مصر.. محاكمة عاجلة لفستان رانيا وحبس احتياطي مفتوح للمعارضين

الخميس 6 ديسمبر 2018 05:12 ص

بعد أقل من يومين على ظهورها بفستان عار في ختام مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الأربعين، قررت النيابة المصرية في تطور سريع، إحالة الممثلة "رانيا يوسف" إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، وحددت لها أولى جلسات المحاكمة في 12 يناير/كانون الثاني الجمقبل.

"فستان رانيا" أسعد حظا من آلاف المعتقلين الشباب على خلفية تهم سياسية، امتد حبسهم أعواما طويلة دون أحكام قضائية، ولم تجر إحالتهم للمحاكمات العاجلة أو الآجلة، ولا تزال حياتهم رهن مسمى "الحبس الاحتياطي"

وظهرت "رانيا يوسف" في ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بفستان مكشوف من الخلف، أثار غضبا واسعا، واعتبره مصريون لباسا فاضحا، وتقدم عدد من المحامين ببلاغ ضد"رانيا يوسف" يتهمها بالتحريض على الفجر والفسوق.

وحددت النيابة المصرية موعد أولى جلسات محاكمة "رانيا"؛ في 12 يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك بتهمة ارتكاب "الفعل الفاضح"، موجهة إليها اتهامات "الفعل العلني الفاضح والتحريض على الفسق والفجور وإغراء القصر ونشر الرذيلة التي تخالف الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع المصري"، بحسب "المصري اليوم".

جاءت تلك التحركات، رغم إصدار الفنانة بيانا تعتذر فيه، كما ألقت باللوم على "قماش بطانة الفستان التي ارتفعت من الخلف" كما اتهمت المصورين بأنهم تعمدوا تصويرها من زاوية معينة، لتظهر بهذا الشكل، على حد قولها.

ورغم دفاع البعض عن "رانيا" أمام تيار الاستنكار لفعلتها، فإن "رانيا" التي لم تقض يوما واحدا بالحبس، وحظيت بمحاكمة سريعة بعد أقل من أسبوعين من البلاغ، تعد محظوظة بالنظر إلى معتقلين سياسيين تجاوزوا عامهم الثالث في السجن تحت مسمى "حبس احتياطي".

"دياب" أقل حظا

المحاكمة العاجلة تكررت أيضا في واقعة المدرس المصري، "سامي دياب"، بمدينة دمياط (شمال)، والذي عرفت قضيته على نطاق واسع بقضية التنمر ضد التلميذة السمراء بسملة، أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

"دياب" الذي وصلت قضيته إلى النيابة بعد انتشارها إعلاميا بيومين، جرى تحديد محاكمة عاجلة له في 2 ديسمبر/كانون الأول، وقررت المحكمة في تلك الجلسة إخلاء سبيله وحجزها للحكم في 23 ديسمبر/كانون الأول، أي بعد أقل من شهر من الواقعة.

ووفقا لتلك التواريخ، فقد كان "دياب" أقل حظا من "رانيا"، حيث أمضى 4 أيام في الحبس، لكنه رغم ذلك بنظر كثيرين من المعتقلين أعواما طويلة، سعيد الحظ

ستينية في الحبس

في الشهر ذاته الذي شهد إثارة قضية "رانيا يوسف"، (نوفمبر/تشرين الثاني)، جرى عرض عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) السابق، "هدى عبدالمنعم" على النيابة بعد فترة اختفاء قسري إثر اعتقالها من منزلها، ووجهت لها النيابة تهمة التحريض على ضرب الاقتصاد الوطني والانضمام لجماعة إرهابية، في قضية عرفت إعلاميا باسم "التنظيم الحقوقي".

"هدى عبدالمنعم" (في الستينيات) عضو التنسيقية المصرية لحقوق الإنسان، لم يحدث اعتقالها وعرضها على النيابة الزخم ذاته، كما أن اختفاءها القسري لم يكن له دوي شعبي كذلك الذي صنعه "فستان رانيا"، ولم تحدد لها أي جلسات عاجلة للمحاكمة، كما أن أهلها لم يكن لهم حق زيارتها.

ابنتها "جهاد خالد" قارنت بين "فستان رانيا" واعتقال كثيرين لم تجر لهم المحاكمات العاجلة ذاتها، رغم أنهم قيد الحبس لمدد طويلة، وفي ظروف صحية ونفسية أسوأ، ويواجهون اتهامات أبشع.

