البيت الأبيض يواصل توريط نفسه من خلال قضية خاشقجي

الأربعاء 5 ديسمبر 2018 07:12 ص

كلما زادات إدارة "ترامب" من محاولتها لوضع قضية خاشقجي وراء ظهرها، أدت تلك الجهود أيضا فيما يبدو إلى نتائج عكسية، لتحافظ على بقاء قضية مقتل "خاشقجي" في الواجهة، وتقوي مطالب أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ، بضرورة اتخاذ إجراء ضد ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان".

يوم الثلاثاء، ونزولا على طلبات من جمهوريين مثل السيناتور "ليندسي غراهام" من ولاية كارولينا الجنوبية، أرسلت الإدارة الأمريكية، مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، "جينا هاسبل"؛ لإحاطة مجموعة مختارة من أعضاء مجلس الشيوخ من اللجان الرئيسية، بنتائج التحقيقات التي توصلت إليها الوكالة بقضية قتل "خاشقجي".

وعلى النقيض من تصريحات الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"  الذي قال ربما لا نعرف على الإطلاق إذا كان ولي العهد مذنبا، صرح العديد من أعضاء مجلس الشيوح أنهم بعد اطلاعهم على الإحاطة، أصبحوا أكثر يقينا واقتناعا من أي وقت مضي.

وقال "غراهام" للصحفيين: "لا يوجد دليل دامغ، هناك منشار دامغ" في إشارة لمنشار العظام الذي استخدم في عملية تقطيع جسد "خاشقجي" عندما تم أسره وتقييده داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأضاف: "ألا تصل إلى نتيجة مفادها أن هذا تم تدبيره وتنظيمه من قبل أشخاص تحت قيادة محمد بن سلمان فذلك يعني أنك تغض الطرف عمدا".

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور "بوب كوركر"، إنه الآن ليس لديه أدنى شك، بأن ولي العهد السعودي هو من أمر بتنفيذ اغتيال "خاشقجي".

الجمهوريون الآخرون الذين عارضوا فى الأسبوع الماضي، قرارا يلزم الرئيس بوقف الدعم الأمريكي للسعودية في حرب اليمن، أصبحوا الآن يغيرون موقفهم بعد الاطلاع على الإحاطة السرية لمديرة الاستخبارات الأمريكية.

وفي هذا الصدد، قال السيناتور الجمهوري "ريتشارد شيلبي"، إنه لا يستبعد دعم القرار في الوقت الحالي، عندما يأتي لعملية التصويت  النهائي، مضيفا:  "كل الدلائل تشير مجددا إلى ولي العهد".

وهكذا، في كل مرة يحاول فيها البيت الأبيض اعتبار المسألة منتهية، يبدو أن ذلك يؤدي فقط إلى إثارة القضية، كما يؤجج أيضا التأييد في الدفع بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب باليمن.

في الأسبوع الماضي، أرسلت الإدارة الأمريكية وزير الخارجية "مايك بومبيو" ووزير الدفاع "جيمس ماتيس"، لإحاطة مجلس الشيوخ، لكن "غراهام" وأعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، عبروا عن غضبهم من عدم استماعهم بشكل مباشر  إلى "هاسبل"، بينما تم تسريب نسخة محررة (غير حرفية) لتقييم الاستخبارات المركزية إلى وسائل الإعلام.

ومن المتوقع الآن أن يقدم  كل من "بومبيو" و"ماتيس" جلسة إحاطة إلى مجلس النواب بشأن اليمن والمملكة العربية السعودية، في 13 ديسمبر/كانون الأول، قبيل أن يتولى الديمقراطيون السيطرة على المجلس في يناير/كانون الثاني فى أعقاب مكاسب الحزب في انتخابات التجديد النصفي.

قرار البيت الأبيض، السماح لـ"هاسبل" بتلك الإحاطة لمجموعة مختارة من الأعضاء، قد عاد بنتائج عكسية مرة أخرى، حيث أثارت شهية مزيد من أعضاء مجلس الشيوخ لإحاطة خاصة بهم.

