درعا تعيش أجواء الثورة الأولى.. ونظام الأسد يسعى للسيطرة

الأحد 25 نوفمبر 2018 10:11 ص

لافتات مناهضة للنظام السوري ورئيسه "بشار الأسد"، وتدشين تكتل لـ"المقاومة الشعبية" وتنفيذ عمليات عسكرية، وحملات أمنية مكثفة ومصادرة أملاك واعتقالات بالجملة.. أجواء تعيشها مدينة درعا (جنوبي البلاد)، تعيد إلى الأذهان مشاهد الثورة الأولى، التي اشتعلت شرارتها في المدينة قبل سبع سنوات.

ورغم تمكن قوات النظام بمساعدة روسية مكثفة، من السيطرة على كامل محافظة درعا في يوليو/تموز الماضي، سواء بالوسائل العسكرية كما حصل في شرقي المحافظة، أم عبر التسويات والمصالحات في بقية المناطق، والتي خرج بموجبها المقاتلون غير الراغبين في البقاء ضمن سيطرة "الأسد"، فإن النظام لا يشعر حتى الآن بأنه قد أحكم قبضته على المحافظة، على النحو الذي كان له قبل اندلاع الثورة.

هذا الشعور، يعود إلى السيطرة غير مكتملة على المحافظة، التي تنتشر بها عناصر الشرطة العسكرية الروسية الضامنة للاتفاقات، في ظل عدم قدرة أجهزة النظام الأمنية والعسكرية على دخول العديد من المناطق، وإن كانت تتحكم بالحواجز والطرق بين القرى والبلدات، وبالطريق الدولي باتجاه دمشق.

رغبة السيطرة

وأمام ذلك، تتصاعد بين الحين والآخر، رغبة للنظام في السيطرة وتقابلها رغبة من أهالي المدينة السنية، في التحرر من القبضة النظامية.

ويقوم على إثر ذلك، النظام بجولات وزيارات مكثفة، كان آخرها لمفتي النظام "أحمد حسون"، الذي زار مدينة إنخل بريف درعا، ضمن احتفالية كان شعارها "صالحنا بالأمس.. ونسامح اليوم.. وسنبني غدا"، حسبما ذكرت صحيفة "العربي الجديد".

 وسبق "حسون" إلى المحافظة، رئيس فرع المخابرات الجوية التابع للنظام "جميل الحسن"، مع عدد من ضباطه، والذي قالت وسائل إعلام مقرّبة من النظام إنه "استمع إلى مطالب الأهالي التي شملت 13 مطلبا، أبرزها الكشف عن مصير المفقودين في سجون النظام، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين".

إلا أن "الحسن"، وبحسب مصادر محلية، دعا الأهالي في درعا إلى أن "ينسوا المطالبة بأبنائهم الذين تم اعتقالهم قبل عام 2014"، في إشارة إلى موت العديد منهم في سجون النظام، الأمر الذي سبب توترا بين المجتمعين.

كما أصدر النظام السوري، خلال الأسابيع الماضية، قرارات بالحجز على ممتلكات أعضاء سابقين في منظمات المجتمع المدني أو الحكومة السورية المؤقتة في درعا.

وقالت مصادر محلية، إن قرار الحجز جاء بذريعة "ثبوت التورط بالأعمال الإرهابية السائدة في القُطر"، مرجحة أنه صادر عن "محكمة الإرهاب".

وبحسب المصادر، فإن الذين شملهم القرار لم يبلغوا بشكل رسمي به، لكنهم علموا به عند مراجعتهم "دائرة السجل العقاري" التابعة للنظام.

وترافقت هذه التحركات من جانب مسؤولي النظام، مع حركة اعتقالات نشطة وشبه يومية لأبناء المحافظة من جانب قوات النظام وأجهزته الأمنية المختلفة.

وطالت الاعتقالات شخصيات عملت سابقا في فصائل المعارضة العسكرية والمدنية، رغم دخولها في اتفاق التسوية.

وتركزت عمليات الاعتقال على شخصيات عملت سابقا في "الجيش الحر" ومؤسسات المعارضة، حيث بلغ عدد القادة الذين اعتقلهم النظام حتى اليوم أكثر من 20 قياديا.

كما شهد الأسبوع الماضي، اعتقال عشرات الشبان في درعا وريفها بهدف التجنيد الإجباري، في وقت نشر فيه النظام قائمة بأسماء آلاف المطلوبين على الفروع والحواجز الأمنية المنتشرة في المحافظة.

