ثلاثية تأملها دول أفريقية من إسرائيل وأخرى يريدها نتنياهو

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 03:11 ص

تأمل دول أفريقية أن تسهم علاقاتها مع (إسرائيل) في الحصول على المعرفة الأمنية والتكنولوجية والزراعية الإسرائيلية المتقدمة.

وتريد (إسرائيل) منها ثلاثة أمور، هي: توسيع رقعة علاقاتها الدبلوماسية مع هذه الدول، وفتح أسواق جديدة للشركات الإسرائيلية، وكسر تأييد تلك الدول لفلسطين في مؤسسات الأمم المتحدة.

ببطء تتقدم دول أفريقية تجاه (إسرائيل)، التي تأمل في انطلاقة كبرى مع تلك الدول، لكن القضية الفلسطينية تقف أمام مثل هذه العلاقات بالمرصاد، في ظل احتلال إسرائيلي متواصل.

أولوية لـ"نتنياهو"

قال "أوفير جندلمان"، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن "توسيع رقعة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية يحظى باهتمام كبير، بل بأولوية كبيرة بالنسبة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يبذل جهودا حثيثة لتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الدول الأفريقية، وخاصة مع الدول التي قطعت علاقاتها مع (إسرائيل) في السبعينيات (من القرن الماضي)".

على نحو مفاجئ، وصل رئيس تشاد "إدريس ديبي" إلى (إسرائيل)، الأحد، في زيارة لم تعلن سابقا، رغم أن العلاقات بين البلدين مجمدة منذ السبعينيات، ولم يُعلن استئنافها رسميا.

وعلق "جندلمان" قائلا: "بكل تأكيد، تعتبر زيارة الرئيس التشادي التاريخية إلى (إسرائيل) إنجازا كبيرا آخر حققته سياسة رئيس الوزراء نتنياهو حيال أفريقيا".

وقبل عامين، أطلق "نتنياهو" جهدا سياسيا واسعا في محاولة للتقارب مع دول أفريقيا، تحت شعار: "(إسرائيل) تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى (إسرائيل)".

ومن أجل هذا الهدف، بحثت تل أبيب عن احتياجات يمكن أن توفرها لدول القارة السمراء.

وأوضح "جندلمان" أن "الدول الأفريقية معنية بالخبرات الإسرائيلية في المجالات التي تهمها، وهي مكافحة الإرهاب (المعرفة الأمنية)، وتكنولوجيا الزراعة والري".

ومقابل توفير هذه الاحتياجات، أضاف "جندلمان" أن "إسرائيل معنية بتوسيع رقعة علاقاتها الدبلوماسية مع دول هذه القارة الهامة، وبإيجاد أسواق جديدة للشركات الإسرائيلية".

وتابع أن "التقارب يعود إلى قرار الدول الأفريقية بأن إسرائيل مهمة لها ولمستقبل شعوبها، بفضل خبراتها الثمينة والمتنوعة في الكثير من المجالات".

لكن هذه ليست كل أهداف (إسرائيل)، ففي أكثر من مناسبة قال "نتنياهو" إنه يأمل من العلاقات الإسرائيلية الأفريقية كسر ما سماه "التأييد التلقائي الإفريقي" للفلسطينيين في المؤسسات الأممية.

وتحظى مشاريع القرارات التي يقدمها الفلسطينيون أو دول داعمة لهم إلى مؤسسات الأمم المتحدة بتأييد واسع النطاق من جانب الدول الأفريقية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الأحد، عن مصادر سياسية إسرائيلية (لم تكشف عن هويتها) إن "طواقم إسرائيلية تعمل على بناء علاقات مع السودان".

وأوضحت أن (تل أبيب) تأمل "تحقيق أهداف، بينها تقليص مسافة الرحلات الجوية بين إسرائيل والقارة الأمريكية الجنوبية، وهو ما يلزمه استخدام المجال الجوي لكل من السودان وتشاد".

ونافيا ما نقلته الإذاعة الإسرائيلية، قال القيادي بحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان، "عبدالسخي" عباس"، إن نتنياهو "لا يمكنه زيارة السودان، ولا حديث لهذه الزيارة في الأوساط الرسمية السودانية".

وزار "نتنياهو" في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 كينيا؛ حيث عقد سلسلة لقاءات مع عدد من رؤساء الدول الأفريقية.

وقبلها زار ليبيريا في يونيو/حزيران 2017؛ حيث شارك في لقاء للمنظمة الاقتصادية المشتركة لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

وفي يوليو/تموز 2016، زار "نتنياهو" أوغندا؛ حيث التقى رؤساء كل من أوغندا وكينيا وجنوب السودان وزامبيا ورواندا، ورئيسي وزراء إثيوبيا وتنزانيا.

وفي الشهر ذاته، تم إعلان استئناف علاقات (إسرائيل) مع غينيا بعد قطيعة استمرت 49 عاما.

ولدى استقباله رئيس تشاد، الأحد، قال "نتنياهو": "زرت أفريقيا 3 مرات خلال العامين الماضيين في الجزء الغربي من القارة الأفريقية والشرقي منها، وإليكم تلميحا واضحا، إنني أتمنى زيارة أفريقيا الوسطى أيضا".