ففي وقت لاحق الثلاثاء، أصدر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ "تشاك شومر"، قال فيه إن الإحاطة عززت الحاجة إلى استجابة قوية لمقتل "خاشقجي"، ويتعين على "هاسبل" أن تطلع مجلس الشيوخ بالكامل بالإحاطة دون تأخير.

الخلاف العنيف، بين البيت الأبيض، والكونغرس، أثار مستويات جديدة من الدعم للقرار الذي يطالب بإنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب باليمن، وهي دفعة قد تؤدي إلى مواجهة غير مسبوقة حول سلطة الحكومة الأمريكية لشن الحرب.

وفي حين أن إدارة الرئيس "ترامب" ميزت مرارا وتكرار ما بين قتل "خاشقجي" وحرب اليمن، باعتبارها مسألة منفصلة، لكن المشرعين الأمريكيين يربطونهما معا، كمثال على أن التفويض الكامل بالدعم للسعودية، قد أضعف موقع الولايات المتحدة الأخلاقي.

واستغل المشرعون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جلسة الاستماع لمناقشة الترشيحات، الثلاثاء، والتي شملت "كريستوفر هينزل"، الدبلوماسى المحترف، الذي سيكون سفيرا لواشنطن في اليمن؛ للتنفيس عن غضبهم  من إدارة "ترامب"، بسبب علاقتها بالسعودية.

وقال السيناتور "تود يونغ"(جمهوري)، إن الإدارة بشكل واضح ومباشر  دمرت بسبب الرياض.

وأضاف "هينزل" أن الإدارة أدانت الإجراء وستواصل الضغط من أجل المساءلة.

وفي اليمن، حيث يحارب تحالف تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، تصاعدت الأمور إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويواجه فيها نحو 14 مليون شخص خطر المجاعة، وتقدر دراسات حديثة أن 85000 طفل دون سن الخامسة يموتون جوعا.

وواجه التحالف السعودي انتقادات شديدة لقصفه العشوائي الأهداف المدنية والبنية التحتية، رغم أن إدارة "ترامب" ترى أن الوضع كان سيصبح أسوأ بكثير دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتوفر الولايات المتحدة حاليا شحنات الأسلحة والدعم اللوجيستي بما فى ذلك الاستخبارات والمساعدة في تصويب الضربات للتحالف الذي تقوده السعودية ويضم الإمارات ودولا عربية أخرى، وقد بدأت تلك المساعدات  في ظل إدارة "أوباما".

ودعمت الإدارة الأمريكية بشكل علني، محادثات السلام التي تجري في السويد هذا الشهر بواسطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة "مارتن غريفيث" لوضع حد للنزاع.

وفي 28  نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوت مجلس الشيوخ بأغلبية 63 صوتا مقابل 37 لصالح قرار يدعو الولايات المتحدة إلى إنهاء تدخلها العسكري فى اليمن، ويستشهد القرار بقرار سلطات الحرب لعام 1973، الذي صدر في أعقاب حرب فيتنام، الذي يؤكد على دور الكونغرس في الإذن بالحرب، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من 50 عاما، لايزال هناك جدل حول ما إذا كان القرار دستوريا.

ويجب أن يتغلب القرار على العديد من العقبات قبل أن يتم تمريره، بسبب قواعد سرية في مجلس الشيوخ.

وقال مساعدو مجلس الشيوخ لـ"فورين بوليسي"، إن التصويت المقبل، هو إشارة إلى الانتقال إلى التصويت النهائي، وقد يأتي ذلك في وقت قريب من يوم الخميس، وإذا حدث تطور آخر، فإن أعضاء مجلس الشيوخ لديهم فرصة لمناقشة وإضافة تعديلات على القرار قبل التصويت.

السيناتور المستقل "بيرني ساندرز"، والسيناتور الديمقراطي "كريس ميرفي"، والسيناتور الجمهوري، "مايك لي"، الذين تصدروا للدفاع عن قرار إنهاء الحرب في اليمن لم يكونوا ضمن الحاضرين لإحاطة "هاسبل" أمس الثلاثاء.

المصدر | فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة اليمن الحرب فى اليمن مقتل خاشقجي مجلس الشيوخ دونالد ترامب محمد بن سلمان