شرق أوسط بلا أولوية فلسطينية.. حلم نتنياهو تحول لحقيقة

الاثنين 26 نوفمبر 2018 11:11 ص

اعتبر الكاتب الإسرائيلي "أنشيل فيفر" خلال مؤتمر حوارات المتوسط، الذي افتتح أعماله الخميس الماضي، أن رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لشرق أوسط بلا أولوية فلسطينية تحولت إلى حقيقة.

وفي تحليل نشره بصحيفة "هآرتس" العبرية، استدل "فيفر" على استنتاجه بكلمات المتحدثين عن الدول العربية والإسلامية بالمؤتمر، مشيرا إلى أن أيا منهم لم يكن مهتما بالفلسطينيين وقضيتهم.

وفي هذا السياق، ذكر الكاتب الإسرائيلي أن وزير خارجية قطر "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" وضع الحصار السعودي لبلاده على رأس قائمة كلمته، التي تضمنت فقط: الحروب الدامية في اليمن وسوريا والفوضى في ليبيا والاضطرابات السياسية في لبنان.

وأشار التحليل إلى أن كلمة "آل ثاني" لم تتضمن ذكرا للقضية الفلسطينية رغم انخراط الدوحة فيها بعمق، وتحديدا عبر استثمارها 15 مليون دولار تدفعها لقطاع غزة شهريا.

دمار المنطقة

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية "أحمد أبو الغيط" فذكر، في حديثه عن أسباب دمار المنطقة، الحرب العراقية الإيرانية واحتلال العراق للكويت عام 1990، وأحداث 11 سبتمبر/أيلول والغزو الأمريكي للعراق، و"ما يسمى الربيع العربي الذي تسبب في تدمير العالم العربي"، على حد تعبيره.

وفي بداية كلمته، لم يذكر "أبو الغيط" فلسطين، مكتفيا بالقول إن القضية الفلسطينية لا تزال واحدة من مشكلتين تطاردان المنطقة، مع التعدي الإيراني على الدول العربية، مشيرا إلى أنه "بدون تسوية لهذه القضية سيستمر الاضطراب (في المنطقة)".

وبدت هذه الإشارة الهامشية أقرب إلى التملق والمداهنة بعد الاستماع لكلمات الممثلين الآخرين من الدول الأعضاء في الجامعة العربية، الذين تجاهلوا أو قللوا من شأن القضية الفلسطينية، بحسب الكاتب الإسرائيلي.

بل إن الرغبة المعلنة في التطبيع مع (إسرائيل) بدت أكثر وضوحا في المؤتمر، وهو ما أظهره وزير خارجية عُمان "يوسف بن علوي" بوضوح تام عندما دعا العالم العربي إلى "التصالح مع واقع أن (إسرائيل) حقيقة واقعة بالمنطقة"، وبالتالي ينبغي مشاركتها "الحقوق والواجبات".

أمر واقع

وبدت درجة عدم اعتبار فلسطين كقضية مركزية واضحة حتى في ظهور وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، الذي ركز انتقاداته على السعوديين والولايات المتحدة، وهو ما علق عليه "فيفر" بقوله: "حتى (ظريف) بدا أنه يدرك أن هذا (المؤتمر) ليس مكانا لتقريع (إسرائيل)".

وفي ذات السياق، نقل المحلل الإسرائيلي عن محرر بإحدى الهيئات الإخبارية العربية أنه لم يعد لديه القدرة على التعامل مع هذه القضية (الفلسطينية)، قائلا: "إنها (القضية) مستمرة منذ ولادتي، لا يوجد تقدم بها، ولا يوجد شيء يمكننا القيام به حيالها، (إسرائيل) أمر واقع، إنها الحقيقة".

وقال أحد الناشطين اللبنانيين الداعمين للديمقراطية في المؤتمر: "إن السبب الوحيد الآن لعدم التحدث علنا مع الإسرائيليين هو وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفا: "إنه هراء، صورة سيلفي مع إسرائيلي على إنستغرام لا يزال بإمكانها أن تجعلك في ورطة، لكن الجميع يعلم أن هذه ليست سوى مرحلة أخرى نحو التطبيع".

ورغم أن منظمي المؤتمر السنوي، الذي تستضيفه وزارة الخارجية الإيطالية، والمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) بشكل مشترك، خصصوا بضع جلسات للقضية الفلسطينية، إلا أن جوا من اليأس بدا سائدا في مشاركاتهم.

وعد التطبيع

فقد جاءت كلمة الوزير بالسلطة الوطنية الفلسطينية "رياض المالكي" بمثابة توبيخ طويل للمجتمع الدولي والدول العربية بسبب التخلي عن الفلسطينيين، وهو ما لخصه بحديثه للحضور: "إن القضية الفلسطينية ستظل تطرق على باب كل منكم".

وبينما وعد "المالكي" بأن الدول العربية لن تطبع مع (إسرائيل) طالما لم تكن هناك نهاية لاحتلال الأراضي الفلسطينية، أكد المحلل الإسرائيلي أن الفرصة كانت أكبر لسماع مشاركين يتحدثون عن التعاون المحتمل مع (إسرائيل) بشأن الطاقة وتحلية المياه.

كان واحد من هؤلاء أحد كبار الدبلوماسيين في الشرق الأوسط، الذي قال وهو يستمع إلى "المالكي": "الحقيقة الأساسية هي أن العالم لم يعد يزعج (إسرائيل) بشأن الفلسطينيين.. إنه تغيير كامل للنموذج".

وأكدت مقابلة رئيس الكنيست الإسرائيلي "يولي إلدشتاين" هذه الحقيقة، إذ احتوت على سؤال واحد متعلق بالقضية الفلسطينية بشكل عرضي، حول توقعاته لخطة سلام الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، فيما دار بقية الحديث حول التهديد الإيراني وكيفية مساعدة التكنولوجيا الإسرائيلية للمنطقة.

وفي جلسة جانبية صغيرة، خصصت لمستقبل غزة، بدا المتحدثون أكثر تركيزا على الحاجة إلى التقارب بين "حماس" و"فتح" كطريقة لحل أزمات القطاع المتعددة، بدلاً من الضغط على (إسرائيل) في هذا الشأن.

وعن هذه الحالة، ينقل المحلل الإسرائيلي عن خبير أوروبي بارز في شؤون الشرق الأوسط، أمضى عقوداً في الكتابة عن (إسرائيل) والفلسطينيين، قوله: "من الصعب بالنسبة لي الآن إقناع المحررين ومديري المؤسسات الفكرية بالحاجة إلى كتابة أوراق عن إسرائيل وفلسطين. وبصراحة تامة، لست متأكدا من أنني أستطيع ذلك".

يبدو أن حلم "نتنياهو" بإخراج الفلسطينيين من جدول أعمال الفعاليات الدولية أصبح حقيقة إذن، حسبما لاحظ دبلوماسي إسرائيلي سابق، شارك في المؤتمر، لكنه استدرك قائلا: "احترس فيما يخص أمنياتك فالفلسطينيون لن يرحلوا وستعود هذه القضية ليلاحقونا بالانتقام".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نتنياهو فلسطين إسرائيل أحمد أبو الغيط محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قطر إيران الربيع العربي القضية الفلسطينية