 

 

4 أعوام ولا محاكمة

"منار الطنطاوي"، زوجة الصحفي المصري والباحث، "هشام جعفر"، عبرت عن شعورها بالغضب من حملات تضامن البعض مع "فستان رانيا"، في الوقت الذي لم تجد فيها دعما كافيا عندما طالبت بدخول سرير لزوجها الذي شارف على إتمام عامه الرابع في السجن دون محاكمة.

"هشام" لم يحظ بأي محاكمة (عاجلة أو آجلة) طيلة سنوات حبسه الممتدة، ورغم معاناته من عدد من الأمراض، وتفاقم حالته الصحية داخل السجن، وفقدانه إحدى عينيه، فإن كل ذلك لم يشفع له في محاكمة أو إخلاء سبيل أو رعاية صحية جيدة.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2015، اعتقلت قوات الأمن المصرية، "هشام جعفر" من منزله، ووجهت له تهما بتلقي تمويل أجنبي والانضمام لجماعة إرهابية، لكنه نفى تلك الاتهامات بشدة، وقالت زوجته إن التحقيقات لم تواجهه بأي دليل على ما ذكر.

ومنذ ذلك الحين، قررت النيابة تمديد حبسه تباعا، رغم النداءات الحقوقية، والاستغاثات الإنسانية، بالنظر إلى حالته الصحية المتراجعة، وحقه القانوني في الحرية والرعاية الصحية.

وتتساءل زوجته عن المدى الزمني المفتوح للحبس الاحتياطي دون محاكمة وافتقاد الحقوق في صفحتها على "فيسبوك" قائلة: "إيه ذنبه حتى لا يتم إسعافه أو يدخل له سرير أو ياخد علاجه؟ إيه المشكلة؟ ده الجواسيس كنا بنقرأ أنهم يتمعتون بحقوقهم كمسجونين.. إحنا ليه مش بناخد حقنا في العدل والعلاج.. لو كانت وشاية من حد زي ما اتقال لي ما خلاص خلصت ده احنا داخلين فى 4 سنين وممكن تتاكدوا بكل وسائلكم أنه مظلوم وأننا عيلة مسالمة جدا".

 

 

ويعد تمديد حبس "جعفر" مخالفا لقانون الحبس الاحتياطي المصري الذي يحددها بعامين فقط، وهي مدة كبيرة مقارنة بمتوسط المدد العالمية التي تقصرها على 6 أشهر كحد أقصى وتضع لها شروطا تحد منها وتقيدها، لكنه رغم ذلك تخالف النيابة ذلك القانون بشكل ممنهج.

ليس الوحيد

لكن "جعفر" ليس الوحيد الذي طالت فترات حبسه الاحتياطي، فقد سبقه كثيرون أمضوا أعواما في الحبس الاحتياطي، ثم جرى إخلاء سبيلهم دون محاكمة.

وإلى جانب هؤلاء، فإن بعض السياسيين أحيلت أوراقهم إلى المحاكمات قبيل انقضاء العامين، ليمتد حبسهم على ذمة المحاكمات، ثم حصلوا على البراءة أخيرا بعد 4 سنوات أو أكثر من الحبس، بينهم المحاكمون في القضية المعروفة إعلامية بـ"مسجد الفتح"، وقضية "بلادي جزيرة الإنسانية"، وغيرها من القضايا التي انتهت بالبراءة لمتهمين قضوا أعواما بين الحبس الاحتياطي والمحاكمة.

وسبق أن قدرت منظمات حقوقية عدد المعتقلين السياسيين في مصر بما يتراوح بين 60 و80 ألفا، وسط تفاوتات في الأرقام التقديرية، لكن النظام المصري يرفض الإعلان عن أعداد دقيقة لعدد أولئك المعتقلين، ويتمسك بأنهم معتقلون على ذمة قضايا جنائية لا علاقة للسياسة بها.

وينص قانون الحبس الاحتياطي المصري على أنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على 3 أشهر في مواد الجنح، ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، وأوجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال 5 أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة.

وإذا كانت التهم المنسوبة إلى المتهم جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على 5 أشهر، إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بالحبس أو التدابير مدة لا تزيد على 45 يوما قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير على حسب الأحوال.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز 6 أشهر في الجنح، و18 شهرا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.

  كلمات مفتاحية

فستان رانيا رانيا يوسف سامي دياب هشام جعفر الحبس الاحتياطي حبس احتياطي هدى عبدالمنعم محاكمة عاجلة

العفو الدولية تطالب مصر بالإفراج عن الحقوقية هدى عبدالمنعم