتصفية "خاشقجي".

وأثارت جريمة القتل غضبا عالميا، وألحقت أضرار بسمعة الزعيم السعودي الشاب، الذي سبق ووصف نفسه بأنه مصلح يتوق لتحديث المجتمع السعودي، لكنه قام بقمع النشطاء والمعارضين فى الداخل، فيما كانت عملية قتل "خاشقجي" مزعجة بشكل خاص لـ"عبد العزيز"، لأنه إلى جانب حزنه الشخصي، كانت لديه مخاوف متوازية على حياته الخاصة.

وفى شهر مايو/أيار من هذا العام، التقي اثنين من المسؤولين السعوديين مع "عبدالعزيز" فى مونتريال، وأحضروا معهم شقيقه من السعودية، وحثوه على العمل مع السلطات، وفى الأحاديث التي سجلها "عبدالعزيز"، دعا المسؤولين السعوديين "عبدالعزيز" لتجديد جواز سفره بالقنصلية السعودية، وعندما عاد واستمع لما للمحادثات مرة أخري بعد مقتل "خاشقجي" صعق.

ورفض "عبد العزيز" العرض السعودي، ولكن بعد شهر تم اختراق هاتفه، وتم اعتراض محادثاته مع "خاشقجي"، حيث كان كلا المنشقين السعوديين، مهتمان بمشروع "جيش النحل" لتجنيد متطوعين لمواجهة المعلومات المضللة والدعايات التي تقوم بها الدولة السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم تأكيد القرصنة من قبل  معمل "سيتزن لاب" بجامعة تورنتو الكندية .

وفى الوقت الحالي، يقيم "عبدالعزيز" ونشطاء آخرون الحداد على وفاة "خاشقجي"، لكنه يقول إنهم لايشعرون بالخوف، فقد أعاد مقتل "خاشقجي" تركيز الانتباه على انتهاكات حقوق الانسان فى المملكة والحرب الكارثية فى اليمن، وعدم التسامح إزاء أي شكل من المعارضة.

ويرى الناشط السعودي أنه "اليوم فى المملكة، إذا لم تكن بوقا للحكومة سيتم اعتقالك، فلم يعد الصمت كافيا"، وهو يشعر بقلق خاص بشان المعتقلين فى الداخل، بما ذلك شقيقة والعديد من اصدقائه الذين يتعرضون للسجن بس علاقتهم به.

ويتساءل: "إذا كانوا فعلوا ذلك مع خاشقجي، فكيف سيتعاملون مع الآخرين؟".

وتقدم "عبدالعزيز" بطلب لجوء عام 2014، عندما ألغيت منحته الدراسية بعد أن انتقد الحكومة السعودية، وفى البداية انتقد أيضا "خاشقجي" لرفضه دعوة المعارضين السعوديين إلى محطة تليفزيون أطلقها عام 2015.

لكن "عبدالعزيز" كان من أوائل النشطاء الذي دعموا "خاشقجي" عندما غادر المملكة ليعيش فى المنفي عام 2017، وبدأوا بالعمل معا فى عدة مبادرات مختلفة.

واعترف "عبدالعزيز" بقدرات "خاشقجي"، كشخصية تستمع إليه الأغلبية الصامتة، فالصحفي السعودي لم يشر إلي نفسه كمعارض، ولم يكن يرغب فى الاطاحة بالنظام الملكي، بل سعي إلي إيجاد أرضية وسطية معتدلة بين الموالاة والمعارضة.

ويقول "عبدالعزيز" إن محاولات "خاشقجي" لإنشاء مؤسسات والقيام بعمل المجتمع المدني فى الخارج؛ أثار المزيد من المخاوف لدي الحكومة السعودية.

"نعم، كانت أعمدة واشنطن بوست مخيفة، إنها بمثابة أن يقوم محمد بن سلمان بالكتابة على السبورة، فيمحو ذلك جمال خاشقي فى الليل بعمود واحد" ، وفقا لـ"عبدالعزيز".

وتابع: "أدركت الحكومة أن  هذا الرجل يحول العمل فى الخارج إلى عمل مؤسسي، وهذا ماكان مفقودا لدى المعارضة السعودية، التي لم يكن لديها مجتمع مدني".

ويقول "عبدالعزيز" إن الرواية المتغيرة عما حدث لـ"خاشقجي" أضرت بمصداقية السعودية، مما دفع المزيد من الناس للبحث عن أصوات أخرى.

وأردف: "اليوم النشطاء السعوديون أقوي من السابق، وأصواتهم مسموعة.. وأعتقد أن الغالبية الصامتة تؤمن بما نقوله وتعتقد أن النظام كاذب.. لقد سقط القناع وظهرت الصور القبيحة، والدموية، والاستبدادية والجبانة".

  كلمات مفتاحية

السعودية مقتل خاشقجي محمد بن سلمان معارضين عمر بن عبدالعزيز عمل مؤسسي للمعارضة

فانيتي فير: لا أحد آمن.. كيف تواري السعودية معارضيها؟

كندا تحذر المعارض السعودي عمر عبدالعزيز من خطر يهدد حياته

المعارض السعودي عمر عبدالعزيز يروي تفاصيل عن محاولة اختطافه بكندا