استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بشرى ترامب.. إسرائيل سترحل!

الاثنين 3 ديسمبر 2018 02:12 ص

ربما لم يدرك ترامب حين ادلى بتصريحاته الاخيرة عن أهمية السعودية لوجود (إسرائيل)، وسؤاله الصريح للراى العام الأمريكي، هل تريدون (إسرائيل) ان ترحل!

لم يدرك انه إنما أكد قناعة فلسطينية وعربية راسخة منذ عقود طويلة، لطالما نفاها وشكك فيها "الصهاينة اليهود والأمريكان والاوروبيون والعرب"، وهى ان الكيان الصهيونى إلى زوال ان عاجلا ام آجلا وأن فلسطين سيتم تحريرها من بحرها الى نهرها فى يوم من الأيام، نأمل ان يكون قريبا، وفقا لسنن ونواميس التاريخ التى لم تشذ أبدا وهى أن الاستعمار حتما الى زوال ولو بعد حين.

اعتراف أمريكي ومن اعلى مستوى ومن ارفع مسئول هناك، بان بقاء إسرائيل ووجودها مرهون ومرتبط بعوامل من خارجها وليس من عناصر القوة والاستقرار داخلها.

وهو على العكس تماما من كل ما مرت به الامم والقوميات والمجتمعات البشرية الطبيعية والمستقرة، اذ ان اختصاص الشعوب بأراضيها وأوطانها وقدرتها على الدفاع عنها ضد اطماع الجماعات والأمم والقبائل والقوميات الاخرى ونجاحها فى صد كل الغزوات العدوانية واحدة تلو الاخرى هو الذى يصنع الأمم، ويجعل العالم كله يعترف لشعب ما بانه المختص الوحيد بالارض التى يعيش عليها دونا عن غيره من الشعوب الأخرى.

وهو الأمر الذى حدث مع أمم كثيرة على مر التاريخ، من ضمنها الأمة العربية، التى بدأت فى التشكل والتكوين مع الفتح العربى الاسلامى، واستطاعت ان تحتضن وتصهر وتهضم كل الجماعات والأقوام والقبائل والشعوب التى كانت تعيش على هذه الارض من قبل.

ولكنها كانت عاجزة عن الاختصاص باوطانها بسبب عجزها عن الاستقلال عن الاحتلال الاجنبى القادم من اوروبا لما يقرب من ألف سنة متصلة، من أول الاسكندر الأكبر 332 ق.م وحتى نهاية الاستعمار البيزنطى 642 مثل الحالة فى مصر على سبيل المثال.

ومنذ ظهرت للوجود هذه الامة العربية الوليدة، عجزت كل الامم والدول والامبراطوريات الاستعمارية الاجنبية عن انتزاع هذه الارض الطيبة من الشعوب العربية على مر الاجيال، ففشلت الحملات الصليبية وهزمت وعادت من حيث أتت 1096-1291. وكذلك فشل الاحتلال الاوروبى للاقطار العربية ورحيله بعد اقل من قرنين من الزمان على بداية حملته الاستعمارية على ايدى نابليون بونابرت عام 1798.

بينما لا نزال حتى يومنا هذا نقاوم الحملة الاستعمارية الجديدة التى بدأت بعد الحرب العالمية الثانية والمتمثلة فى الاستعمار الأمريكي وقاعدته الاستراتيجية المسماة بإسرائيل، وسيفشلون ويرحلون كغيرهم وكاسلافهم باذن الله.

نعم نحن نعلم هذه الحقيقة علم اليقين، حقيقة زوال (إسرائيل) واسترداد فلسطين، ولكن هذه المرة شهد شاهد من اهلها. ولذلك فان شهادة ترامب لا تكمن قيمتها فى انها كشفت امرا جديدا أو مجهولا، وانما فى انها ترفع الغطاء وتسقط كل الحجج والذرائع عن حكامنا العرب وعن كل النظام الرسمى العربى الخاضع والمستسلم الذى يكذب ويدعى منذ سنوات طويلة بانه:

((لا قبل لنا بإسرائيل وانه لا معنى للتمسك الاحمق بعدم الاعتراف بشرعيتها فهى امر واقع شئنا ام ابينا وهى دولة عضو فى الامم المتحدة، تحظى باعتراف وعلاقات دبلوماسية مع غالبية دول العالم، وانه لا امل لنا فى مواجهتها والقضاء عليها وليس امامنا سوى الصلح والسلام معها، فمن ذا الذى يستطيع ان يقاتل امريكا)).

وهذه الجملة الاخيرة قالها صراحة الرئيس الراحل انور السادات بعد حرب 1973، ويكررها من بعده تلاميذه وخلفاؤه من الحكام العرب والمصريين (1979-2018).

وعودة الى ترامب ورغم كل العداء والكراهية اللذان يكنهما لنا ورغم كل اعتدائاته علينا وعلى حقوقنا ومقدساتنا، الا انه اعترف بما حاول اوباما واسلافه من رؤساء امريكا انكاره؛ اتتذكرون خطاب اوباما فى جامعة القاهرة فى الرابع من يونيو عام 2009 حين قال ان إسرائيل باقية لن تختفى ولن تزول، وعلى كل من يتصور غير ذلك ان يتخلى عن اوهامه.

ولم يكن ترامب هو اول من يقر بهذه الحقيقة من معسكر الاعداء، فهناك كثيرون اكدوها من قبله، ربما يكون اشهرهم هو الصهيونى الالمانى الاصل "أبراهام بورغ" الرئيس الاسبق للكنيست الإسرائيلى 1999-2003 وكان والده هو يوسف بورغ مؤسس حزب المفدال (الحزب القومى الدينى). ولقد قدم "بورغ" نصيحة الى كل يهودى يعيش فى (إسرائيل) بأن يسارع الى التزود بجواز سفر أجنبى استعدادا للرحيل، ولقد طبق هذه النصيحة بالفعل على نفسه، فحصل على جواز سفر فرنسى بجوار جوازه الإسرائيلى.

والامثلة كثيرة.

لم يكتفِ ترامب بما قاله فى سياق دفاعه عن السعودية وبن سلمان، بل كرر ذات المعنى فى تصريحات تالية لصحيفة الواشنطن بوست، حين قال بالنص:

«هل سنبقى فى تلك المنطقة؟ هناك سبب واحد للبقاء هو إسرائيل... النفط كسبب (للبقاء) تتضاءل اهميته، لان انتاجنا منه فى الوقت الحالى اكبر من اى وقت مضى».

وهو ما يعنى مرة اخرى ان وجود وبقاء الكيان الصهيونى المسمى بإسرائيل مرهون بوجود امريكا فى المنطقة، أى مرهون بعوامل وبموازين قوى وبترتيبات امنية موجودة خارجها وليس داخل كيانها الباطل والغريب والشاذ والعاجز عن الاندماج فى المنطقة والملفوظ من كل شعوبها.

  • محمد سيف الدولة - كاتب وناشط وباحث في الشأن الصهيوني

المصدر | محمد سيف الدولة

  كلمات مفتاحية

ترامب رحيل إسرائيل السعودية أمة عربية استعمار أمريكا