غير أن مسيرة "نتنياهو" في أفريقيا واجهتها عقبات؛ إذ نجح الفلسطينيون في منع قمة إسرائيلية أفريقية كانت مقررة في لومي عاصمة توغو بين يومي 23 و27 من أكتوبر/تشرين الأول 2017.

البداية مع "ليبرمان"

وعن ذلك، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، "بنحاس عنبري"، إن "أفيغدور ليبرمان، حين كان وزيرا للخارجية الإسرائيلية، هو أول من بادر بالتقارب مع أفريقيا بعد أن واجه صعوبات في قبوله لدى الدول الأوروبية".

وتولى "ليبرمان" حقيبة الخارجية لفترتين: الأولى بين عامي 2009 و2013، والثانية بين 2013 و2015.

وأضاف "عنبري" أن "إسرائيل أهملت أفريقيا لسنوات طويلة، وركزت على العلاقات مع الدول الأوروبية، وبالتأكيد مع الولايات المتحدة".

وتابع: "لكن عندما أيدت أوروبا بشكل واضح قيام دولة فلسطينية، وعارضت بشكل علني سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، اتخذت إسرائيل قرارا استراتيجيا بالعودة إلى أفريقيا".

واستطرد: "عودة إسرائيل إلى أفريقيا حملت في طياتها خيبة أمل إسرائيلية من أوروبا التي مالت إلى الفلسطينيين، وفرضت عقوبات على استيراد بضائع المستوطنات، ولم تتخذ موقفا واضحا من جماعات مقاطعة إسرائيل".

وتمسكت دول الاتحاد الأوروبي الـ28 دولة، في السنوات الأخيرة، بحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وعارضت الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما عارضت تلك الدول قرار الولايات المتحدة اعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، ورفضت نقل سفاراتها إلى القدس، على عكس ما فعلته واشنطن في 14 مايو/أيار الماضي.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال (إسرائيل) للمدينة منذ عام 1967.

ورأى "عنبري" أن "المعرفة الإسرائيلية تفيد إسرائيل في مسعاها لإعادة أو إقامة علاقات مع دول أفريقية".

وأردف أن "التكنولوجية الزراعية المتوافرة لدى (إسرائيل) ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى العديد من الدول الأفريقية، وهي بحاجة إليها".

واستطرد: "تشاد مثلا استفادت كثيرا من التكنولوجيا الإسرائيلية في مجال الزراعة، وهو ما فتح الباب أمام التقارب بين إسرائيل وتشاد".

فشل رغم اختراقات

غانا هي أول دولة أفريقية تعترف رسميا بـ(إسرائيل)، عام 1956، حسب وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني.

وبحلول أوائل السبعينيات، وفقا للوزارة، كانت (إسرائيل) تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع 33 دولة أفريقية.

لكن بعيد حرب 1973 بين (إسرائيل) وكل من مصر وسوريا، وما تلتها من أزمة نفطية عالمية، قطعت معظم الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها بـ(إسرائيل).

وأرجعت الخارجية الإسرائيلية هذه الخطوة الأفريقية إلى وعود قطعتها عليها الدول العربية بتزويدها بالنفط الرخيص والدعم المالي، والانقياد لقرار منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) التي كانت مصر وراء اتخاذه، والذي دعا إلى قطع العلاقات مع (إسرائيل).

وأبقت ملاوي وليسوتو وسوازيلاند فقط على علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع (إسرائيل)، في حين حافظت دول أفريقية أخرى على اتصالاتها بـ(إسرائيل) من خلال مكاتب تمثيل لها ضمن سفارات أجنبية.

وفي الثمانينيات، بدأت العلاقات الدبلوماسية مع دول جنوب الصحراء الأفريقية تُستأنف تدريجيا، مكتسبة بعض الزخم مع تقدم مفاوضات السلام بين (إسرائيل) ودول عربية.

وبحلول أواخر التسعينيات كانت العلاقات الرسمية قد استؤنفت مع 39 دولة جنوب الصحراء الكبرى.

وتمتلك (إسرائيل) سفارات في 10 دول أفريقية من أصل 54، هي السنغال، ومصر، وأنغولا، وغانا، وكوت ديفوار، وإثيوبيا، وجنوب إفريقيا، ونيجيريا، وكينيا، والكاميرون.

وثمة العديد من السفراء الإسرائيليين غير المقيمين في دول أفريقية.

وتتضمن العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، حسب الخارجية الإسرائيلية، أنشطة عديدة منها: الروابط الاقتصادية والتجارية والثقافية والأكاديمية والتكنولوجية، إضافة إلى مشاريع زراعية مشتركة، ومساعدات طبية، وبرامج التكوين المهني، ومساعدات إنسانية في أوقات الحاجة.

غير أن غياب الأفق السياسي لحل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال يحول دون انطلاقة في العلاقة الإسرائيلية الأفريقية.

ومفاوضات السلام بين فلسطين و(إسرائيل) متوقفة منذ أبريل/نيسان 2014، جراء رفض (إسرائيل) وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين.

وقال "عنبري" إن "إسرائيل تريد على الأقل تحييد الأفارقة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووقف دعمهم السياسي للفلسطينيين، وهو ما لم تنجح به حتى الآن رغم اختراقات محدودة هنا وهناك".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

إسرائيل نتنياهو دول أفريقية الاتحاد الأفريقي