وحسب الناشط "مهند العبدالله"، الذي تحدث لصحيفة "الشرق الأوسط"، فإن قوات النظام السوري، اعتقلت أيضا خلال الأسبوع الماضي، ما يقارب 8 أشخاص من مدينة الحارة بريف درعا الغربي، معظمهم من عناصر المعارضة سابقا، حاولوا الخروج من درعا باتجاه مناطق الشمال السوري، بعد قرب انتهاء مدة التسوية الممنوحة لهم.

تحرر

وتلا هذه الزيارات والاعتقالات، خروج تظاهرات مناهضة للنظام السوري، ومنددة بالانتهاكات التي يتعرض لها أهالي درعا، تعد هي الأولى منذ سيطرة النظام على المدينة.

كما شهدت مدينة الحراك بريف درعا الشرقي، اعتصاما أمام مخفر المدينة التابع للحكومة على خلفية اعتقال أحد أبناء المدينة، مطالبين بإطلاق سراح الشاب الذي قام بضرب عنصر للنظام على أحد حواجز المدينة، ومصادرة سلاحه، بعد مشادة كلامية بين عنصر النظام والشاب، ليتمَّ اعتقاله بعدها من قبل باقي عناصر الحاجز، ونقله إلى خارج المدينة، من دون معرفة مصيره.

وبالتزامن، استفاقت عدد من قرى وبلدات درعا جنوب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية على شعارات مناهضة للنظام السوري، إذ انتشرت كتابات على جدران بعض الأبنية والمحال التجارية والمدارس، وكان من هذه الشعارات "يسقط بشار"، و"الثورة مستمرة"، و"الموت ولا المذلّة".

مقاومة شعبية

في غضون ذلك، أعلن منذ أيام، عن تشكيل "المقاومة الشعبية في جنوب سوريا"، وسط تردد أنباء عن عمليات ضد قوات النظام السوري نفّذتها في درعا.

وفي بيان صادر عن "المقاومة الشعبية"، الخميس الماضي، تعهدت بـ"الثأر للشهداء ومقاومة نظام الأسد حتى إسقاطه".

وجاء في البيان: "لن ننسى كم قدمنا من شهداء وجرحى ومعتقلين بهدف إسقاط النظام المجرم التسلطي واللاشرعي، من أجل تمكين شعبنا السوري بمكوناته المختلفة من بناء دولته المدنية الديمقراطية، وتحقيق تطلعاته في الحرية والمساواة والكرامة واحترام حقوق الإنسان".

وأضاف البيان أنه "كلنا نعلم أنه وفي سبيل القضاء على هذا النظام المجرم لا بد من القضاء على أذنابه في المنطقة، فلن نكرر خطأ الفصائل السابقة في هذا الشأن".

ونفذت "المقاومة الشعبية"، عمليات عسكرية، تسببت في مقتل ثلاثة عناصر وجرح آخرين من قوات النظام في ريف المحافظة الشرقي.

وتشكل هذه الظاهرة توترا للنظام خشية اتساعها لتشمل مناطق جديدة، خصوصا في ظل انتشار السلاح الخفيف بأيدي آلاف المقاتلين السابقين، ممّن نصّت اتفاقات المصالحة قبل أربعة أشهر على احتفاظهم به طيلة الأشهر الستة التالية.

ناشطون من درعا، أثارتهم الريبة حول حقيقة "المقاومة الشعبية"، ومن يقف وراءها، معربين عن تخوفهم أن تكون "شماعة لاستدراج من تبقى أبناء الجنوب، ويحمل فكر التسلح ضد قوات النظام بهدف القضاء على هذه الفئة إذا وُجِدت".

في المقابل، قال مراقبون، إن المرحلة الأخيرة التي مرت على جنوب سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا مع بقاء أعداد كبيرة من عناصر وقادة المعارضة سابقا في الجنوب، ورفضهم للتهجير إلى شمال سوريا، وعودة الشعارات المناهضة للنظام السوري في الجنوب، مع استمرار خروقات قوات النظام واعتقال العشرات من أبناء المنطقة، رغم اتفاق التسوية والمصالحات.

وأضافوا أن كل هذا قد يدفع الشباب في المنطقة إلى الرد على خروقات النظام، لافتين إلى أن المنطقة تحوي خزانا بشريا قد ينفجر في أي لحظة إذا ما استمرت الخروقات، على حد تعبيرهم.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا درعا جوب سوريا النظام بشار الأسد. ثورة مقاومة شعبية

نظام الأسد يواجه صعوبة في بسط سيطرته على مهد الثورة